الشيخ الدكتور محمد علي الدليمي ||
من الواضح والبديهي أن المناهج الدراسيّة في جميع العلوم ركن أساسي في تطورها .
وهي تتغيّر نوعاً ما بتغيّر الأزمنة ، والأمكنة , وتطوِّر العلوم وتكاملها.
والكتب الحوزويّة لها الأهميّة الكبرى في سير الدراسة في الحوزات العلميّة الدينيّة ، ونظم أمرها وارتفاع مستواها، ويمكن تقسيم مناهج الحوزة إلى ثلاث مراحل :
1ــ مرحلة المقدّمات، وهي تعادل او بمثابة المرحلة المتوسطة والثانويّة في الأنظمة التربويّة الحديثة .
2 ــ مرحلة السطوح، وهي وقد تكون بمثابة مرحلة المعاهد والجامعات .
3 ــ مرحلة البحث الخارج ، تصل الى وهي مراحل الدراسات العليا..
ويدرس الطالب العلوم الدينية في المرحلة الأولى ــ المناهج التالية :
العلوم العربيّة (النحو والصرف والبلاغة)،والمنطق, والأخلاق،والتاريخ، وعلوم القرآن، ومختصر علم الأصول، والفقه غير الإستدلالي المتمثّل بالرسالة العمليّة التي هي كتاب فتوائي لأحد المراجع العظام مع كتاب فقهي لأحد العلماء السّابقين(كالشرائع) المشتمل على قدر بسيط من الإستدلال.
ومن ثم تاتي المرحلة الثانيّة فيقوم الطالب بدراسة بعض المناهج الجديدة، كعلم الرّجال، والحديث، والكلام، والفلسفة مع تكميل بعض ما تقدم من المناهج في المرحلة السّابقة، كعلم الأصول، وعلم الفقه مع اشتمال كتب العلمين الأخيرين للإستدلال الأعمق في هذه المرحلة.
اما المرحلة الثالثة وهي مرحلة البحث الخارج، وهي المحاضرات التي يعدّها فقيه كبير، ويلقيها على مسامع الطلبة الذين اجتازوا المرحلتين السابقتين بنجاح، وتفوق حيث يعرض من خلالها رأيه في المسألة الفقهيّة، أو الأصوليّة، أو العقائديّة، أو التفسيريّة .
وبعد هذا العرض السريع لمناهج التدريس في الحوزة ، لابدّ من الإشارة إلى نكتة مهمّة ، وهي : أنه منذ تأسيس الحوزات العلميّة ولحد الآن لم يكن هناك كتاب درسي معيّن يدرّس على مرّ العصور ، فهناك كتب دراسية خصوصاً في المرحلة الأولى قد تجدّدت مرّات عديدة إلى حيث الكتاب الأفضل تنظيماً وطرحاً ومحتوىً .
نعم ، هناك كتب قد سلمت من التغيير لفترة طويلة إما لجودة تنظيم أبوابها ، أو لرصانة محتواها ، أو سهولة أسلوبها وطرحها ، أو لعدم ظهور كتب بمستواها .
وهذا أمر يلاحظه طالب العلم الحوزوي ، وبعض أهل الإختصاص من العلوم الأخرى كبعض طلبة الجامعات ، فيطالبون بالتجديد والتحديث فيها .
كما أن المجال مفتوح للعلماء بتأليف كتاب درسي في شتى المجالات ، ولكن قد لايجد نصيباً للقبول من قبل أساتذة الحوزة وطلبتها ، وقد تكون هناك أمور معنويّة وراء تقبل الحوزة لبعض الكتب الدراسيّة ، ففي النتيجة تعّين كتاب للمنهج ليس بفرض فارض في الحوزات العامّة بل الكتاب الجيّد من حيث التنظيم والطرح والمحتوى ، وقدسيّة المؤلف هو الذي يشقّ طريقه إلى حيث القبول والرضا كمنهج للدرس .
للموضوع تتمة نتناولها بمقال لاحق
ان شاء الله تعالى
https://telegram.me/buratha