( بقلم : صباح رحيمة كاتب ومخرج تلفزيوني )
عام 1970 قدمنا مسرحية ( الخان ) على مسرح قاعة الحرية في مدينة الكاظمية وكنت اقوم بأداء دور ( حميد ) الشخصية الرئيسية في المسرحية التي كتبها الفنان ( قاسم وعل ) وشاركته في الاخراج وشاركني في تمثيل الدور الرئيسي الاخر( الجلبي ) ومن بين الممثلين الاعلامي ( سعد المسعودي ) والعديد من الطلبة الذين استمرمنهم بالعمل في مجال الفن او الادب او من اتخذ طريقا آخر .
وفي هذه المسرحية طرحنا موضوعا سياسيا واجتماعيا يتمحور في سلطة شخص يلقب بالجلبي الدكتاتورية واستحواذه على خان أخيه (أبوحميد ) بعد موته واستخدام حميد خادما وحارسا في هذا الخان ببدل اطعامه وايواءه حتى يتضح الأمر لحميد من قبل بعض المعارف والاصدقاء يبدأ بالعمل لاسترداد حقه يساعده في ذلك بعض الناس المظلومين ليتحقق النصر واعادة الحق الى أصحابه .
كان ذلك العمل بمجهوداتنا الفردية تأليفا واخراجا وأداءا ومن ثم عرضا وحسب معلوماتنا المتواضعة . فقد وضع أعضاء الفريق جدولا باسماءهم للخروج للعمل في اعمال البناء وحسب الحروف الابجدية على ان يكون كل اثنين منهم في يوم وفي اليوم التالي استراحة من التدريب لتوفير بعض المال للمساهمة في شراء بعض مستلزمات العرض . وكان العمل يقدم من خلال مدرسة الشعب المسائية في مدينة الحرية التي يعمل طلبتها في النهار بأعمال بسيطة ومنها متعبة ويدرسون ليلا بين الساعة الخامسة عصرا والثامنة والربع مساءا وبعدها يبدأ التمرين على المسرحية حتى الساعة العاشرة .
وفي احد أيام العرض تأخر احد الممثلين ( الفنان التشكيلي ضاري مظهر الان) ولم يتبق على موعد افتتاح الستارة الا دقائق ما جعلنا نبحث عن حل ولم نكن نتوقع حدوث مثل هذا ولم نتهيأ له. ولكن وبعد ان هيانا احد الطلبة للقيام باداء الدور ولو ان يقرا في النص، دخل علينا ضاري يلهث من التعب وبملابس العمل التي علتها بقايا من الرمل والأتربة و الجص والطابوق ، غارقا في الضحك مما أثار دهشتنا وذهولنا ونحن في هذا الموقف الحرج وتوجه على الفور لغسل مايمكن غسله ولم يكن هنالك وقت للسؤال او اللوم او العتب وتحرك الجميع بسرعة لكي يتهيا لفتح الستارة .
وبعد انتهاء العرض اجتمعنا لكي نعرف سبب هذا التأخير فأخبرنا بأن مفرزة من ( الانضباطية ) سيطرة الجيش قد القت القبض عليه لأنه لا يحمل اي وثيقة تعريفية ( هوية ) وبعد الاخذ والعطاء والتوسلات أخبرهم أنه مرتبط بعرض مسرحي ضحكوا واستهجنوا . واحد مثله يشترك بعرض مسرحي حيث ان هياته التي علاها بقايا التراب واثار الجص لابد وان تدفعهم لمثل هذا الاستنتاج وصغر سنه وشكله الاشعث حتى أرسل آمر السيطرة لاحضاره امامه وطلب من ان يقوم بتمثيل دوره.
وبالفعل قام ضاري مضطرا بالتمثيل أمام الحضور ( الضابط ومعيته ) وما كان من هذا الامر الا أن يرسل معه من يوصله الى مكان العرض بشرط ان كان صادقا ترك ، وان كانت خدعة فعليه أن يتحمل النتائج وهكذا وصل بسيارة عسكرية خاصة اجتازت كل التقاطعات والسيطرات بلا توقف وبلاش ( على حد قوله ) وهو يغرق في الضحك الذي غرقنا فيه نحن ايضا وضلت هذه الحادثة تحتل مكانها في سجل الذاكرة .والى واحدة اخرى والسلام .
كاتب ومخرج تلفزيوني
https://telegram.me/buratha