( بقلم : خضير حسين السعداوي )
نقلتني الذاكرة وأنا أقرا رائعة أبي القاسم ألشابي إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدرولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
نقلتني هذه القصيدة إلى ذلك اليوم الاذاري من العام 1991 المضمخ بالدم عندما لم يبق أمام هذا الشعب خيارا غير الكلاشنكوف فكان صهيلها يملا الميدان بإياد أمنت أن الشعب يريد الحياة وان أصفاد الجلادين لا يمكن أن تبقى إلى الأبد ، كان صباحا في مدينتي ليس ككل الصباحات كان هادئا جدا ولكن الناس في حالة ترقب وحركة سريعة للناس في الأسواق على خلفية الأخبار عبر الإذاعات العالمية وهي تنقل الهزيمة التي مني بها جيش الدكتاتور في الكويت .... وأنباء عن شرارة انتفاضة في حيانية فقراء البصرة بعد قذيفة دبابة أطلقها احد الجنود على صورة الدكتاتور في ساحة سعد في البصرة وأنباء عن تحرك لقوى المعارضة في الاهوار كان أبناء مدينتي كبقية مدن العراق تنتظر الفرصة المؤاتية للانقضاض على مراكز الأمن والحزب ودوائر التجانيد التي أذلت العراقيين ، في منتصف ذلك النهار كان هدوءا غير طبيعي يلف المدينة غير انه الهدوء الذي يسبق العاصفة
وما هي إلا ساعة واحدة وإذا ينقلب ذلك الهدوء إلى زلزال يهز المدينة من أقصاها إلى أقصاها بمظاهرات قد يكون قسما منها عفويا وقسم أخر اعد لها إعدادا منظما تتجه صوب الشعبة الحزبية في المدينة هتافات لم يتجرا احد أن يقولها مع نفسة قبل أيام واليوم أصبحت أغنية للثائرين (( الموت للدكتاتور ونظامه )) لقد حطم حاجز الخوف من النظام وهاهي الجماهير بأسلحتها المتوفرة تدك أوكار الجريمة بصرخات ( الله اكبر) وبهلاهل أمهاتنا اللواتي تلفعن بالسواد لفقد أحبتهن في السجون والمعتقلات ودوائر الأمن المرعبة ليصبح أعوان النظام بين قتيل وهارب ويمتطي الثوار صهوة الحكم بنشوة المنتصرين وقد حسم صوت الكلاشنكوف المعركة لصالح الجماهير بعد ذل ومعاناة وخوف ورعب وسجون ومعتقلات وحروب عبثية أحرقت الأخضر واليابس عندما أصيب النظام بالصمم من مطالب القوى الوطنية في حكم ديمقراطي وتوزيع عادل للثروة بين فئاة الشعب ، لقد شكلت انتفاضة آذار العام 1991 منعطفا تاريخيا أولا لأنها ثان ثورة شعبية بعد الثورة العراقية الكبرى العام 1920 وثانيا أنها استطاعت أن تثبت أن نظام البعث نظام من ورق وثالثا جاءت مصداقا لقصيدة ألشابي إذا الشعب يوما أراد الحياةوأخيرا أنها كسرت حاجز الخوف لدى الجماهير من النظام وبطشه ...
أنا اعتقد أن الانتفاضة كانت السبب الرئيسي لموت النظام سريريا منذ العام 1991وحتى سقوطه العام 2003 حيث انه وخلال هذه الفترة أصيبت قبضته الحديدية على المناطق الشمالية والجنوبية أصيبت بالشلل التام عندما أصبحت سيطرة النظام على هذه المناطق فقط في النهار أما في الليل فان هذه المناطق ساقطة عسكريارغم فشل الانتفاضة من الناحية العسكرية نتيجة تعقيدات الموقف الدولي من الانتفاضة إضافة إلى عدم وجود قيادة عسكرية موحدة تشرف ميدانيا على مقاومة هجمات النظام حيث سهل لهذا النظام أن يقضي على الثائرين منفردين كل مدينة على حدا كذلك تشتت المعارضة في الخارج وعدم بروز قيادة سياسية موحدة ذات خطاب وطني واحد يطمئن المحيط الدولي أن تغيير النظام يعني تخليص المنطقة من بؤرة للتوتر الإقليمي والعالمي كل هذه الأمور أدت أن يستعيد النظام أنفاسه ولو إلى حين ويقدم على جريمته في حق الشعب من بطش واعتقال ومقابر جماعية ،علينا أن نستذكر بفخر واعتزاز تلك الملحمة البطولية الرائعة لشعب عانى من الحرمان والجوع والقتل ليستفتي وبكافة فئاته أن عصر الطواغيت مهما تجبروا فهو إلى زوال وما نعيش به ألان من الحرية ما هو إلا ثمن لدماء أولئك الثوار الذين تحدوا بصدورهم رصاص النظام المجرم وعبدوا طريق الحرية وخطوا أن الشعب أقوى من الطغاة وان تجبروا ......
خضير حسين السعداوي
https://telegram.me/buratha