ماجد الشويلي ||
مركز أفق للدراسات والتحليل السياسي
من المعلوم للقاصي والداني أن أول ما قامت به ايران بعد نجاح الثورة الاسلامية
عام 1979هو تبنيها للقضية الفلسطينية بنحو ثوري ، عمدت فيه بكل جرأة الى انتزاع السفارة الفلسطينية من مخالب الصهاينة واعادتها الى الفلسطينيين.
ثم كان لها ذلك القانون الحازم والملزم للحكومات الايرانية بدعم القضية الفلسطينية،
حتى اعلان يوم القدس العالمي
الذي دعا اليه الامام الخميني(رض)
بكل مايحمل من تأثيرات معنوية وتعبوية على الامة.
كل ذلك وايران كانت بأمس الحاجة الى الاستقرار ريثما تتمكن من تثبيت قواعد ثورتها .
كان الاقتتال في شوارع العاصمة طهران والاغتيالات لقادة الثورة ومفكريها تترى، ناهيك عن الحرب الشعواء التي شنها النظام الصدامي عليها مدعوما من العالم كله بشرقه وغربه.
كلُ ذلك وايران لم تأبه به ولم تكترث له
واعتبرت أن دعم الحق الفلسطيني وتدشين مشروع المقاومة من صميم مبادئها ولو أدى ذلك لتقويض ثورتها.
كان هناك ألف عذر وعذر للجمهورية الاسلامية للتخلي عن تبني مشروع تحرير فلسطيني،
كان يمكن لها تأخير ذلك او تأجيله،
بحجة أن فلسطين قضية قومية مذهبية ونوعا ما جغرافية .
هكذا كان يمكن لها التماس الاعذار وخلق المبررات،
لكن أنى يكون ذلك ومفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني(رض) كان يقول ((لايمكنني أن أكون حسينيا وأتخلى عن فلسطين))
في حين أن حركة حماس (وهذا ليس للمثال) بمجرد أن وصل الأخوان المسلمون الى السلطة في مصر عام 2012 عقدوا هدنة طويلة مع الكيان الغاصب برعاية الرئيس المصري محمد مرسي ، عقب عملية (عمود النار ) التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة،
على أساس أن نجاح تجربة حكم الاخوان المسلمين أولى من المقاومة !!
فماذا كانت النتيجة على صعيد حكم الاخوان وحركة حماس؟
باختصار شديد منيت مصداقيتهم بخسارة كبيرة امام الأمة كما أنهم لم يجنوا ثمرة واحدة من تلك الهدنة .
وبقيت حماس على لائحة المنظمات الارهابية وقطاع غزة محاصر وانهارت تجربة حكم الاخوان في مصر بمدة وجيزة.
فلو اردنا استلهام العبرة من هذا الخيار والوقوف على مغازيه العميقة،
وجب علينا فهم أهمية استمرار المقاومة في العراق وتهديد المصالح الامريكية خاصة اذا تعلق الأمر بدعم القضية الفلسطينية ولو على أساس براغماتي .
لجهة أن العراق يقع بقلب الاستهداف الاسرائيلي ، وخير مثال على ذلك محاولة جعله ركيزة للابراهيمية الجديدة.
هذا فضلا عن تداعيات احتلاله من قبل أمريكا واقامة قواعدها العسكرية عليه.
لذا فان الاستمرار بالمقاومة واستهداف القواعد العسكرية الامريكية يندرج في اطار الدفاع عن العراق بل وعلى العملية السياسية كذلك .
ذلك لان القضاء على المقاومة في فلسطين (لاسمح الله) له تداعيات خطيرة يقف في صدارتها الاجهاز على التجربة
السياسية في العراق ، وتغييرها بشكل جذري ، لكونها دفعت (بالعراق) ليكون اقرب لمحور المقاومة منه الى المحور الامريكي.
وعلى فرض أنهم أبقوا على النظام السياسي أو تمكن من الصمود النظام _وهو مستبعد جدا_فسيجد نفسه مطوقا بمنظومة دول مطبعة تفوقه قوة وقدرة.
وسيجد اقتصادياته ومقدراته مرهونة
للنظام الاقتصادي الذي تقوده اسرائيل،
وسيكون مرغما على تقبل امضاء الابراهيمية الجديدة وسن القوانيين التي تمسخ هويته وثقافة شعبه.
نعم هذا لايمنع الجمع بين مسار العمل على انجاح العملية السياسية ومسار المقاومة المسلحة.
المهم أن لا نتوهم أن التخلي عن نصرة الشعب الفلسطيني يتيح لنا تمتين ركائز الدولة وبالخصوص في ظل ما نشهده من تداعيات لطوفان الاقصى الذي يحتم
الانخراط في المواجهة تدريجيا بحسب مقتضيات الميدان.
https://telegram.me/buratha