المقالات

السعودية تحت مطرقة نوزيك وسؤال موجّه إلى الحكومات العراقية

131 2025-11-19

دکتور منتظر الشيخ عمار الشویلي

في كل مرة تثار فيها قضية قتلى الحادي عشر من سبتمبر يظهر سؤال جوهري يتعلق بطبيعة الدولة وقدرتها على تذكر او تجاهل الالم. حين يعبر محمد بن سلمان عن تضامنه مع عائلات الضحايا الامريكيين يتحول الموقف الى نموذج حي لانتقائية الذاكرة السياسية. دولة ترى الجرح البعيد لكنها تتعمد عدم رؤية الجرح القريب الذي كان نتاج سياسات او افراد ينتمون اليها. هذا التناقض ليس سياسيا فقط بل هو مثال لما يسميه نوزيك اللاتناسب الاخلاقي بين الفعل والعقاب. فالدولة لا تعتذر لانها مذنبة بل لان قوة اكبر تجعل الصمت مكلفا. القوة لا الاخلاق هي التي تحدد اتجاه الاعتذار.

الدولة ككيان فضائي للمصلحة

يرى نوزيك ان الدولة ليست عقلا اخلاقيا بل الية تتحرك بفعل المصلحة. لذلك حين اعتذرت السعودية او دفعت تعويضات للولايات المتحدة لم تكن تمارس فضيلة بل كانت تتحرك وفق منطق البقاء والامتثال لسلطة قادرة على ايلامها اقتصاديا وسياسيا. اما العراق فبرغم آلاف الشهداء الذين سقطوا بفعل دعم اعلامي او مالي او بشري قدم من خارج حدوده فانه لا يمتلك المحفز الذي يجبر الرياض على الاعتراف. لا يمتلك الثقل الذي يجعل الصمت السعودي مكلفا وبالتالي لا حاجة لاعتذار. الدول في منطق نوزيك لا تفعل ما هو صحيح بل ما لا يمكنها تجنبه.

لماذا لا يطالب العراق

ليس لان الدم اقل قيمة بل لان الدولة العراقية تفتقد شروط المطالبة:

1 ضعف الدولة الحدية القادرة على فرض الحقوق دون ان تبتلعها تناقضات الداخل

2 الارتباطات الخارجية التي تعيد تعريف المصلحة الداخلية

3 انعدام قدرة الدولة على فرض نظرية الاستحقاق النوزيكية حيث لا يحصل الفرد او الجماعة على حقها ما لم تستطع اثباته بقوة القانون

4 غياب اوراق الضغط التي تجعل التعويض نتيجة كلفة سياسية لا خيارا اخلاقيا

العدالة حين تصبح اختيارية

في فلسفة نوزيك العدالة ليست نتيجة اتفاق عالمي بل نتيجة قدرة. لا عدالة مطلقة بل اعترافات قسرية تنتزع من الدولة حين تواجه قوة اكبر. لذلك قد تعتذر السعودية لامريكا لكنها لا ترى ضرورة للاعتذار للعراق. ليس لغياب الجريمة بل لغياب القوة التي تحول الجريمة الى ملف يجب الاعتراف به.

العراق بين الضحية والواجب

اذا اراد العراق المطالبة بحقوقه فعليه ان يتقن لعبة الدولة: بناء مؤسسات قوية واحتكار القرار السيادي وامتلاك قدرة توليد الكلفة على اي تجاهل خارجي وتشكيل ملف قانوني دفاعي. فالدولة في منطق نوزيك لا تعطيك حقك لانك مظلوم بل لان خسارتها اكبر من ظلمك. وعندها فقط يتحول العراق من ضحية تتألم الى دولة تفاوض.

الخاتمة

في عالم تحكمه المصالح لا شيء يضمن اعتذارا او تعويضا او اعترافا الا القوة التي تجعل الاعتذار ضرورة والتعويض خيارا والاعتراف مكسبا. العدالة لا تنتظر دموعك بل تنتظر قدرتك.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك