( بقلم : ميثم المبرقع )
التجربة الديمقراطية في العالم عكست مشاهد رائعة ومتقدمة في تداول وتناقل السلطة خصوصاً عند الشعوب المتحضرة والمتطورة التي تعاطت مع الديمقراطية بوقت مبكر من تأريخها السياسي. فان التنافس والصراع الحضاري في الميدان الانتخابي هو الفيصل الذي يحدد ملامح الحكومة والبرلمان والحكومات المحلية بخلاف الدول التي تعيش على نغمة الانقلابات وتستيقظ عادة على اصوات الدبابات وبيان رقم واحد يبث عبر الاذاعات فان هذه الدول تتحول جذرياً لفكر وثقافة وممارسة الحزب او الزعيم الذي يقود الجنرالات الى ساحة الحكم ويكون مصير بقية المتنافسين بين السجن او المنفى او الاعدام.
وفي العراق الجديد وبعد مغادرة عقلية الثكنة التي تقود السلطة اصبحنا امام واقع جديد مشرق وواضح فان الشعب هو الذي يقرر مصير الحكام والحكومات وليس العكس كما كنا في العهود السابقة عندما كان الحاكم هو الذي يفرض النظام السياسي على الشعوب. وبحسب التنوع والتعدد السياسي للاطياف والطوائف في العراق يصبح تداول السلطة بشكل منفرد امر صعب ومستحيل وضمن اطار الديمقراطية نفسها. والتجربة الاقرب للواقع العراقي هو تجربة الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة الامريكية والمتنافسين على الرئاسة والكونغرس الامريكي لاكثر من قرن.
ففي المرة التي لا يستطيع أي حزب الوصول الى الاغلبية البرلمانية او رئاسة الجمهورية يعود مجدداً للمنافسة القادمة ويضع برامجه دون الشعور بالاحباط او الخيبة او الهزيمة والطرف الفائز لا تأخذه نشوة الانتصار والانبهار بالاصوات فيعيش بعيداً عن هموم واهتمامات واولويات الشعب.ان المسيرة الديمقراطية العراقية مازالت في بداياتها وامامنا منعطفات حادة ومسارات صعبة مخاضات عسيرة فان اللعبة الديمقراطية لا تنتهي بزمن او بمرحلة بل هي متحركة مع الزمان والمكان والانسان.
وما يعزز اعتقادنا بقوة المسيرة الجديدة هو ان الانتخابات كانت محطة كبيرة يطمح اليها الكثيرون للوصول الى السلطة وتنفيذ برامج القوى الفائزة وقد انتهى الزمن الذي تتحول السلطة فيه الى وسيلة للثراء الفاحش والطموح اللانزيه وان المرحلة القادمة ستكون المرحلة الاصعب على الفائزين لانهم متعهدون امام شعبهم بالوفاء بالوعود والتعهدات والالتزمات وان شعبنا لا يتسامح مطلقاً مع من يحاول استغفاله او اذلاله بالتفريط بالمنجزات والمكاسب فان الشعارات وحدها لا تكفي اذا لم يخالطها قوة الشعور ونبض الواقع والميدان.
https://telegram.me/buratha