المصدر : نهرين نت
سجل فوز حزب الدعوة في انتخابات مجالس المحافظات، وحصول قائمتهم التي حملت اسم " ائتلاف دولة القانون " على نسب متميزة من الاصوات في معظم المحافظات، تجاوزت حصة المجلس الاعلى الشريك الاكبر في الائتلاف العراقي من هذه الاصوات في هذه الانتخابات، ظاهرة لفتت انتباه المراقبين والسياسيين العراقيين . وهذا الفوز اتفق المراقبون على وصفه بانه ليس بالضرورة ان يكون حصادا طبيعيا لاصوات الناخبين ، جناه حزب الدعوة !! وانما هناك جملة عوامل اساسية افرزت هذا التمايز وجعلت من حزب الدعوة وهو الشريك الاصغر في " الائتلاف العراقي " ذا باع اطول ونفوذ اوسع في مجالس المحافظات الجديدة ، طغى على نفوذ وحصة المجلس الاعلى في هذه المجالس . فما الذي حدث ..؟! وما هي العوامل التي ساهمت في هذا التغيير ، وهل ان ماحصلت عليه قائمة " ائتلاف دولة القانون " من اصوات هي حقها الطبيعي المتناسب مع حجمها ام انها " غنمت " حصص الاخرين وتوسلت بامكانات غير امكاناتها.؟
ان المختصين بالشان العراقي يتفقون على ان العوامل التي غيرت معادلة حزب الدعوة ومعادلة المالكي بالذات في هذه الانتخابات، بشكل حقق له هذا الفوز ، جاء نتيجة عدة عوامل :
اولا- ان نسبة كبيرة من اصوات الاجهزة الامنية ومنتسبي الدوائر المرتيطة بها ، كانت تصب لمصلحة قائمة المالكي ، حتى ان التقديرات الاولية تشير الى ان قائمة دولة القانون حصدت اكثر من 75 بالمائة من اصوات منتسبي الاجهزة الامنية ، والسبب ان معظمهم يدرك انه يصوت لـلحكومة ولرئيس الوزراء بالذات، الذي بيده اوامر التعيين والترفيع والنقل والتثبيت واسناد المواقع لهم ، ويستدل هؤلاء المراقبون على ذلك بذكر مثال على هذا التوجه للناخب " الامني " للتصويت لهذه القائمة ، ويشيرون الى ن لواء الطوارئ في كربلاء ، الذي يضم عدة الاف والذي يتزعمه احد المؤيدين للمالكي والذي يحوز على دعمه ورضاه ويسمى الرائد علي ، امر منتسبيه للتصويت للقائمة من خلال التصويت لشقيقه السيد عباس الموسوي الذي حظى بسمعة طيبة لدى الاجهزة الامنية كونه ساهم في تعيين المئات منهم في هذه الاجهزة . ونفس الامر تمت ملاحظته في تصويت منتسبي الاجهزة الامنية في بغداد والبصرة وواسط وميسان.
ثانيا – تدخل رئيس الوزراء نوري المالكي شخصيا وبقوة في التسويق لقائمة " اتئلاف دولة القانون " وهذا التدخل ساهم في التاثير على العشرات من زعماء ورؤساء العشائر ، حيث التقى بهم المالكي شخصيا وعقد أكثر من 13 لقاء موسعا معهم ، وبذل لهم الوعود ونفذ لهم المطالب . وعززت هذه اللقاءات القناعة لدى هؤلاء بانهم يتحالفون مع " القوة " ومع " الحكومة " بل ومع " راس السلطة " وهذا الشعور له تداعياته النفسية الايجابية لصالح قائمة دولة القانون .
ثالثا – ان تدخل رئيس الوزراء في التسويق الاعلامي لقائمته ، ادى الى تسخير موارد الدولة كلها لهذا التسويق ، فاستخدام مئات سيارات قافلة رئيس الوزراء والحماية الخاصة اثناء تحركه لمهرجاناته الخطابية، واستخدام الطائرات للانتقال الى المحافظات ، واعداد الوفود العشائرية والوفود الثقافية والسياسية والنسوية وارسالها من المحافظات للقاء رئيس الوزراء في مقر اقامته بالمنطقة الخضراء ، كل هذه التحركات، كلفت ميزانية الدولة ، الملايين من الدولارات ، وهذا تجاوز قانوني فاضح للضوابط والنصوص القانونية التي تحرم الافادة من المال العام في قضايا شخصية او قضايا ودعايات حزبية او انتخابية، فكيف للتسويق لقائمة انتخابية لحزب امينه العام ، يتولى اعلى منصب تنفيذي في الدولة ؟!
رابعا- تسخير قنوات شبكة الاعلام العراقي لتغطية نشاطات الدعاية الانتخابية لقائمة دولة القانون ، مما شكل خرقا فاضحا للقانون ، بل وان بعض اللقاءات لرئيس الوزراء كانت دعاية انتخابية محضة لقائمة دولة القانون، يحاسب عليها القانون وخاصة المهرجان العشائري والجماهيري في قضاء الهندية في الشهر الماضي الذي ظهر جميع مرشحي القائمة على شاشة العراقية بحضور رئيس الوزراء وقدموا انفسهم للملايين من العراقيين من خلال قناة العراقية . وهذه التغطية الاعلامية من قناة شبه رسمية ممولة من ميزانية الدولة وهو من المال العام طبعا ، لايشكل فقط خرقا فاضحا ، بل يوفر الاسباب الموضوعية لمقاضاة المتسببين بالافادة من المال العام لقضايا حزبية وقضايا شخصية ، بل والافادة منها في تنافس انتخابي على حساب الاف المرشحين الذين لم تتح لهم ولا واحد بالمائة من هذه الفرص التي اتيحت لرئيس الوزراء والتغطية الاعلامية التي رافقت كل مسارات التسويق الانتخابي للقائمة . وقد اقر احد المسؤولين الكبار في مفوضية الانتخابات بهذا الخرق ، ولكنه اشار الى ان اي من المنتقدين لهذا الاستخدام غير القانوني لامكانات الدولة ، لم يتقدم احد باية شكوى كتابية ضد رئيس الوزراء بشانه ، حتى من الذين انتقدوا هذا التصرف وادانوه.
رابعا- رصد ظاهرة خطيرة ، وهي بذل الاموال والهبات مثل سيارت البيك " دبل قمارة " وغيرها لمفاتيح انتخابية جماهيرية وسياسية وعشائرية ، وظهر عشرات الاشخاص وهم يقودون هذه السيارات في مناطقهم ،وعندما سئلوا عن مصدرها قالوا انها هدية من " مسؤول كبير " وذكروا اسمه بالفعل .
وذكرت تقارير خبرية – لم يؤكدها محايدون - ان ملايين الدولارات اعطيت لوسائل اعلامية للتسويق للقائمة ، بل ان هذه القنوات تبرعت بدور اكبر من التاييد ، فمارست تشويها اعلاميا صارخا لمنافسي قائمة دولة القانون ، حتى ان قائمة شهيد المحراب ، نالت نصيبا كبيرا من هذا التشويه الاعلامي لمواقفها ولاشخاصها المرشحين ، كما فعلت قناة الشرقية في حملتها الاعلامية التي خالفت الاصول الاعلامية بل وخالفت حتى اللوائح والنصوص القانونية في العمل الاعلامي .
خامسا – انتشار حملة شرسة في تشويه مواقف " قائمة شهيد المحراب " تجاوزت بعض الحقائق من التقصير والاستئثار الذي تسببت يها شخصيات محسوبة على المجلس الاعلى ، لتصور المجلس الاعلى وكانه "عدو للشعب" وخاصة للطبقة المحرومة والكادحة !! والذي الهب هذه الحملة نارا وانتشارا ، مساهمة اعوان النظام البائد وقوائم سنية طائفية ، وقوى مدعومة بمال سياسي ضخم مدفوع داخليا وخارجيا ، حتى بات المراقب يلحظ وبسهولة ،ان الجو العام الشعبي بات يتحدث بشكل سلبي واحيانا ظالم ضد المجلس الاعلى . وهذه الحملة الاعلامية سببت انخفاض نسبة المصوتين لقائمة شهيد المحراب ، ودفعت باصوات الناخبين الشيعة الى اعطاء اصواتهم لاطراف اخرى وفي مقدمتها ائتلاف دولة القانون . هذه بعض من العوامل الرئيسة التي سببت فوز قائمة دولة القانون في هذه الانتخابات الاخيرة للمجالس المحلية . وللحديث بقية .
https://telegram.me/buratha