المقالات

جلباب الدكتاتوريات


( بقلم : خضير حسين السعداوي )

المتتبع لأغلب النظم الدكتاتورية التي ظهرت في القرن العشرين والتي انهار قسم منها أو باقية لحد ألان يلاحظ نقطة مهمة إن اغلب هذه الأنظمة تنهل من منبع واحد تشترك فيه هذه الأنظمة شكلا ومضمونا ولهذا جاءت أسباب ظهورها وقوتها وانهيارها متشابهة إذا لم تكن متطابقة فلو أخذنا عينة من هذه الدكتاتوريات والتي ظهرت في ثلاثينيات القرن الماضي وهي الحركة النازية والتي حكمت ألمانيا لو أمعنا النظر في نشأتها تجد أنها نشأت كحركة جماهيرية لها مريدوها ولها شعبيتها خاصة وأنها جاءت في ظروف كان الشعب الألماني يعاني من الهزيمة التي لحقت بجيشه أبان الحرب العالمية الأولى وقيود معاهدة فرساي التي كبلت ألمانيا وحدت من نشاطها العسكري والاستعماري لهذا فظهور الحزب الوطني الاشتراكي المتطرف وبأهدافه التي تلامس مشاعر الجماهير الألمانية ورفعه شعارات أعادت هيبة ألمانيا بين الدول حيث استغل هذا الحزب حالة الإحباط التي يعاني منها المواطن الألماني إلى بعث روح الأمل في عودة ألمانيا إلى المجموعة الدولية إضافة إلى دفع أصحاب رؤوس الأموال الألمان والذين فقدوا الأسواق بفقدان مستعمرات ألمانيا تطابقت مع أهداف الحزب النازي مما مكن الحزب النازي أن يتسلم السلطة العام 1933 وبهذا استطاع أن يستغل الشعب الألماني لتحقيق أهدافه العدوانية ضد الشعب الالملني وشعوب العالم عبر سلسلة الحروب التي خاضها وكانت خاتمتها إشعال الحرب الكونية الثانية العام 1939التي دفع ثمنها الشعب الألماني قبل الشعوب الأخرى في محرقة الحرب التي أتت على كل ما أنجزته النازية خلال سني حكمها .....

في العراق جاءت الدكتاتورية عن طريق الانقلاب العسكري العام 1968 ولكنها لم تصرح بنواياها في التوسع والاضطهاد لأنها ضعيفة في تلك الفترة فاستطاعت أن تستغفل القوى الوطنية الموجودة في الساحة العراقية عبر التحالف الجبهوي وعبر الشعارات الرنانة وكذلك عبر اجراات البناء والاعمار وتأميم النفط والتظاهر بمعاداة الامبريالية استطاعت أن تكسب إلى جنبها اغلب القوى الوطنية المعادية للامبريالية في الداخل والخارج واستطاعت أن تستغل هذا الجانب في بناءها الداخلي والعسكري حتى اشتد عودها حيث اتخذت شعار (( تمسكن حتى تتمكن )) بعدها بدأت تتخلص من حلفاء الأمس وبطريقة التصفيات الجسدية عبر الدهس بالسيارات أو الاغتيال ثم تخلصت منهم بمطاردة وإعدام كل حلفاء الأمس وبدء الخط الإجرامي ينتصر ويبدأ في تحقيق طموحاته التوسعية عبر اختلاق الحجج والذرائع لإشعال فتيل الحروب فكانت الحرب العراقية الإيرانية العام 1980 البداية ولم يصدق الإنسان العراقي أن تنتهي هذه الحرب ليتنفس الصعداء حتى بدأت الصفحة الثانية من مخطط الدكتاتورية بغزو الكويت العام 1990 وما رافقها من كوارث حرب الخليج ومأساة الحصار الاقتصادي لتنتهي هذه الدكتاتورية كما الحركة النازية بتحالف دولي يطيح بها ويقدم قياداتها كمجرمي حرب كما قدم القادة الألمان إلى محكمة نورنبرغ .....هنالك ملامح مشتركة لكل الدكتاتوريات التي ظهرت خلال فترة القرن العشرين منها

1. تاليه الدكتاتور ومنحه الألقاب والأسماء والنعوت التي توصله إلى مرتبة الالهه وبأنه ملهم لا يخطئ2. سياسة الحزب الواحد والتخلص من كل القوى التي تختلف في الرأي مع الحزب الحاكم والذي يكون الدكتاتور على رأسه باستخدام القسوة المفرطة3. عسكرة المجتمع وإخضاعه للسلاح لمواجهة العدو الموهوم الذي يهدد امن الوطن4. الاقتصاد وكل موارد البلاد لخدمة الجيش والحرب والاستعداد لها5. السيطرة الإعلامية على كافة أجهزة الإعلام من قبل الحزب وإخضاع الإعلام لخدمة مخططات الدكتاتور6. الجدب الثقافي والإبداعي الذي يرافق المرحلة الدكتاتورية وخضوع الثقافة لإرادة السلطة الحاكمة وبروز طبقة مثقفي السلطة7. الاستعلاء القومي على شعوب الأرض عبر التمجيد بالقومية أو العرق والسياسة العدائية للأقليات العرقية والطائفية8. الشعارات تختار ممن يرمز إلى الفتك والقتل وترى شعار النسر أو العقاب شعار مفضل للدكتاتورية9. تمجيد الماضي ومحاولة استعادته وبكل الوسائل10. نتائج الانتخابات دائما تحمل الرقم 99999% إذا لم تكن 100%11. النهاية الدامية أما بثورة شعبية أو بتدخل خارجي يقتلعها من الجذور

هذا الجلباب ذو النقاط الإحدى عشر أعلاه ارتدته الدكتاتوريات المتعاقبة والتي عايشنا فترة منها أو قسم منا عايشها كلها لا يختلف إلا الزمان والمكان لهذه الأنظمة والنتيجة تكون بدمار شامل لأي بلد تحط الدكتاتورية رحالها فيه فهاهو الشعب الألماني دفع الثمن وقسمت ألمانيا إلى قسمين ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية ولولا انهيار المنظومة الاشتراكية وهمة الشعب الألماني لبقيت ألمانيا مجزئه ، وفي بلادنا العراق ذات الخيرات الوفيرة ماذا خلفت الدكتاتورية سوى الدمار والخراب والتخلف والفقر الذي يعاني منه أبناء شعبنا إلى ألان

خضير حسين السعداوي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
Zaid Mughir
2009-02-17
أخي خضير مقالك بديع وأنا معك لكن شيء واحد أود الأشارة اليه , أول طعنة لجسد العراق كانت هي ثورة عبد الكريم قاسم في 1958 والدليل . 1- ضرب الدستور 2-قانون الأصلاح الزراعي الذي دمر الزراعة بحجة الأقطاع ولم يكن في العراق أصلا أقطاع لأن مفهوم الأقطاع هبو عبودية الفلاح ولكن شيوخنا كانوا بمثابة العدل وكم فلاح تزوج من أبنة شيخ . 3- قطع العلاقة بالغرب واتجه الى السوفييت الذين كانو أول معترف بأسرائيل وأول من فتح سفارات لها 4- أذعن لأكبر دكتاتور وهو المقبور جمال عبد الناصر وكان سبب مقتله. مع التحية
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك