( بقلم : ناهدة التميمي )
هي في العشرينات من عمرها .. تزوجته بعد قصة حب عاصفة لوجود خلافات بين العائلتين ... كان شابا كالقمر ليس لديه ميول سياسية اريحي ويبتسم للنسيم ان مر عليه ذكيا شغولا محبا لعائلته راعيا لهم .. حاول الخروج من العراق الى مصر او الاردن هربا من احداث العنف في حينها ولكنه لم يمنح فيزا دخول .. تخرج من معهد تكنولوجيا .. وحاله حال مئات الاف من شباب العراق الخريجين في هذا الزمن الصعب لم يجد عملا حكوميا .. رزق منها بولد وبنت .. سكنوا احدى العمارات السكنية في ديالى ولانه لم يجد عملا حكوميا فقد استاجر محلا صغيرا تحت سكنه يعتاش منه وعائلته الصغيرة ضمن اختصاصة الميكانيك ..كانت احداث العنف على اشدها في ديالى والقاعدة تعصف بالمحافظة عصفا تخريبيا هائلا وتحاول ان تقتل كل شيء يدب فيه الحياة وتمنع اي انسان ان يذهب لعمله في محاولة واضحة لشل الحياه وايقاف عجلتها الدائرة وعرقلة عمل الدولة .. كانت هذه المراة الشابة تخشى عليه من هذه الاحداث .. تنظر اليه بين الحين والحين من شرفة شقتها لترى ان كان بخير خشية عليه .. في هذه الاثناء انجبت طفلتها الثالثة وكانت نفساء عندما سمعت دويا مرعبا وجلبة وانفجار هز اركان العمارة التي تسكنها وتداعت له كل الاثاث في منزلها.. هرولت الى شرفة شقتها لترى ماذا حصل... وكانت الفاجعة المؤلمة وجدته مسجى على الارض محترقا وقد طارت ذراعه من الانفجار .. انه الارهاب والقاعدة اللعينة دخلت عليه المحل الصغير وفجرت المحل واحرقته عليه دون ذنب الا انه يريد الحياة لعائلته وقتل في الانفجار .. لم تستطع تحمل المشهد العظيم سقطت على الارض مغشيا عليها .. شلت ولم تستطع بعد ذلك ان تنهض ابدا .
هذه المرأة الثكلى تعيش اليوم مأساة ما بعدها ماساة .. اذ انها لاتستطيع العناية بصغارها وحيدة وهي مشلولة .. وهي تبقى احيانا يوم او يومين دون ان ياكلوا شيئا ليس بسبب المال لكن لان احد لم يمر بهم او يطبخ لهم شيئا لان اهلها في بغداد واهله قضى معظمهم في احداث العنف والباقي يسكن بعيدا .. الناس من اهل المروءة يمرون بها احيانا ليطبخوا لها شيئا او يتبضعوا لها بعض الاشياء المهمة ا.. او يحمموها او يحمموا الاطفال .. وان لم يمر بهم احد يجوعون ويتسخون و يبقى البيت مقلوبا ..
ليس هناك في العراق من رعاية اجتماعية كما في الغرب لتعتني بمثل هذه الحالات او توفر العلاج لها او الرعاية لاطفالها الصغار .. ليتنا نتعلم من الغرب كيف يعتنون بالمريض او المعوق او الطفل القاصر الذي لايستطيع الاهل العناية به ورعايته .. هذا نموذج من كثير من نسائنا العراقيات اللواتي عانين ومازلن يعانين من هموم كثيرة لاتعد ولاتحصى في بلد الخيرات والنفط والمياه والمعادن والاضرحة والموارد الكثيرة.
https://telegram.me/buratha