( بقلم : علي الخياط )
ولد الرسول الاعظم في عصر جاهلي بغيض مليء بالتخلف والجهل ، والوثينة والقبليةالتي كانت تعبث باطلال الجزيرة العربية والارض حينها ملئت ظلما وجورا ، وغدت الارض مرتعا للفساد والظلم ، في مثل هذه الاجواء ، بزغ الفجر واشرقت الحياة على ولادة خاتم الانبياء والمرسلين محمد (ص)،فقد ولد الرسول وعاش طفولته في رحاب مكة ، في بيت من ارفع بيوت العرب سمعة ورفعة ، واعلاها مجدا ، واكثرها عزة ومنعة ، ومن نور الحبيب محمد (ص) شع نور الاسلام ليتحدى جاهلية العرب ووثنيتها واميتها ووحشيتها ، واحبار اليهود ، ورهبان العنصرية الذين حرفوا الثوراة والانجيل من اجل مصالحهم الدنيوية ، حينها كانت قريش تعبد الاصنام ، التي لا تغني او تسمن ، لكن عقولهم كانت خاوية مليئة بالجهل والخراب وادران الجاهلية المتمثلة بالغزو والثأر والسبي، حاول الصادق الامين من نعومة اظافره ارشاد قومه الى حقيقة ان هذه الاصنام لا تنفع وهي من صنع البشر انفسهم ، فكيف تعبد ولكن؟ لقد ختم رب العالمين جلت قدرته بالنبي محمد (ص) الرسل والانبياء وختم الاسلام بأخر.استطاع الرسول الاعظم ان ينهض بامة عاشت قرون من السبات لتكون في مصاف اعظم الامم وتتغلب عليها في قرون عديدة حين كانت الامة الاسلامية في اوج حضارتها ،وحين اقترب الرسول (ص) من الرحيل إلى الرفيق الأعلى، وكان قد طلب أن يأتوا له بدواة وكتف ليكتب لهم كتاباً لا يضلون من بعده أبداً، ولكنَّه اتهم بالهجر من قبل بعض الصحابة، ما أدّى إلى التوقف عن كتابته، ولكنَّه أوصى بأهل بيته خيراً.
وهنا نذكر ماقاله المفكر الفرنسي (لامارتين) بحق خاتم الانبياء في كتابه تاريخ تركيا ((إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) في عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم. لكن هذا الرجل (يقصد الرسول الاعظم) لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.
لقد صبر النبي وتجلد حتى نال النصر (من الله). كان طموح النبي (صلى الله عليه واله وسلم) موجها بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك. حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربه ووفاته وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث. فالشق الأول يبين صفة الله (ألا وهي الوحدانية)، بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى (وهو المادية والمماثلة للحوادث). لتحقيق الأول كان لا بد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف، أما الثاني فقد تطلّب ترسيخ العقيدة بالكلمة (بالحكمة والموعظة الحسنة).
هذا هو محمد (صلى الله عليه واله وسلم) الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد (صلى الله عليه واله وسلم). بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم))
https://telegram.me/buratha