( بقلم : نعيم الياسين العكيلي )
العراق بدأ يسير حثيثا على طريق دولة المؤسسات , وهذا الطريق يقتضي الفصل بين السلطات الثلاثة القضائية والتنفيذية والتشريعية كما نص على ذلك الدستور , ومما نص عليه الدستور ايضا " ان القضاء مستقل ولاسلطان لغير القانون عليه " . جاءت قضية التهم الموجهة الى النائب محمد الدايني بارتكاب جرائم ارهابية من خطف وقتل وتفخيخ لتضع الجميع امام مسؤولياتهم وصلاحياتهم الدستورية فكان المفترض وحسب القانون - كما في كل دول العالم - ان يخضع المتهم للتحقيق والمحاكمة لتثبت براءته من ادانته , لكن ما جرى في قضية محمد الدايني ان الخنادق تداخلت والادوار اختلطت بشكل عجيب وكأن العراق ليس فيه دستور , او لاتوجد فيه جهة منوط بها تفسير القانون .
منذ اعلنت التهم ضد الدايني عبر وسائل الاعلام انبرى عدد من البرلمانيين في بعض الكتل السياسية للدفاع عنه , وطالبوا بتجاوز القضية وكأنها ليست بتلك القضية المدوية حيث تفجير البرلمان وتسلل ارهابي بين صفوف النواب ناهيك بالخطف والقتل والتهجير , قال بعض البرلمانيين انه غير مقتنع بالتهم , وقال اخر ان لجنة برلمانية يجب ان تنظر فيها , ومضى هذا النمط من النواب في موقفهم فصبوا غضبهم على رفع الحصانة عن النائب المتهم , هل يدرك هؤلاء النواب انهم صادروا صلاحية القضاء العراقي ؟ هل يدرك هؤلاء النواب ان التدقيق في التهم وثبوتها وعدم ثبوتها ليس من اختصاصهم ؟ ان موقف المدافعين عن النائب المتهم والمشككين هم واحد من اثنين , اما انهم يخشون ان تتكشف جرائم اخرى هم متورطون فيها بطريقة واخرى , واما انهم لايعرفون مدى صلاحياتهم الدستورية , وفي كلا الحالتين نقول : لك الله ياعراق .
واجبنا نحن المواطنين الذين نراقب الجميع ونتابع مواقفهم من كل القضايا المطروحة , اقول واجبنا اننا سنفتش في هوية الجميع وسوف نستحضر مواقفهم خلال اربع سنين من عمر البرلمان قبل ان نعطي صوتنا لواحد منهم ان رشح نفسه لدورة برلمانية جديدة لان العراق لم يعد يتسع للمزايدات , ولم يعد ملاذاً آمناً للارهابيين والمجرمين . عملية هروب النائب المتهم تصلح لان تكون فيلما سينمائيا من افلام - الاكشن - , فمنذ ظهرت التهمة الموجهة للنائب الدايني الى العلن ضربت القوات الامنية المختصة طوقا على مقر اقامته في فندق الرشيد بانتظار اعتقاله بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه لكن الجميع تفاجأ بانه في طريقه جواً الى الاردن ثم اعيدت الطائرة التي تقله الى مطار بغداد واختفى من هناك وكأنه عفريت من الجن !! .
كيف خرج النائب المتهم من الفندق دون رقابة ؟ كيف وصل الى المطار واستقل الطائرة ؟ اين كانت الاجهزة الامنية عندما عادت الطائرة الى المطار بامر تلك الاجهزة نفسها ؟ ما هو مستوى الامن في المطار الدولي الاول في البلاد اذا كانت شخصية برلمانية تختفي بهذه السهولة ؟ ما دور النائبين احمد راضي والصنجري في قضية الهروب وما علاقتهما بالتهم الموجهة الى الدايني ؟ .
هذه اسئلة وغيرها كثير نطرحها على المعنيين في البرلمان وفي وزارة الداخلية ولدينا قناعة ان النائب المتهم لم يستطع الهروب الا بطريقتين اما ان يكون دفع رشوة كبيرة تساوي حياته للمعنيين بملاحقته , واما تمت صفقة قذرة لتهريبه خوفا من ان يفضح ملفات ارهابية خطيرة امام المحكمة خصوصا ان التهم المنسوبة اليه تهم من النوع الثقيل وانه كان جزءا من كتلة سياسية في البرلمان . هل يوجد لديك تفسير اخر عزيزي القاريء ؟ .
https://telegram.me/buratha