ميثم المبرقع
قد تحتكم احياناً الشعوب الفاقدة الى النظام العام والحكومة الى منطق القوة لحل خلافاتها ومشاكلها وهو ما يحصل عادة في الدول التي تحتدم فيها الحرب الاهلية. وهذا المنطق بحد ذاته هو منطق الغاب يأكل القوي الضعيف وتتأكد اخلاقيات القوة والشقاوة والاستهتار وهذه المظاهر هي من مرتكزات الشعوب المتخلفة التي لا تعرف النظام او القانون. القوة وحدها لا تحل مشكلة الا لمواجهة قوة مماثلة تريد فرض اجندتها عن طريق القهر والتهديد والاكراه.واما في النظم المستقرة والمتحضرة فان الحاكم والمرجع الاكبر في حل الخلافات والازمات هو الدستور ولا احد يعلو على الدستور او يكون فوق القانون.
كنا نعاني من الحقبة الماضية بغياب الدستور والقانون والنظام وكل ما يختزله الواقع العراقي في شخصية الحاكم هو ما يخطه بيده ويصبح قانوناً ملزماً للجميع. الدستور هو الوثيقة الوطنية لعقلنة الخلافات وترشيد التوجهات وتحديد الصلاحيات وليس ثمة من يكون حاكماً عليه مهما كان موقعه. الدستور هو الذي يصحح السلوك العام للحاكم والفرد وهو الموجه لكل التوجهات غير المنضبطة والطموحات التي تتجاوز الحدود اكثر مما ينبغي.لو تعارضت مصالح الفرد او الحاكم مع الدستور فان حق الدستور هو المقدم وهو الاطار الذي تذوب فيه كل التوجهات والاتجاهات ولا يمكن توظيف الدستور لمصالح فئوية او حزبية.
التعاطي مع الدستور بانتقائية وانانية هو الخطر الاكبر على الدستور فان تجزئة الدستور بالايمان ببعضه والكفر ببعضه الاخر هو ازدواجية مقيتة لا ترقى الى الواقع الجديد في العراق الجديد. التقرب من الدستور هو خط احمر لا يحق لاحد تجاوزه او القفز عليه ومن يحاول التلاعب بالدستور او الاحتيال على بنوده فانه سيدفع الثمن غالياً ولن يحصد سوى المرارة والهزيمة والخسران والتجربة المعاصرة اثبتت حقيقة ما نريد تاكيده.
قوة الدستور هي الحاكمة وليس دستور القوة التي جربنا تداعياتها في العهد البائد فان الاصوات الناشزة التي تطالب بتغيير الدستور وفق معطيات فئوية وحزبية قضية خطيرة لا يمكن السكوت عليها او التسامح فيها فان مجلس النواب الممثل الشرعي للشعب العراقي هو الذي يحق له التعديل الدستور وفق مصالح عليها تنسجم مع متطلبات المرحلة والتعديل بحد ذاته هو حق دستوري وليس مناقضاً لروح الدستور بينما من يريد تغيير او تعطيله فانه غارق في مستنقع الاوهام والاحلام. والمفارقة ان دعاة التغيير او التعطيل للدستور هو انفسهم قد وصلوا عن طريق الدستور والذي اتاح لهم حرية المطالبة بالتغيير.
https://telegram.me/buratha