الباحث/عمار العامري
خرج السيد الإمام محسن الحكيم في موقف سياسي بمثابة تظاهرة سياسية دينية في عام 1387هـ /1968م ، تزامنت مع الاعتداء الصهيوني في الخامس من حزيران 1967، واحتلاله القدس وأراضي الجولان في سوريا، فأتخذ السيد محسن الحكيم مواقف مهمة وبارزة من تلك الإحداث، فقد وصفت هذه التظاهرة بأن الآمال الإسلامية معقودة عليها لجمع وحدة المسلمين، ويذكر إن سيارة السيد محسن الحكيم دخلت مطار بغداد وبقيت نهاية الموكب خارج مدينة بغداد العاصمة( )، وهذا التوديع شارك فيه ممثل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء آنذاك وممثلو الطوائف المسيحية، فقد خصص رئيس الجمهورية طائرته الخاصة لنقل السيد الحكيم( ).وما إن جاء انقلاب 8/ شباط/ 1963 حتى بدأ بإراقة دماء ثوار عام 1958، حيث اعدم عبد الكريم قاسم وعدد من الضباط المقربين له، إذ أخذت كفة البعثيين بالسيطرة على الأمور العامة في البلاد، ورغم ذلك بسطت المرجعية الدينية يدها بالعلاقات الاجتماعية الجيدة مع العشائر العراقية التي باتت السور القوي الساند للمرجعية الرشيدة( )، ولم يتوقف بطش السلطة بمقتل زعماء الثورة وإنما تجاوز ذلك إلى ارتكابهم أبشع الجرائم وافضح المجازر بحق أعدائهم الألداء من جماعة الحزب الشيوعي ودعاة الأفكار الاشتراكية، ولم يكتف رجال السلطة بإعدام أندادهم وما لحقها من أحداث وجرائم لا إنسانية، إنما امتدت أياديهم إلى التعذيب بالعصي والأنابيب المطاطية، واستخدام الوسائل الوحشية لأخذ الاعترافات من المتهمين، وأخذت حملات الاعتقالات الواسعة تطال الآلاف من العراقيين وعلى دواعي سياسية أو ثأرية أو كيدية في عموم أوساط الشعب العراقي( )، وأخذت الأمور تتطور، فبدأت السلطات باعتقال مجموعة من المتدينين الأبرياء وشيوخ العشائر وتعذيبهم بتهم مختلفة، هذه التطورات لم تكن بعيدة نظر عن السيد محسن الحكيم، فقد بحث مع بعض قادة الجيش الذي زاره هذه الأمور، وأشار إليه بعدم شرعية اعتقال هولاء وتعذيبهم وكان ذلك بحضور جمع من الناس، وكلامه كان حديا وهدده فيه( ).وما إن وقعت حركة تشرين الثاني من عام 1963 التي قام بها عبد السلام عارف، حتى أوفد السيد الإمام الحكيم جماعة من العلماء لمقابلة رئيس الوزراء، وحملهم رسالة توجيهية في النصح الكريم والأخلاق العالية ونبذ الخلافات المذهبية ورفض الاستفزازات للمرجعية، وكان الوفد يضم السيد مهدي الحكيم والسيد علي نقي الحيدري والسيد محمد طاهر الحيدري والشيخ علي الصغير والسيد إسماعيل الصدر والسيد مرتضى العسكري والسيد هادي الحكيم( )، ولم يسفر عن اللقاء نتائج ايجابية، ولم تأخذ الحكومة مطالب المرجع الديني بالجدية، وهذا يؤكد أن الحكومة وما تبعها من تغييرات داخلية في هيكلة الحزب لم تأتِ لمصلحة الشعب العراقي، ولم تصغ ِ للمرجعية الدينية في النجف الأشرف، لأسباب كان أهمها إن السلطة ورجالها يمتازون بالطائفية والمذهبية( )، ولم يتوقف نقد الإمام محسن الحكيم لهذا الحد، إنما تعدى ذلك لإيقاف خطط الحكومة الرامية لتأميم الشركات والمصارف وتحويل النظام الاقتصادي إلى نظام اشتراكي( )، ونتيجة الوضع الاقتصادي في العراق المتدهور، وانخفاض المستوى المعاشي للمواطنين لاسيما بعد تهريب رأس المال إلى الخارج، وانخفاض الإنتاج الوطني، وخروج أكثر من عشرين ألف عامل من الشركات الحكومية، الذين أصبحوا في عداد العاطلين( ). انتقد السيد محسن الحكيم علماء الأزهر في مصر بسبب فتاوى التأييد للاشتراكية، واعتبرها تتقاطع مع أحكام الإسلام، وما يستدل به من هذه المواقف إن آراء المرجعية ليست مقيدة بالحلال والحرام، وإنما خرجت عن المألوف وبدأت تطرح رأيها حول صيغة الأنظمة ومنها النظام الاقتصادي في البلد، وهذا ما عزز تكاتف الشعب العراقي معها، ووسع الفجوة بينها وبين السلطة ورجالها المتحزبين لفئاتهم، الذين لا يذعنون لرأي الجماهير.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha