الكاتب: عبد الله الأحسائي
الحرم المكي والحرم النبوي والبقيع الغرقد من الأماكن المقدسة والآمنة عند المسلمين يقصدونها من أجل العبادة ، ولا يحل لأحد التعرض للمؤمنين الزائرين والمعتمرين والحجاج هناك ، والذي يجعل من نفسه ساقي للحاج وعمارة البيت الحرام وخدمة ضيوف الرحمن لابد له أن يكون بمستوى الوظيفة المناطة إليه ، ومن يجعل من نفسه خادما للحرمين الشريفين ومن يجعلون من أنفسهم الآمرون بالمعروف والناهين عن المنكر لابد أن يتحلون بصفات حميدة وروح طيبة وإنشراح صدر مع زوار هذه الأماكن والبقع المقدسة.
ولو ذهبت الى العتبات المقدسة في العراق خصوصا أيام زيارة الأربعين لرأيت العجائب والعجب العجاب ، ففي هذا العام قد زار الإمام الحسين عليه السلام أكثر من 15 مليون زائر من العراق ومختلف أنحاء العالم خصوصا من السعودية والبحرين والكويت وسائر الدول الخليجية وإيران ، ويمشي الناس مئات الكيلومترات لزيارة الإمام الحسين ، وترى من يخدم الزوار على طول الطريق وقد نقلت قصص خيالية من خدام خدمة الإمام الحسين في زيارة الأربعين منها أنهم يقدمون أجهزة الجوال للزائرين لكي يتصلوا بأهاليهم ، ويقدمون لهم وجبات طازجة خيالية والكل يتسابق لخدمة زوار الإمام الحسين وهم بالملايين.
وعندما تذهب الى زيارة العتبات المقدسة في العراق وإيران ودمشق ترى الإحترام والتقدير من خدام الأضرحة المقدسة يغمروك بالمحبة والمودة ويسهرون على خدمتك وهم من ذوي الشهادات العالية والعوائل العريقة ، يتشرفون بخدمة زوار أئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام. بينما إذا ذهبت الى زيارة الحج في مكة المكرمة والمدينة المنورة في البقيع وقبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنك تواجه أناس لا ترى في وجهوهم ذرة الإيمان والرحمة والشفقة فضاض غلاض ، يعاملون جميع المسلمين بمختلف مذاهبهم بقسوة وغلظة ودون رحمة تذكرنا بجماعات معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ، وبالطبع فإن هؤلاء أسلافهم ، لذلك لا عجب أن ترى منهم هذا العمل وهذا الصنع وهذه الأفعال المشينة.
وما حدث في المدينة المنورة وعند أئمة البقيع من إهانات للنساء الزائرات من أهالي القطيف وتصويرهن وكيل الكلمات الركيكة لهن من قبيل مشركات ، كافرات ، رافضيات وألفاظ جنسية مشينة لا تليق بمن يخدم مقام الرسول الأعظم (ص). لابد أن تصل الطائفة الشيعية في العالم وخصوصا في المنطقة الشرقية والمدينة المنورة الى حل مع النظام السعودي في التعبد وفق المذهب الجعفري ، ولا يمكن القبول بالتجرؤ على الزائرين والمعتمرين من عامة المسلمين ولا يمكن تبرير ذلك بالشرك والبدع كما يحلو للوهابية النواصب.
وهنا لابد للمراجع والعلماء العظام والشخصيات العلمية والسياسية والإجتماعية في بلادنا وبقية بلاد المسلمين والعالم بالإضافة الى الإدانة التي أعلنوها ضد الجرائم والممارسات اللأأخلاقية من أفراد الهيئة الوهابية النواصب ، وتصرفات الأمن السعودي الذي وقف الى جانب الجاني ضد الضحية ، أن يواصلوا الإستنكار والضغط على الحكم السعودي بوقف هذه التصرفات والتعرض لحرائر المسلمين والكف عن وصف الشيعة بالشرك والكفر وغيرها من الكلمات المشينة. وكذلك فإن الجميع يطالب بحل هذه المؤسسة الناصبية التي عم ظلمها على جميع الفرق الاسلامية وهذا مطلب إسلامي عام كما طالب به الكثير من وجهاء الشيعة في المنطقة الشرقية بالسعودية.إن على النظام السعودي إتخاذ قرار سياسي جرىء بحل هيئة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف للوهابية النواصب لكي لا تتكرر الأحداث التي جرت في المدينة المنورة في ذكرى وفاة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن بقاء هذه المؤسسة سوف يؤدي الى المزيد من الإنتهاكات ، ولابد للنظام السعودي أن يعترف بالهوية الشيعية ويحترم معتقدات أتباع أهل البيت عليهم السلام ويكف عن الممارسات التعسفية ضد أبناء المذهب الجعفري.
كذلك يتعين على النظام السعودي أن يطالب حلفائه الوهابية بالكف عن الحملات التحريضية والفتاوى التكفيرية وفتاوى التي تحلل قتل أبناء الطائفة الشيعية وإستباحة دمائهم ، كذلك تغيير المناهج الدراسية التي تكفر الشيعة وتصفهم بالمشركين ووقف المنابر الإعلامية السعودية التي تتطاول على أبناء الطائفة الشيعية بأنواع الحملات الإعلامية المنظمة. إن الحملة التحريضية المركزة لسنوات طويلة هي التي دفعت المتطرفين للقيام بالتعدي على الزوار في المدينة المنورة والقيام بتكسير حافلات الزوار الشيعة العائدين من المدينة في القصيم ، فالفتاوى التكفيرية والحملات الإعلامية المركزة ضد الشيعة هي التي أفرزت هذا النوع من الإنتهاكات والمعاملة السيئة ضد أتباع أهل البيت عليهم السلام.
إن ممارسة الإضطهاد السياسي الممنهج ضد الشيعة المتمثل في الإقصاء والتهميش والتمييز على كل المستويات هو ما شجع بعض الجهات الأمنية الرسمية والشعبية المتطرفة لظلم الشيعة والإعتداء عليهم في أقدس المقدسات.ولتجنب تكرار الأحداث المؤسفة والمؤلمة لأتباع المذهب الجعفري ، ولضمان الإستقرار في السعودية لابد من معالجة الأسباب السابقة ، وهذا يعني الإعتراف الرسمي بإسلام الشيعة ، وإحترام معتقداتهم وإزالة كل عوامل التحريض والتجييش المذهبي ، وإلغاء كافة أشكال التمييز الطائفي بحقهم. كما أن على وسائل الإعلام والكتاب السعوديين بالإنصاف والإلتزام بالموضوعية وعدم التحريض الطائفي وتزوير الحقائق أو قلبها.إن خدمة الحجاج والزوار والمعتمرين للأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة شرف لابد أن يكون من يخدم ضيوف الرحمن وضيوف نبيه الكريم بمستوى هذا الشرف ، لا أن يقوم من يدعي الخدمة بضربهم بالعصي والحجارة ولا يراعون حرمة المكان المقدس وقدر صاحبة النبي الكريم وأصول الضيافة، ولا يراعون أصول العادات والتقاليد العربية العريقة. لعل الوقت حان لوقف نشاط «هيئة الأمر بالمعروف» وإختيار من يليقون بشرف الخدمة والحفاظ على مقومات المناسك الدينية في السعودية. وكثيرون من المسلمين يعتقدون بجواز زيارة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وزيارة البقيع ، وإن زمن حكر الرأي قد ولى ، وليس من المسوغ مراقبة تعبد المسلمين فهم أحرار فيما يعتقدون ولا مسوغ لتوجيه الإهانة والشتائم لهم ، فذلك لم يكن قط من أخلاق النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا من أخلاق أهل بيته المنتجبين الأخيار.
وردا على التشكيكات التي تطال ولاء المواطنين الشعية في السعودية قالت مضاوي الرشيد الأكاديمية السعودية والمعارضة مضاوي الرشيد المقيمة في الخارج في تصريحات لها لقناة "البي بي سي" نشرها موقع راصد الأخباري "أن الحراك السياسي الشيعي في المملكة يعود الى فترات طويلة سابقة لقيام الثورة الإسلامية في إيران. مضيفة بأن الوجود الشيعي في المدينة المنورة والمنطقة الشرقية ليس جديدا بل يمتد لقرون طويلة. داعية الى التوقف عن ترويج ما وصفته بالمغالطات الناتجة عن التشنج الإقليمي على حد تعبيرها.ووجهت الرشيد نقدا لاذعا لليبراليين السعوديين الذين"يطبلون لإحترام الآخر وحوار الأديان" لكنهم إتخذوا موقفا معاديا ورفضوا الأعتراف بأن هناك عملية إعتداء بالرصاص ضد الزائرين الشيعة في الحرم النبوي الشريف. وتابعت مضاوي الرشيد قائلة: إن إتخاذ مدعي الليبرالية موقفا متشجنا ودعوتهم لإتخاذ عقوبات قاسية ضد الزوار الشيعة يكشف زيف الخطاب الإصلاحي ويعري المطبلين لهذا الإصلاح المزعوم على حد وصفها.
الى ذلك إنتقد تقرير الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان تقييد حرية التعبير والإجتماع والحرية الدينية في السعودية. وإتهم التقرير النظام القضائي السعودي بإفتقاد الشفافية وحرمان المواطنين من الحق في تغيير حكومتهم. كما ظل العنف ضد المرأة والتمييز على أساس الجنس شائعا بحسب القرير الذي أفرج عنه الأسبوع الماضي ويغطي فرتة 2008م. وأرود التقرير أن الشرطة الدينية"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" واصلت ممارساتها مع إطمئنان عناصرها لعدم تعرضهم للمسائلة أو العقاب. لكن المعلومات عن الفساد الحكومي أصبحت متاحة على نحو متزايد.
https://telegram.me/buratha