فراس الغضبان الحمداني
في بلد مثل العراق تتنازعه الامجاد ، وذكريات الحضارة العظيمة ، لابد ان يكون للمواطنة شكلها القيمي والتعبيري ، واثرها في حياة انسان هذه البلاد .ومنذ سنوات خمس صارع العراقيون اصنافا من الويلات والمصاعب ، وكانت التحديات عنوانا لذلك الصراع على مساحة الوطن الممتدة في الارواح والضمائر المعذبة .حاولت عصابات الارهاب المنظم دفع الناس ليكونوا ادوات طيعة لتنفيذ مشاريع التدمير العشوائي وكان المسعى يتطلب تخليهم عن المواطنة ، باعتبارها الضمانة التي تمنع من الانزلاق الى هاوية تلك المشاريع .واستخدم الارهابيون ، اساليب الترهيب الاعمى ، وكان الذبح على الهوية ، والتهجير ، وبث الدعايات المضللة عن انهيار الوطن وضياعه وعن اليأس الكامن الذي لايمكن تخطيه في ظل الاصرار على قتل روح الانتماء .وكانوا يريدون لهذا الانسان ان لايشعر بالوطن ولايؤمن بمستقبل فيه ، وتمادوا اكثر حين ارادوا له الانشغال برغبة الهجرة والسفر الى البعيد ليتخلص من اوهام الضياع في الداخل الذي صار لايطاق _ بوصفهم وزعمهم المسموم _ ...وهل المواطنة مجرد حاجات الى الامن ، والخدمات ، والطعام ، والوظيفة . ؟ام انها رقي فوق ذلك . وسمة تمنح اصحابها فرصة التعبير عن قدراتهم في تحمل المأساة وثقلها الدامي وأثرها السلبي في حياتهم الخاصة والعامة . ؟
انها الحالة الملازمة لروح الانسان الحقيقي . فالعراق لم يكن ارضا يباب ، انما انبعاث" حضاري متدفق وعطاء مستمر يساعد في تهيأة الظروف الملائمة لبقاء العلاقة بين المواطن ووطنه وعلى مر تاريخه ، كان العراقي يتجاوز المحنة بتكاتف ابنائه ، ويعبرها الى ضفاف الامن والتسامح والتضامن والتعايش السلمي ، ولايخسر الا في المساحة الاقل تكلفة لان الانسان لابد له ان يخسر يوما ما شيئا ليربح في النهاية ، ولان الحياة قائمة على مبدأ ان لاشيء ذا قيمة بلا ثمن ..
المواطنة . روح ، وفكر ، وعطاء .. وليست انتظارا لمنحة شهرية او فرصة قد تأتي ، وقد لا .. ومن لا يؤمن بهذه الفكرة ، فأنه سيضيع نبل العلاقة بينه وبين وطنه . ولن يكون متاحا له ابدا ان يحقق حضورا في ذاكرة البلاد ، او ان يسجل التاريخ له انه فعل ماكان يجب ان يفعل .
https://telegram.me/buratha