( بقلم : علاء الموسوي )
من المؤكد ان أي تسريع في انجاز القوانين وتشريعها والبت فيها، يعتبر من الانجازات الكبيرة في أي دولة تنادي بالديمقراطية كشعار لها، وماحصل في مجلس النواب من مساع وجهود حثيثة في ترشيد الموازنة الاتحادية لهذا العام، يندرج ضمن تلك المنجزات الكبيرة في عراقنا اليوم. الا ان تخمين موازنة مالية بمقدار (67) مليار دولار، اقل من سابقتها في العام الماضي والتي كانت بواقع (79) مليار دولار، ومن ثم تخفيض تلك الموازنة مؤخرا لتصل الى (58) مليار دولار، يعطي مؤشرات تستحق الوقوف عندها وطرح بعض الاسئلة المشروعة في فضاء التحري والاستقصاء. مطالبة تخفيض (21) مليار دولار من موازنة دولة بحاجة الى اكثر من (400) مليار دولار لاعمار البلد وبناء بناه التحتية، يوحي بامرين لاثالث لهما:
الاول، ان هناك اموالا وضعت (في الموازنات السابقة) في غير محلها وصرفت في موارد لاتستند الى أي مصداق شرعي او قانوني.. ولعل مطالبة البعض بتخفيض المخصصات المالية الممنوحة لمؤسسات ودوائر غير دستورية وصلت الى اكثر من (15) مليار دولار، تؤكد بان هناك مبالغ تم البت بصرفها بمصاديق فردية خارج القانون والدستور، لاسيما تلك التي تتعلق بمايسمى بـ(المعونات الاجتماعية) والتي للاسف تم استغلالها لدواع انتخابية بعيدة عن النهج المؤسسي لدولة المواطن والمؤسسات.
الثاني، عملية ارجاع مبالغ ضخمة من موازنة المحافظات للعام الماضي، والاعتماد عليها كسياسة قائمة في الموازنة لهذا العام، عبر تخفيض النسب الممنوحة لها، يترك الكثير من التساؤلات حول اهلية وقدرة محافظي تلك الحكومات المحلية في صرف الموارد المالية في مواضعها المناسبة ضمن رؤية اقتصادية مبنية على الحاجة الفعلية لاهالي تلك المحافظات.
كل هذه الاشارات تجعل من تشخيص حالة الفساد الاداري في دوائر الدولة ينحصر في دواعي تخفيض الموازنة اولا واخرا.. ذلك لان وجود مداخل غير دستورية في هرمية التصرف باموال الدولة، فضلا عن تنصيب الشخص غير المناسب في الحكومات المحلية، يعتبر الاساس في تفشي ظاهرة الفساد الاداري والمالي في البلد. ولن يمكن السيطرة عليه الا بعد محاسبة تلك الجهات المبذرة لاموال الشعب والتحكم بمقدراته واستحقاقاته ووضع سياسة رقابية من قبل مجلس النواب في تقرير وانشاء الموازنات المقبلة للدولة العراقية الحديثة. الامر الذي سيساعد بشكل ناجع لمواجهة آفة الفساد المستشري في هرمية السلطة قبل غيرها من المؤسسات والدوائر الخدمية. ولن تكون هناك حاجة فعلية لطرح شعارات التخلص من ذلك الوباء، في حال تم طرح الدواء المناسب للقضاء عليه.
https://telegram.me/buratha