( بقلم : علاء الموسوي )
يتبادر للذهن وللوهلة الاولى في مطالعة مفردة الاصلاح التي تناولتها (وثيقة الاصلاح السياسي) بين المكونات في مجلس النواب، ان المشهد البرلماني والحكومي يشهد فسادا سياسيا، لتأتي تلك الوثيقة لتصلح ما افسده الدهر، ونسي البعض تجنب المحذور في العملية السياسية!. الا ان المناخ العراقي المتخم بالديمقراطية التوافقية وضريبة المشاركة الوطنية في الحكم والادارة والقرار الامني والسياسي... يجعل من استخدام تلك المصطلحات السياسية هينا على المراقب العراقي وتفسيراته المنطقية. وثيقة الاصلاح السياسي التي طالبت بها بعض الكيانات السياسية وجعلتها ورقة ضغط على الحكومة والبرلمان قبل التفاوض على رفض او قبول اتفاقية سحب القوات، هي في الحقيقة ليست جديدة العهد على المفاوضات والمناقشات الداخلية لمجلس النواب، فهي حاضرة في كل محفل سياسي يسمح به شرعا في ظل تنامي فضاء المزايدة والمقايضة السياسية، بل تصل احيانا الى وجوب التداول بها في بعض الحالات. لسنا من المعارضين لاي مشروع يتضمن التوفيق بحصول الاجماع الوطني والسياسي لاية قضية مختلف فيها بين المكونات والاطراف السياسية، سواء كان هذا المشروع عبارة عن وثيقة ام معاهدة او حتى اتفاقية، مادام عنصر المحافظة على الدستور واحترام الثوابت الوطنية حاضر بين ثنايا تلك المعاهدات والمكاتبات السياسية بين الفرقاء.
ولكن ما يثير الغرابة ويطلق فضاء العقل التفسيري الى العنان، هو اللجوء الى وثيقة تعنى بـ(الاصلاح السياسي) للمشهد العراقي بعد خمس سنوات من ممارسة مارثون الديمقراطية بشتى انواعها. والانكى من ذلك ان تُطلق تلك الوثيقة وبشكلها العلني قبل اقرار اكبر القضايا واكثرها اهمية لدى المواطن العراقي ومستقبل ثرواته، الا وهي (قانون النفط والغاز والموازنة المالية للعام المقبل)، ناهيك عن علاقة هذين القانونين بتثبيت النظام السياسي الجديد للبلاد في تضمين النظام اللامركزي لمستقبل الحكم في العراق، وتعزيز توسيع صلاحيات مجالس المحافظات والاقاليم.
نأمل ان يلتفت القائمون على تفعيل تلك الوثيقة، للمحاذير السياسية وحتى الامنية التي قد تفرزها تنازلات الطرف الواحد، بذريعة الحفاظ على الاجماع الوطني، والذي هو في الغالب لايمكن تطبيقه في ظل انعدام المقومات الاساسية لحصول هذا الاجماع. الامر الذي سيفرض واقعا سياسيا جديدا في المشهد العراقي لايقل خطورة عن المشهد الاول لسيناريو التنازلات السياسية.
https://telegram.me/buratha