الكاتب: عبد الله الأحسائي
أواخر شهر صفر وفي ذكرى شهادة الإمام الحسن المجتبى وذكرى رحيل النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وذكرى شهادة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام يقصد الألآف من أبناء الطائفة الشيعية في المنطقة الشرقية من القطيف والأحساء وتوابعهما وكذلك الزوار من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي ودول أخرى مدينة الرسول لزيارة قبر نبيهم وأئمة البقيع.
وهذا العام في أواخر صفر 1430 هجري في عصر الخميس 20/02/2009م الموافق 25/02/1430هجري وقبيل صلاة المغرب بنحو 40 دقيقة بتوقيت المدينة المنورة، قام أحد مشايخ الوهابية التكفيريين النواصب والمسؤول عن قبر أم البنين عليها السلام بتصوير النساء الزائرات للقبر، ثم أخذ يتعرض لهن بطرق مستفزة ، مما أدى الى قيام مجموعات من النساء برشقه ورجال الهيئة بالأحذية ، وأخذن يهتفن : لبيك يا حسين.وحسب مصدر شهد الحدث، فإن رجال الهيئة من الميليشيات المتطرفة أستدعوا المسؤول عن القبر، وقاموا بتفريق النسوة ، ولكنهن عدن للهتاف إحتجاجا على الإهانات التي لحقت بهن ، وقدر عدد المجتمعات بنحو 300 أمرأة ، شاركهن عدد آخر من الرجال ، بعد ذلك أنزلت الحكومة قوات شرطة لتفريق المحتجين ، فيما إنتشرت قوات الأمن والمباحث في ساحة الحرم المدني الشريف.
وكانت تلك هي الشرارة الأولى التي فجرت إنتفاضة البقيع حيث تطورت الأحداث الى إعتصامات ومظاهرات أمام هيئة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف الوهابية التكفيرية قدر عدده بأكثر من عشرة الآف بين رجل وإمرأة وأطفال وأحداث تحدوا الإرهاب الحكومي والسلفي التكفيري وطالبوا الهيئة بإتلاف ما تم تصويره من أفلام للنساء الشيعيات والإعتذار لهن ولزوار البقيع والحرم المدني.
وأطلق المتظاهرون والمعتصمون هتافات وشعارات منها : بالروح بالدم نفديك يا حسين ، وهيهات منا الذلة ، وحسين حسين حسين حسين ، وحيدر حيدر حيدر حيدر وشعارات حسينية أخرى تنم عن وعي أبناء الطائفة وتمسكهم بالإمام الحسين عليه السلام الذي هو القدوة والأسوة في مواجهة الظلم والإضطهاد والإستبداد والإستعباد في زمن حكومة بني أمية ، وأصبح بعدها السبط الشهيد منارا للثائرين على إمتداد التاريخ في مواجهة الإرهاب وحكام الجور على إمتداد التاريخ.
تطورت الأحداث في مدينة الرسول وعند أئمة البقيع وفي ساحة الحرم النبوي الشريف الى مواجهات ساخنة من قبل ما يسمى بالمطاوعة وقوات الأمن والعسكر السعودي ضد أبناء الطائفة في ليلة وفاة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث تعرضت هيئة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف والقوات السعودية للناس بالهراوات والسكاكين والاعمدة الحديدية والرصاص الحي لمنع الزوار الشيعة من المنطقة الشرقية من أداء الشعائر الدينية لهم وجرح الكثير منهم وأستشهد من أستشهد وطعن من طعن منهم الشيخ جواد الحضري من العمران الذي تعرض الى هجمة شرسة من قبل أكثر من خمسة من الوهابيين في ساحة الحرم النبوي طعنا بالسكاكين في ظهره بالسكاكين ولا زال يرقد في المستشفى في المدينة مقيد الأغلال في يديه.
والى أخر يوم من صفر حيث رجعت قوافل الزوار فإن القوافل تعرضت للضرب والإهانات وهي في طريقها الى المنطقة الشرقية وأصيب الكثير منهم بجراح جراء التعرض لهم وهم في طريقهم الى القطيف والأحساء.لقد كشفت أحداث البقيع عن عمق الحقد الدفين لدى الجماعات التكفيرية السلفية من النواصب لأبناء الطائفة الشيعية ، من جهة أخرى كشفت إنتفاضة المدينة المنورة والبقيع بالقرب من حرم الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأن دعوات الإصلاح ومشاركة المذاهب والأديان في السعودية إنما هي ضحك على الذقون وسياسة إتلاف الوقت ، وإن سياسة الإصلاح والشراكة السياسية التي دعى إليها الملك عبد الله ما هي الا سياسة إحتواء فقط لا غير ، وما التعاون الوثيق بين أعضاء الهيئة والقوات السعودية لخنق الإعتراضات الشعبية الشيعية الا إحدى الدلالات على أن الطائفة الشيعية تبقى مهمشة عبر التاريخ وإن التحالف الحكومي الوهابي الناصبي يبقى هو التحالف الإستراتيجي أمام أي إنتفاضة حقوق يطالب بها الشيعة في المنطقة الشرقية والمدينة المنورة.إن الموقف الرسمي الذي جاء عبر رفض أركان النظام في المدينة المنورة والقطيف وأخيرا عبر الملك عبد الله برفضه لإستقبال وجهاء الشيعة في القطيف وإتهام الشيعة بأنهم مرتبطي بجهات خارجية تحركهم ، دليل على فشل الساسة السعوديين في معالجة الأمور الداخلية بالحكمة وإنصاف المظلوم من الظالم.
إن إتهام أبناء الطائفة الشيعية بالتقصير في الأحداث التي جرت في البقيع وساحة الحرم النبوي الشريف وتبرئة أعضاء الهيئة المطاوعة التكفيريين والقوات السعودية وإطلاق العنان لهم لتوجيه الاهانات والضرب بالرصاص وأنواع السلاح الأبيض دليل على أن النظام يتعامل مع أبناء الطائفة الشيعية في كل السعودية كأناس من الدرجة الثالثة وليسوا من الدرجة الأولى ، وإلا لما أطلق العنان لجيشه وأمنه ولحلفائفه في هيئة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف بإستباحة دماء الشيعة وهتك أعراضهم وتعرضهم لأنواع القتل والذبح والتنكيل ، وما شاهدناه على شاشة الفضائيات وعبر شبكة الأنترنت دليل واضح على السياسة القمعية التي ينتهجها النظام السعودي ضد أبناء الطائفة الشيعية من أجل أن لا يطالبوا بحقوقهم السياسية والدينية والإجتماعية والإقتصادية.
https://telegram.me/buratha