المقالات

من عيسى لعلي (براثا نصب تاريخي)..!

461 2024-10-25

إنتصار الماهود ||

جامع براثا وهل منا من لم يزره أو لا يعرفه؟! ( مقامه، صخرته، البئر، نخيله، الصلوات والأدعية، جدرانه، نقوشه، ذكريات أمي وحبوبتي وهن يدعين داخله بكل إيمان وخشوع)، كل ذلك إستحضرته خلال دقائق،

لا أعلم كم من السنين التي إختصرتها خلال هذه الوقفة أمام جدارية تمثل تأريخ جامع براثا، وكأن شريط حياتي مر عليّ مجددا وكأنني دخلت في أحد القصص التي كان يسردها لنا أهلنا، لوحة إختصرت وجسدت ولادة السيد المسيح وحتى يومنا هذا.

حكت لي هذه الجدارية قصصا مثل قصة أمي والتي إعتبرتها ضربا من الخيال في مراهقتي، حدثتني عن جامع براثا وكيف أنه مهد ولادة السيد المسيح عليه السلام هذا هو المكان القصي الذي إختاره الله تعالى لمريم، كي تلد معجزتها وقصت لي قصة النخلة اليابسة وبئر الماء، وكنت أقول في داخلي ما الذي يجعل مريم عليها السلام تقطع كل هذه المسافة لتلد هنا بدلا من بيت المقدس، ربما ما تقصه لي أمي هو تراث شعبي دارج بين أهلنا.

كبرت ونسيت تلك القصص والمعجزات التي حدثتني بها، حتى وقفت أمام هذه الجدارية الرائعة وفي أعلاها صورة للسيدة مريم العذراء تحمل طفلا، وعلى اليمين يقف قساوسة أمام دير يحملون الكتاب المقدس، وعلى اليسار مجسم الإمام علي عليه السلام و أبو أيوب الأنصاري و سعيد إبن جبير وجنود آخرون، تنقلت عيني بين طياتها وكأنها فتحت لي بابا زمنيا لأتجول هناك وأقترب من التأريخ شعور جميل جدااا.

أساس فكرة المجسم هو الجانب العقائدي وتأريخ هذه المنطقة، والذي يمتد لولادة السيد المسيح، كما أشار نحاتنا المبدع الأستاذ أحمد البهادلي، كان من المقرر أن يتم عمل نصب مشابه قرب ساحة عدن ليمثل المنطقة، لكن تم إختيار موقع براثا وبالطبع من حسن حظنا أن تجسد القيمة التأريخية والروحية لها.

تكلم النحات أحمد البهادلي عن تاريخ المنطقة، وكيف إستلهم الصور الثلاث الموجودة أولها ولادة السيد المسيح، والنخيل وعين الماء التي أكلت منهم وشربت السيدة مريم عليها السلام، وكيف أن النخل كان في العراق فقط ولم يكن في فلسطين وهذا بالطبع ثم إثباته بعد البحث الدقيق وفحص المصادر التأريخية، ليروي لنا القصة الثانية للدير المسيحي الذي كان موجودا قبل الجامع وكيف دلهم الإمام علي عليه السلام على بئر الماء الذي شربت منه السيدة مريم عليها السلام ولازال موجودا حتى يومنا هذا،

ثم الصخرة الموجودة في وسط الجامع والتي تعتبر من المعجزات، وسرد لنا كيف بني المسجد فيما بعد، بروحية وقدسية لهذا المكان الذي تكللت بأثر معماري إسلامي شيعي مهم.

حدثنا عن فكرته حينما جلس على الرصيف المقابل للمسجد، ووجد الفكرة والمكان الخاص بالنصب، والذي تم في إطار التعاون بينه وبين الشركة المنفذة لمجسر براثا حيث إشترطت الحكومة الحالية، نصب أعمال فنية بجانب كل مجسر يمثل تأريخ المنطقة المقصودة، تم إختيار خامة العمل من الفايبر گلاس المقاومة للظروف الجوية والبيئية في العراق أما عمر الترميم سيكون بعد 25 سنة، لكن إدامة الالوان الموجودة في الجدارية فتحتاج للتجديد كل خمس سنوات.

بدأ فريق العمل أولا بلوحة مطبوعة ببرنامج الديجيتال مع 3 برامج رقمية، لابراز الأبعاد الدقيقة تم تثبيت مسامير تجسد الأبعاد المستخدمة وتثبيتها بمادة الطين، والتي إحتاجت ظروفا خاصة تم الإعداد لها من أجل المحافظة عليها وبعد قالب الطين، الفلين ثم قالب الجبس المدعم بالألياف ليكون حاضنا للمجسم النهائي.

إستغرق الجزء الاول الجانب الإسلامي من النصب سبعة أيام لصب القالب الخاص بالطين، أما الجزء المسيحي من النصب إستغرق خمسة أيام، وبهذا يكون مجموع أيام التحضير للعمل 12 يوما وهو وقت قياسي للعمل على نصب بابعاد 8 أمتار عرض و 4 أمتار إرتفاع.

إختار النحات البهادلي العقلانية والأسلوب الهاديء لتمرير فكرة العمل الأساسية، والتي تستند أصلا على المعجزات كما يعتبر هذا العمل هدية من النحات و الشركة المنفذة لمجسر براثا مناصفة، وسيتم نصبه خلال الأيام المقبلة القادمة، كما ستكون هنالك شاشة ذكية لعرض كل التفاصيل التي تخص العمل والتي ستعمل عن طريق الباركود.

لقد حول السيد أحمد البهادلي تأريخ يمتد لمئات السنين، الى لوحة ناطقة ستجذبك منذ الوهلة الاولى وأنت تنظر إليها بفخر لأنك جزء من هذا المكان وهذه العقيدة وهذا المذهب، أنت ستكون جزء من حاضرها وسيكون لأولادك مستقبل معها وهو ما أفخر به حقيقة، وأشجع على أعمال فنية مماثلة تجسد قيمة روحية وعقائدية حقيقية تمزج الفن والحداثة بعبق التأريخ والإسلام.

وفي الختام نسيت أن أذكر لكم أن تكلفة العمل لا تقارن بأي شيء قرأتم عنه بالطبع لن أذكر لكم المبلغ الحقيقي لأنه سر، لكن اطمئنكم أنه لم يكلف الميزانية درهما واحدا فهو مجهود شخصي وعمل فني إبداعي بكل ما تحمله الكلمة من معنى تبرع به مبدعنا، لذا لا نريد أن نرى الصفحات الممولة تثرثر بالمليارات، والحديث عن إستنزاف ميزانية الدولة والتي لا اساس لها ننتظركم لتشاهدوا الجدارية الرائعة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك