( بقلم : احمد عبد الرحمن )
اشرت "ازمة" خانقين بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان التي ظهرت قبل عدة اسابيع، ومازالت تفاعلاتها وتجاذباتها تطفو على السطح، الى حقيقة جوهرية، الا وهي ان الحوار الهاديء والبناء المستند على اسس ومعايير دستورية وقانونية وسياسية سليمة ومتفق عليها هو السبيل الامثل للاستمرار في العملية السياسية، والحؤول دون تعثرها او توقفها او وصولها الى نفق مظلم او طريق مسدود.
وطبيعي ان الفرقاء المختلفين على قضية او قضايا ما، كما هو الحال على سبيل المثال لا الحصر في ازمة خانقين بحاجة الى اطراف تقوم بمهمة تقريب وجهات النظر وترطيب الاجواء، وتهيئة ارضيات مناسبة ومناخات ملائمة للبحث والنقاش الموضوعي العقلاني بعيدا عن الحملات الاعلامية المتبادلة التي غالبا ما تكون كالزيت حينما يصب على النار. وهنا فأن المجلس الاعلى الاسلامي العراقي اضطلع بدور محوري وفاعل في احتواء وتطويق "ازمة" خانقين والحؤول دون اتساع مدياتها وايقاف تداعياتها عند نقاط معينة ، اذا لم يكن ممكنا حلها وانهائها بالكامل.وكان للقاءات التي تبنى المجلس الاعلى عقدها وتنظيمها بين مسؤولين في حكومة المركز وحكومة اقليم كردستان الى جانب اللقاءت والاجتماعات الجانبية اثر ايجابي كبير في حلحلة الامور.
ومعروف ان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي يرتبط بعلاقات وثيقة وتأريخية مع القوى الكردية، لاسيما الرئيسية منها، متمثلة بالاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وهذه العلاقات المبنية على اسس وثوابت استراتيجية رصينة شكلت عنصرا مهما في تجاوز الكثير من العقبات والعراقيل التي واجهت العملية السياسية خلال الاعوام الخمسة الماضية، وفي ترسيخ مبدأ التوافقات السياسية كخيار لابد منه الى جانب الاستحقاقات الدستورية الانتخابية للتغلب على بعض الازمات ومعالجة الخلافات والاختلافات بين المكونات السياسية المختلفة.
اضافة الى ذلك فأن المجلس الاعلى يعد احد المكونات الحيوية والفاعلة في العملية السياسية عموما وفي الهيكل الحكومي، وكان لمواقفه الداعمة للحكومة ولرئيسها في منعطفات حادة وخطيرة اثارا ونتائج طيبة على الصعيد السياسي وصعد اخرى. وبما ان ازمة قضاء خانقين جاءت على خلفية تقاطعات بين بغداد واربيل حول طبيعة المهام والادوار والحضور الميداني، فأنه من الطبيعي ان يكون المرجع القانوني هو الدستور الدائم، وهذا ما انطلق منه المجلس الاعلى في مساعيه لاحتواء الاختلافات والخلافات بين الطرفين، والحؤول دون اتساع الهوة فيما بينهما بما قد يهدد العملية السياسية والتحالفات القائمة، وقد لاحت في الافق بوادر وملامح واضحة عن التوصل الى حلول توافقية بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم.
ولاشك ان الحلول التوافقية تعكس وجود قدر كبير من الحرص على عدم التفريط بالانجازات والمكاسب المتحققة، وعدم تعريض العملية السياسية الى تصدعات وضربات سياسية يمكن ان تفضي الى اضعافها وبالتالي تراجعها.ولعل التجارب العديدة التي مرت بها مسيرة العملية السياسية اكدت ان حسم وحل النزاعات والخلافات والاختلافات يحتاج الى الانطلاق من منطلقات صحيحة، تتجاوز اطر المصالح الخاصة والفئوية الضيقة، ويحتاج الى قوى وشخصيات تمتلك رؤى وافاق واسعة ومنهج عقلاني متزن في التعاطي مع المشاكل والازمات لغرض معالجتها وحلها. والمجلس الاعلى الاسلامي العراقي كان ولازال يعد واحد من ابرز القوى السياسية العراقية، في توجيه الامور بمسارات صائبة، وفي نزع فتيل الازمات، وفي فك العقد، والتقريب بين الاطراف المختلفة، دون الابتعاد والنأي عن جوهر وروح الدستور.
https://telegram.me/buratha