بقلم : سامي جواد كاظم
الاسس الاربعة المعتمدة لدى فقهاء الامامية في استنباط الحكم الشرعي هي الكتاب والسنة والاجماع والعقل مع التاكيد على الكتاب والسنة بالدرجة الاولى وادخال العقل من قبل المحدثين واصبح هو الميزة التي عرف بها الاصوليون عن الاخباريين الذين يتمسكون فقط بالكتاب والسنة مع الاخذ بعض الشيء بالاجماع ، الا ان النقطة التي اود التفكر والتمعن بها ، الا وهي قول المعصوم ومايرافقه من ملابسات ،لعل اهمها فهم اللغة العربية والسند مع المتن والتي كان جل اهتمام العلماء بها حتى ان تصنيف الحديث تم على اعتبار السند اي الرجالات التي نقلت الاحاديث وعليه يقسم الحديث الى الصحيح والحسن والموثق والضعيف وتم تقسيم الحديث الى هذه الاقسام حسب الراوي لها بحيث لو كان الراوي اماميا ثبتت عدالته بالطرق الصحيحة يكون الحديث صحيح اما اذا كان اماميا ولم ينص احد على ذمه او عدالته يكون حديث حسن واذا كان مسلم غير شيعي ولكنه ثقة يكون حديثه موثق ومن لا يتصف بالانواع اعلاه يكون حديثه ضعيف ، من هنا يتضح ان المعيار لقيمة الحديث هو الراوي .
اقول ان هنالك امر لا بد من الالتفات اليه بما له من تاثير على فهم معنى الحديث والتي غالبا ما لاحظت اهمالها من قبل الكثير من المعنين في هذا المجال ، المعروف لدى البلغاء ان الجملة اما ان تكون خبرية او انشائية فالخبرية قابلة للصدق او الكذب والانشائية لا تقبل الصدق والكذب فعليه لا بد من الاهتمام بالحديث الذي يقوله المعصوم هل هو جواب لسؤال ؟ ام انه تفسير لحالة شاهدها المعصوم ؟ام انه لغرض الموعظة والتدريس ؟ ومن كان في مجلس المعصوم حال قول الحديث ومن كان السائل؟ كما ان هل يوجد اتصال او قطع بين رجال السند الراوين للحديث ؟.
وعليه نجد ان الامام علي عليه السلام صنف الحديث الى اربعة اصناف حسب رواته فكان القسم الاول هم من سمعوا الحديث عن رسول الله (ص ) ولم ينقلوه بدقة وكانوا لا يعلمون انهم غير دقيقين في نقل الحديث والقسم الثاني نقل حديث عن رسول الله منسوخ ولا يعلم انه منسوخ والقسم الثالث الوضاعيين والقسم الرابع هم الذين يحفظون وينقلون وبدقة عن رسول الله (ص) ، من هذه التقاسيم تكون نسبة الغير صحيح الى الصحيح هو 3/1 .هذا مع العلم ان هنالك امور اشار اليها الائمة المعصومون (ع) الا وهي ان احاديثهم مشابه للقران من ناسخ ومنسوخ ومتشابه ومحكم وعليه فلا بد على الشخص الضليع بالحديث ان يكون قد وضع في حساباته هذه الملاحظة المهمة التي اشار اليها الائمة عليهم السلام ، ومن هنا نستطيع القول ان السبب الذي ادى الى ظهور الطوائف والملل هواللغة العربية والناسخ والمنسوخ والمتشابه والمحكم (المحكم يصبح موضع خلاف بسبب اللغة العربية) .
ولاسرد الامثلة التي توضح الغاية من المقالة كان الامام الصادق (ع) يعيب زرارة في مجلس معين ويمدحه في مجلس اخر فيقول الامام (ع) الى زرارة انما اعيبك لخوفي عليك وامتدحك لاظهار ما انت عليه من العلم والمنزلة لدينا ، فلو حضر رجل في مجلس الذم دون المدح وقام بنقل الحديث الذي ينتقص زرارة فهو صادق في نقله ولكن الملابسات التي رافقت الحديث لا يعلمها الراوي عندها يكون هنا الاشكال ، في حديث اخر للامام الصادق عليه السلام يعلَم ابا بصير استحبابات الصلاة فيستغل المخالف هذا الحديث في الطعن بابي بصير هذا الصحابي الجليل ، مع العلم ان للامام الصادق (ع) اكثر من حديث يشيد بزرارة وابي بصير ويعتبرهما من الاعمدة المهمة الذي يرتكز عليهما الفقه الشيعي ،مثال اخر سال علي ابن يقطين الامام الكاظم (ع) عن كيفية الوضوء فعلمه كما يتوضأ اهل السنة فاستغرب علي ابن يقطين من الجواب الا انه التزم بامر الامام، واتضح فيما بعد ان الوزير متهم بالتشيع وانه تحت المراقبة لكي يثبت الدليل عليه من خلال الوضؤ ولكنهم فشلوا بفضل علم ودراية الامام الكاظم (ع) وبعد مدة ارسل اليه الامام وعلمه وضؤ النبي (ص) .
اما في كتب الصحاح فحدث ولا حرج ولأسرد بعض الامثلة على الخلل الموجود في سند الحديث ناهيك عن متنه ففي صحيح البخاري باب صلاة التراويح يقول (وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ ....... ) وفي باب النكاح يقول (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ..... ) وفي باب الحكم يقول (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ (3) مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ............) ، كما ان هنالك بعض الاحاديث في البخاري يكون سنده ( عن فلان او عن رجل ) وهذا بحد ذاته نكرة والنكرة لا يمكن لها ان تاتي بخبر صحيح .
المؤاخذ على الاحاديث هو السند فان البخاري من المعاصرين للإمام علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام فلو تحدث الامام علي الهادي بحديث عن رسول الله (ص) يكون مجموع رجال سنده والذين هم الائمة (ع) الذين قبله يكون عددهم على اقل تقدير ثمانية اشخاص في حين نرى رجال سند احاديث البخاري حسب ماذكر اعلاه بين الثلاثة والاربعة ولا اعلم كم كان عمر الراوي الواحد في احاديث البخاري .
هنا يظهر لنا مصطلح الحديث المرسل والذي هو الاخر له شروطه في الاعتماد على صحته ومنها ان يكون من يرسل الحديث ثقة ومعروف بالعدالة وعدم الكذب وبالرغم من ذلك فهنالك الكثير من العلماء من يرفضون التسليم والتصديق بالحديث المرسل من غير سند منهم العلامة الحلي قدس سره الشريف ومن هنا يبقى السند المعتبر في اعتماد وثاقة الحديث احد الاعتبارات المهمة التي يجب ان يؤخذ بها في اعتماد وثاقة الحديث .
https://telegram.me/buratha