( بقلم : صباح رحيمة )
في الحياة العامة تصادفنا الكثير من المشاهد المقصودة منها والعفوية والتي تثير اهتمامنا او احيانا الفضول فينا وتحرك النوازع البشرية في دواخلنا لنقوم بتقييمها كل من زاويته وهذه الزاوية بطبيعة الحال هي الانعكاس النفسي والثقافي والبيئي لنكون الصورة النهائية التي نقتنع بها وفق تلك المفردات .فعندما يظهر اما منا فجأة شاب عاري الجسد الا ماستر عورته لابد من ان الانظار كلها ستوجه اليه ويكون محط انظار كل المتواجدين تلك اللحظات في ذلك المكان وبالتالي ستكون الاحكام مختلفة ومتباينة بين من يسغفر الله ومن يحمده على واحدة من مننه ونعماءه ومن يذكره هذا الشاب بذكرى يحن ويأن لها ومن تثير فيه نزعة الضحك او التهكم ومن يقذف بالكلام وهكذا .ومثل هذا المشهد الكثير من المشاهد اليومية والعديد من الاحكام وطريقة التعامل المختلفة باختلاف النوازع والثقافات والبيئة .والسؤال ؟؟ هل ان كثرة المشاهدين ( المتلقين ) هنا هو دليل صحة الموقف ونجاح المشهد وقبوله ؟ ام ان ذلك يتوقف على نوع المتلقي ونوعية المشاهدة ؟
وهنا نسحب هذا المثل الى التعامل معه فنيا اذا ما اتفقنا بان الفن هو تقديم الحياة وان كانت مفترضة ولكنها تقدم بطريقة نجعل المتلقي يقتنع بان مايدور امامه هو حقيقة ولذلك فانه يتفاعل نفسيا ووجدانيا مع الاحداث فيبكي ويضحك ويتأزم ويتوقع ويضع نفسه في وسط الاحداث او انه يتصور نفسه طرفا في ما يدور ليشارك في الاحداث ويبحث عن الحلول ويطلق الاحكام .
وهذا بالتالي يقودنا الى السؤال المطروح في عنوان الموضوع ، هل ان كثرة المشاهدين لعمل فني يعني ان هذا العمل مطلوب وناجح ام ان نوعه هو الذي يقرر نجاحه وان قل مشاهديه ؟ولابد لنا من العودة الى دراسات واستبيانات وبحوث علمية دقيقة لنقرر ما اذا كانت هذه الاشكالية لصالح الكم ام النوع .
واذا اعتمدنا المثل وما استقر عليه الراي من التفاوت والاختلاف فهو بالتأكيد سينسحب على العمل الفني والذي يقدم هذه المشاهد اليومية ويستقي منها الافكار لطرحها ومناقشتها لتكون درسا يضيف المعلومات الى مدارك المتلقين ويزيدهم معلومة من تجارب الغير ليتخذو منها العبرة التي تغنيهم عن الوقوع فيها في شكل فني يمكن للمتلقي ان يتابعه وبانتظام ولهفة لانه سيجتمع مع غيره من المشاهدين في نفس اللحظات للمشاهدة وان اختلفت الاماكن وعندما يوجه له السؤال لماذا تتابع وتحرص على التواصل مع الاحداث ؟؟ يجيبك و ببساطة او بلاهة او بلا اهتمام على سبيل المثال .يضحك وهذه المفردة اذا ما تعاملنا معها فسنجد ان شر البلية ما يضحك ولابد من ان يكون وراء هذا الضحك نتيجة نخلص اليها ام انه مجرد ضحك فهذا ايضا نتيجة طيبة ان يكون هذا العمل قد حقق المتعة ومتعة بريئة تبعد الهم والغم من النفس وتجدد نشاط الخلايا الحسية وفي هذا نجاح .او ان النتيجة التي خلص اليها العمل هو جعل المتلقي يستذكر البيئة ويعيد الذكريات من خلال الاماكن التي وقعت فيها الاحداث وهذا ايضا نوع من انواع النجاح وتحقيق الغاية والفائدة وغير هذا من النتائج التي ينتهي اليها المتلقي في اضافة شيء من الفائدة ومن اي لون وهذا هو دور الفن ولكن .
اذا كان هذا الضحك لتعميق مفاهيم خاطئة وترسيخ قيم ضارة لابد من الكشف عنها وتعريتها . واذا كانت البيئة مقصودة للاساءة اليها وتوجيه الانظار على سلبياتها او تقديمها بشكل لايليق بها وليس منها ومحاولة الصاق ذلك بها فهذا يدخل في باب اخر من ابواب الاهداف المقاصد .وبما ان الفن هو ارقى انواع التربية الوجدانية وتهذيب النفس وهو المصدر الجمالي لزيادة الثقافة والوعي ودرس مهم من دروس الحياة فلا بد من التعاطي معه وفق هذه الاهمية وافراز الاعمال التي تقدم لبناء الشخصية وتقويمها وتغذيتها ام لهدمها وبث السموم فيها.
واذا ماكان هذا الفن يقدم من خلال حكايات بالصورة والصوة كاعمال درامية تحاكي الحياة ومن خلال جهاز التلفاز الذي يشكل اهمية كبرى في مصادر المعرفة والمتعة وما له من مميزات في الثأثير والمصداقية فلذلك فلابد من التعاطي معه بحذر ولنتباه شديد لما يؤول اليه من نتائج ربما لاتظهر حينها بل ان تراكم كمي ونوعي من المعلومات وان كانت بسيطة ولا تثير الاهتمام في وقتها ولكنها بالمحصلة النهائية وبعد مرور وقت من الزمن ستظهر اثارها واذ ذاك يكون العلاج صعب ويمكن ان يكون مستحيلا لان قناعات جديدة ستظهر وتحل بدل من اخرى وقيم ستكون هي المعيار بعد ان اندثرت قيم وهكذا . وهنا يكون السؤال الذي طرحناه بداية . هل ان كثرة المشاهدين دليل النجاح والقبول ام نوعية المشاهدة ومدى التأثير النفسي والثقافي عند المتلقي ؟؟؟هذا هو السؤال؟؟؟+++++++++++++++++كاتب ومخرج تلفزيوني
https://telegram.me/buratha