المقالات

الهلال الشيعي ...ليس بديلا عن خسوف القمر؟


( بقلم : علي الخياط )

 تولى محمد رضا بهلوي ( شاه ايران) مملكة ايران عام 1953 اثر (انقلاب ابيض) اعد له في مطابخ (السي اي ايه) وتم ازاحة رئيس الوزارء المنتخب محمد صادق الذي ليس لديه ولاء (لامريكا) ،تزوج (الشاه) شقيقة فاروق الاول (فوزية). فترة حكمه اتسمت بالقسوة والاستبداد ، وكذلك بالانحلال الخلقي والبذخ ، وعلاقاته (العاطفية)المتقلبة وارتباطه الشديد بـ الممثلة(فرح ديبا)، اقام الشاه (حفلة القرن) في العاصمة الفارسية القديمة (بير سبوليس) ، كان الاحتفال اسطوريا ، من خلال الاسماء اللامعة التي حضرت الحفل ، ومن مظاهر الترف والرفاهية الطاغي على الحفل و في كل شيء .

لم يلتفت احد من المراقبين والباحثين في الشأن (الايراني)، من الادارة الامريكية التي توفر الدعم المالي والعسكري واللوجستي الى شاه ايران ، عند انفجار الشارع الايراني، ورد السلطة(العنيف) ضد الحركات المحتجة على الحكم، على الرغم من ان اغلب حشود المتظاهرين- ائنذاك- ضد الشاه قد قمعت مسيراتهم الاحتجاجية بالقوة ، حتى وصل عدد القتلى في احدى المظاهرات السلمية الى 900 شخص، قمع الشاه خصومه بوحشية وقسوة ،

وكان الشاه قد حصل على الضوء الأخضر من وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، لإضعاف سياسات منظمة الأوبك في تصدير وبيع النفط على المستوى العالمي، كون إيران عضوا رئيسيا في المنظمة، وفي عام 1972 كان الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون، قد عرض عقيدته السياسية ونظرته في التعامل مع التحديات التي كانت تواجه الولايات المتحدة بعد الهزيمة النكراء في فيتنام، تعتمد على الاقتناع التام من قبل واشنطن أنها لن تكون قادرة - مباشرة -على مواجهة جميع أنواع التمرد والتخريب ضد مصالحها الحيوية في العالم، وبدأ نيكسون في تعزيز نظرته هذه بالتعاون والتنسيق العالميين من خلال إقامة وفرض نماذج عملية مثل نموذج (الحارس) وبالتالي، ليس هناك أفضل حارس بوابة وأكثر أهمية من الممثل الأمريكي في الخليج ، ومع مرور الوقت وصمود الثائرين المطالبين بالتغيير بدأت قبضته الحديدية(الشاه) على مجريات الحكم بالتراخي ، وزمام الامور يفلت منه تدريجيا دون ان يعلم ، لانشغاله باللهو والاسراف وفي غفلة من الشاه ومن حماته الامريكان، استطاعت الثورة الاسلامية في ايران من وضع حدا لحكم (الشاه) ،فاضطر الى الهرب الى المنفى ، حيث اقام في القاهرة بناء على دعوة الرئيس المصري (انور السادات) ، الى ان مات متأثرا بدائه العضال ، وحينها فقدت الولايات المتحدة الامريكية احد ابرز (حرسها) ومرتكزاتها في المنطقة، ان انتصار الثورة الاسلامية على الطاغوت والاستكبار ارعب الحكومات العربية المجاورة والغرب،

وكان لقائد الثورة الامام الخميني (قدس سره) الاثر الكبير في فضح دعاة الحرية والديمقراطية ، المختبئين خلف ستار السيطرة والعبودية للشعوب ، ومنذ البداية حث الامام على التنبه والحذر مما يحاك للامة الاسلامية من المكائد والفتن والفرقة حين وجه خطابه الى الامة الاسلامية (نحن جميعا اتباع القران والرسول الاكرم ، اننا جميعا اخوة لنا قبلة واحدة ودين واحد ، وقران واحد ، ارجو ان يتأخى المسلمون وكل الشعوب الاسلامية اتباعا لاوامر الاسلام والقران المجيد ، ويتعاملون مع اعداء الانسانية بشدة ومع الاخطاء الاسلامية بمبدأ الاخوة وهذا لا يتحقق الا برفع الخلافات الجزئية القائمة بين الحكومات ويعيشوا كما يعيش الاخوة))...

هذا النداء ارعب القوى الاستعمارية والغربية ، والغرب يعول على محاربة الوحدة الاسلامية، وعده هدفا اساسيا لسيطرة الغرب على مقدرات العالم الاسلامي ، المليء بالثروات النفطية ، والبشرية ، فكان لزاما على اميركا ان تحاول وقف الثورة الاسلامية الايرانية، قبل ان يتحقق ما تصبوا اليه (في وحدة المسلمين) وتداعب الشعوب الاسلامية(لاحقا) في طرد المحتل الاسرائيلي وتحرير فلسطين والاراضي العربية الاخرى ، وتخليص الشعوب من الحكام ( المستعبدين ).

احس معظم قادة العرب بالخطر القادم من ايران ،وكذلك بالخوف على كراسيهم التي تحميها امريكا ، والغرب والتشتت الاسلامي للشعوب، وهذا ما حدث حين تطوع المقبور صدام بالحرب نيابة عن اسياده الامريكان ، وخاض حرب الثمان سنوات في محاولة لاضعاف الثورة الاسلامية في ايران ، الا ان الثورة استمرت رغم الحصار الاقتصادي الذي ضرب على ايران والماكنة الاعلامية العربية والغربية التي مجدت النظام وصورت له الانتصارات ، ذهب ضحية الحرب ملايين المسلمين من الطرفين،وخسارة مالية كبيرة ارهقت الطرفين،خرج العراق من الحرب بديون لا اول لها ولا اخر ، نتيجة استيراد الغذاء والدواء والسلاح(لمحرقة الحرب)

وهنا برزت الطامة الاخرى حين اجتاح (المقبور صدام ) الجارة الكويت نتيجة خلافات على الديون الكويتية على العراق وابار النفط المشتركة بين الحدود، والتي اتخذها صدام ذريعة لغزو الكويت ، وهنا ظهرت (الهدية) التي كانت تخطط لها امريكا منذ عشرات السنين وعلى طبق من ذهب من المقبور صدام الى اميركا ، وهو التدخل في الخليج وكذلك في ( النفط ) وهذا ما كان سيحصل (على الاقل)في الوقت الحاضر ، لولا رعونة النظام البعثي وتهوره المستمر في قمع شعبه وحروبه مع دول الجوار، مما ادى الى احتراق اخر اوراقه لدى امريكا بعد ان نفذ (اكثر) مما تصبوا اليه وتتخيله ،لم تثن الحرب ايران من الاستمرار في نهجها الذي رسم لها مؤسس الثورة ، وهذا ما اثار حفيظة الغرب ، واعتباره تهديدا للسلم العالمي ولاسرائيل خاصة ، واتخذت من التطور (النووي) ذريعة لتشكيل لوبي ضدها بحجة تهديد الامن العالمي (لاسرائيل) وامتثالا للامبريالية الامريكية اتجهت الحكومات العربية للعزف على نفس النغمة التي تطبل لها امريكا ، فلا عجب ان قادت امريكا او اسرائيل او الدول الاوربية الاخرى حملة ضد ايران،لشكوكهم ضد النوايا الايرانية بشأن برنامجها النووي وقدرة ايران العسكرية المتنامية والتي تعتبر تهديدا لاسرائيل المدللة ، ولكن الغريب ان تقود الحكومات العربية متمثلة بالقيادة المصرية والسعودية وبعض (الاذيال) الحملة ضد ايران، وتحت حجج واهية منها ان لدى ايران اطماعا في المنطقة العربية او اقامة امبراطورية شيعية او صفوية او مهما كان اسمها في المنطقة، وهنا تحول العرب وقضيتهم الى اعداء لايران تاركين خلفهم(الاهم) الشعب الفلسطيني وحيدا بعد ان استلموا الثمن كاملا من اليهود عن الاراضي الفلسطينية، وشعبها المسكين ، ان المتابع لحركة القادة العرب يجد ان بعد كل ازمة بين امريكا وايران ، هناك تحرك اخر وبالاخص من الحكومتين المصرية والسعودية للتشنيع على ايران و الشيعة عموما ، وهذا ما جعل الاعلام السعودي والمصري يسلط الضوء على احداث البقيع التي حصلت وقمع حينها الزوار الشيعة(بحجة ان الاحداث مفتعلة من قبل ايران) والحدث الاخر التفجير التي حصل في القاهرة في حي الحسين ، وترابط الحادثتين مع التهويلات التي حصلت بتهديد ايران للبحرين ، وتم التصعيد الاخير على اساس طائفي بغيض ،فملك المغرب قطع العلاقات مع ايران بحجة تهديدها للبحرين وتدخلها في الشؤون المغربية ،مع العلم ان البحرين مازالت تملك علاقات جيدة مع ايران ،وكان الاولى من الملك الغيور ان يقطع العلاقات مع اسرائيل، حين نفذت حكم الاعدام بالشعب الفلسطيني في غزة، ولو سألنا اي شخص محايد ومنصف وصادق مع الله ونفسه ، ماذا لو كانت الحكومة في ايران ليست شيعية ، هل يحصل مثل هذا العداء السافر من قبل الاعراب وتكوين اللوبيات المعادية ضدها ، وماذا لو .. اسئلة كثيرة بحاجة الى اجابة ؟.

وما حصل اخيرا في غزة خير شاهد على تواطؤ الاعراب مع اليهود الانجاس حين حوصرت غزة من قبل (المصريين) ومنعوا دخول المساعدات الطبية والغذائية ، كل ذلك من اجل ان يبقى حسني مبارك ليؤكد بأنه ما زال العميل رقم (1) لاخوانه اليهود ،ومن ناحية اخرى ما زال الغاز يصدر من ارض الكنانة الى اسرائيل بأبخس الاثمان ، ويمنع عن المواطنين في فلسطين رغم المأسي التي مر بها، واستمرار الضغط العربي على (حماس)من اجل التنازل لصالح المبادرة العربية التي هي في صالح اسرائيل اصلا ؟

ان سلامة اسرائيل من اولويات الحكومات العربية التي تتفانى في تحقيقها ، وربما بقاء اسرائيل مرتبط بأرتباطات بقاء معظم الحكام العرب الموالين لاسرائيل في السر والعلن ، ان العالم العربي والغربي سد اذنيه حين ابيد الشعب العربي في غزة في هجوم متوالي لعدة ايام استخدمت فيه ابشع انواع الاسلحة، وخيم على الحكام العرب الصمت والسكون امام وحشية اليهود وقتلهم للاطفال والنساء والشيوخ دون رحمة او وازع اخلاقي، وكان الاجدى من حكام السعودية راعية العرب كما تدعي ، ان لا تأجج الخلافات بين العرب وايران ، وان ترعى المصالحة الاسلامية من اجل بناء الاسلام وتحرير ارض المسلمين ،وترك الشحن الطائفي المستمر و مشاعر الغيظ، التي لابد أن تعبر عن نفسها في صور من الحقد والتعدي على المسلمين الشيعة، وهذا هو ما حصل بالفعل في البقيع وفي ساحات الحرم في الأيام القليلة الماضية وما حصل من أحداث أخرى مشابهة في البقيع في سنوات مضت وفي مواسم الحج و حوادث متكررة رصدها التاريخ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عراقي للابد
2009-03-10
الى كاتب المقال وصاحب التعليق رقم واحد يجب ان تتذكروا ما الذي جناه العراقيون من ايران وغير ايران عربان وامريكان يجب ان نوكز على مصالح العراق العليا وانا واثق تماما ان ايران لديها ما يكفي من الساسة ليدافعوا عنها خصوصا ان الحكومة الايرانية ترفض اعادة رسيم الحدود مع العراق ولا زالت متمسكة باتفاق الشاه-صدام سيء الصيت
Zaid Mughir
2009-03-09
في أي بلد غربي ..حينما ترى ايراني ومصري مثلا في آن واحد وأنظر كيف يقدر الأيراني وما هي الأسئلة التي توجه اليه , كلها علمية ويكن له كل تقدير وأحترام ..أما المصري فأنه يسأل عن شارع الهرم والرقص الشرقي والنشالة وكيف يغشون السياح ..فأذا أراد أن يتحرش حسوني مبارك وأقزام العرب بأيران ليعلموا انها نهايتهم , لقد صمدت أيران وانتصرت على العالم في قادسية بطيحان مع انها كانت ثورة اسلامية جديدة العهد وأثبتت قوتها ولولا السلاح الكيمياوي وقصف الطائرات العراقية والغير عراقية للمدنيين الأيرانيين لكان كلام آخر
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك