المقالات

السيد مهدي الحكيم .. شهيد الحرية


( بقلم : عمار العامري )

مرت على العراق خلال قرن العشرين الماضي ظروف استثنائية أدت إلى زوال الإمبراطورية العثمانية وبروز الدور الأجنبي والذي كانت له سيطرة مباشرة على جميع أحوال البلاد وأخرى مبطنة وما ترتب على هذه الأدوار من أثار سيئة أربكت أوضاع العراقيين العامة، تزامن معها ظهور بوادر التحرك الفكري والسياسي والذي لعب به العامل الديني الإسلامي دوراً كبيراً تزعم خلالها علماء الدين الشيعة المراجع المجتهدين محاربة ورفض التدخل الخارجي في إدارة شؤون البلاد، إلا أن هذه الأوضاع لم تمنع العقول المتفتحة والذهنيات المتوقدة بالنهوض بأعباء العراق وتصنع فكراً خلاقاً لتخليص البلاد من الأفكار الإلحادية ومواجهة الأنظمة الاستبدادية.

فقد اشتهر في العراق ساسة ومفكرين بارزون تعدوا حدود العراق وقد خطوا مسار الحياة السياسية والفكرية والجهادية، وواجهوا ظروف التحدي بالإصرار من اجل بناء العراق بهويته الإسلامية واستنهضوا أبناءه لبث الروح في كيانهم بعد، فشكلوا جميعا الرعيل الأول سياسياً وجهادياً، كان منهم السيد محمد مهدي الحكيم وهو ممن ساهم في إيجاد دور للمواطن العراقي في الحياة السياسية بشكل واضح، يعتبر السيد محمد مهدي الحكيم أول من أعتلى منابر التوجيه والإرشاد في النجف الاشرف وهو في العقد الثاني من عمره في النصف الأخير من القرن الماضي ليطرح أفكار متحررة من عادات والتقاليد المؤروثة في المجتمع والحوزة العلمية خاصة، وذات مغزى سياسي يحتوي على مصطلحات حديثة، بعدما تعرض العراق إلى غزو الأفكار الإلحادية واجهه السيد محمد مهدي الحكيم ذلك بتأسيس أول حزب سياسي ذات طابع إسلامي كان هو صاحب الطرح الأول لهذه الفكرة.

وأسس من خلال عمله في مرجعية والده قاعدة علاقات عامة من كافة شرائح المجتمع العراقي الرسمية والاجتماعية المثقفة والعشائرية الطبقات العاملة والشباب، وأصبح على رأس مجموعة أنصار جماعة العلماء ورئيسا لجماعة علماء بغداد والكاظمية وممثلا لوالده في بغداد ومن خلاله قدمت المرجعية الدينية الاعتراضات على القوانين والأنظمة التي تمس بالشريعة الإسلامية أو تتعرض بالخطر لحياة المواطن العراقي ومواجهة الرسالات التبشيرية وأسس حركة أبناء ثورة العشرين لتكون الواجهة، نظراً لحركته الملحوظة على الساحة السياسية في العراق وعلاقاته على أعلى المستويات الرد الفعل باتهامه "بالجاسوسية" وثبتت براءته من هذه التهمة إذ لم تتعرض أي جهة سياسية أو إعلامية إلى وجود علاقة مع أي من الدوائر التي اتهم بالعمالة لها.

تميز عمله داخل العراق وخارجه بطابع العمل الجماعي وتلاقح الأفكار ورفض نظرة " الأنا " الضيقة ،إذ تجده قريب من أفكار جميع الفصائل المعارضة متفاهماً معها ويشاطرهم معاناتهم وهمومه وكان هم العراق إذ يتعاون مع أصحاب الأفكار العلمانية واللبرالية والعسكريين حتى أصبح " القاسم المشترك " أو " البديل المرتقب "، وتجده يطرح المشاريع ذو أبعاد الوطنية مثل " أطروحة الجبهة الوطنية الإسلامية " و" أطروحة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق "، تميز كونه " شخصية عالمية " يحمل هموم أبناء الإسلام جميعا في أوطانهم كما يحمل هموم العراقيين في الداخل والخارج حيث يحمل جراحات الجميع، حيثما حل كان من أهل الوطن في العراق الابن البار وفي باكستان القائد والزعيم وفي دبي صاحب الاحترام والتقدير وفي لندن قائداً للأفواج وناشطاً في حقوق الإنسان وغيرها، فقد واجهه اعتراف شاه إيران بإسرائيل، وكان ذو اهتمام واسع بشان اللبناني والفلسطيني.

لعب دوراً في الجوانب الاجتماعية والتبليغية في إصلاح المجتمع وتفعيل در الجماهيري في محافظات العراق وحضور المحافل الدولية، وأحياءه الشعائر الإسلامية ودعمه لمواكب العزاء الحسيني لاسيما مواكب الجامعة، وإنشاء الأوقاف الإسلامية، واهتم برعاية المهاجرين والمهجرين من ديارهم، فانشى مشاريع خيرية وعَمر مساجد الله وأسس المكتبات والمنتديات الثقافية والفكرية واعتنى بالجانب الإعلامي، وكان لفئة الشباب دور في اهتماماته فأسس لهم نادي رياضي يحتوي جميع مستلزمات لإنشاء جيل واعي ومثقف.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
فائز
2009-01-20
في عام 1987 كنت على موعد مع الشهيد فاتفقنا قرب احد محطات الانفاق وجاءني بملابس افندية بسيطة وطلب لي وله بارد وتبسط معي وكانه يعرفني ثم سالني عن دكتور كان يعالجهم في النجف فقلت له اقاربي وانجز لي ما اريد.في عام 1985 القى محاضلرة اخلاقية عن حسن الظن فقال كثير من الناس يسلمون ولا اراهم فيظنون الظنون.في 1986 في موكب البلاغية تحدث عن التنافس بين اصحاب الحسين (ع) وشبهه بمسالة فقهية بين البائع والمشتري.لم ار رجلا يدخل القلب بلا استئدان مثل سيد مهدي وقل من مثله ممن لا يحبون الفخفخة ودمه لم ينشف في السود
ماجد
2009-01-18
ومهدی الحکیم سیبقی منارا یهز الطواغیت منه الدم فمن صوته یفزع الظالمون ومن دمه الجیل یستلهم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك