( بقلم : عـلاء المـوسـوي )
على الرغم من التبجح الحكومي باعلان الميزانيات الانفجارية للبلد طيلة الاعوام الماضية، والتي وصل نعتها بالاوائل في تاريخ العراق القديم والحديث. مازالت آثار تلك الميزانيات تنحصر في اروقة المسؤولين دون غيرهم من جيوش العاطلين الذين تركوا بحال لايسر العدو قبل الصديق. عشرات المليارات تدون في الميزانية العامة للدولة العراقية الحديثة، من دون ايجاد مساحة واسعة (في الميزانية التشغيلية) لجموع خريجي الكليات واصحاب العقود المؤقتة. بل تمنح المليارات لمخصصات الرئاسات الثلاث، ولبقية الجهات غير القانونية وعديمة السند الدستوري على حساب الدنانير التي يتلقاها الموظف الذي بالكاد يكفيه راتبه الشهري رمق معيشته في ظروف غاية الصعوبة. بالامس اعلن وزير المالية، ان مبلغ (14) مليار دولار هو حجم الميزانية الاستثمارية لهذا العام، من مجموع (67) مليار دولار، أي بفارق خمس الميزانية العامة التي وظف البقية منها للميزانية التشغيلية .
وعلى الرغم من العجز الكبير الذي ستتركه هذه الميزانية التشغيلية (مقارنة بالاستثمارية) ، الا انها عجزت في بادىء الامر عن استيعاب درجات وظيفية جديدة لشباننا المتخم بارهاصات الساحة الفقيرة عن ايجاد منظومة عمل صحيحة وبناءة تعمل على انتشال جيل المستقبل من وضعه المتدهور ماديا ومعنويا، الى حال اكثر استشرافا للمستقبل. بل الامر انسحب الى الضغوط السياسية التي تمارس في تمرير الميزانية على مثالبها والتي حسب مايتوقعه (البعض) ، انها ستسهم في افلاس الدولة في الشهر التاسع من هذا العام اذا مررت في مجلس النواب من دون اجراء تعديلات قانونية ودستورية واقتصادية لبنودها.
آفة البطالة المستشرية في المجتمع اليوم، باتت تهدد كل المنجزات الامنية المتحققة على الارض، ذلك لان من الاسباب الرئيسة لتفجر الوضع الامني في اية لحظة، هي تلك الملايين البشرية القابعة في بيوتها والمنتشرة في المقاهي وساحات المساطر اليومية، بحثا عن رغيف الخبز وتوفير لقمة العيش من دون طائل. ولعل مايحصل اليوم من خروقات امنية وتفشي ظواهر غير صحية مؤخرا، كسرقة السيارات وبروز عصابات الجريمة المصنعة على غرار افلام هوليوود في القتل والتسليب والسرقة، هي بسبب عدم وجود حلول آنية وسريعة للقضاء على البطالة وتهميش الشهادات الجامعية من قبل الدولة.
ففي الوقت الذي كنا نتطلع الى تفعيل الاستثمار والسياحة وادخال معالجات تطبيقية للواقع الزراعي في الميزانية العامة، لتخفف من جموع تلك الجيوش العاطلة عن العمل، اقتصر التفعيل (البرلماني) على مناقشة المخصصات ورواتب الاعضاء ومستقبل الاحفاد والاقارب لمسؤولي الدرجة الاولى والثانية و... وهلم جرا، ولم تؤخذ الارامل واليتامى وعوائل الجياع ومفترشي الارض وملتحفي السماء بالحسبان... ذلك لان الذي يغمر حياته بالترف والتنقل بين البلدان باموال الشعب واستحقاقه، لايهمه ان يجوع طفل او يموت مريض او ينحرف شاب او شابة في سبيل الحصول على مايسد به رمقه في بلد المليارات والذهب الاسود.
https://telegram.me/buratha