المقالات

طائفية ساسة العراق وعنصريتهم / الحلقة الثالثة (2)/ ( طالب النقيب )


رياض سعد

ولعل سائل يسأل : الى متى تبقى القوى الاجنبية تفرض علينا قيادات غريبة وشخصيات جاءت من بلاد بعيدة لحكم العراق ولاسيما جنوبه ؛ ولعل طالب النقيب مثالا واضحا فقدوا جاؤوا مهاجرين لا يعرف لهم اصلا ولا فصلا وفي غضون بضعة عقود يدعي طالب النقيب تمثيل البصرة ويطالب بحكمها بل بحكم العراق العظيم ..!!؟؟

بينما يعيش الجنوبيون عقودا طويلة من الزمن وفي عاصمتهم بغداد التي بنوا اغلب احيائها الجديدة بسواعدهم السمر , كما بناها اجدادهم الاوائل - أول مرة - من النبط والعرب القدامى عند تأسيسها ؛ كأنهم غرباء وطارئين ولا يحق لهم التكلم باسم بغداد التي هي امتداد لسهلهم الرسوبي ...!! ومن سخرية الاقدار ان عائلة النقيب بفروعها العثمانية المتحدة – فرع بغداد وفرع البصرة وفرع الموصل ... كأنها شركة مساهمة وليست عائلة ... - اصبحت تسرح وتمرح في العراق وتقرر مصيره كيفما تشاء , اذ يذكر لنا التاريخ ان ممثلي الشعب من الاغلبية العراقية ومن الوطنيين الاخرين رفضوا معاهدة الانتداب ؛ فصرخ بهم المعتوه الخرف والطائفي البغيض الشيخ عبد الرحمن النقيب قائلا : ((أنا صاحب البلاد فما شأنكم أنتم )) ..!!

ولا عجب في ذلك فطالما فرضت القوى المنكوسة على العراقيين قيادات دخيلة , ومسارات سياسية ظالمة , وادعاءات باطلة , وثقافات غريبة , وأيدولوجيات حزبية شوفونية ؛ واستمرت هذه الحال طوال ثمانية عقود ؛ تحكمنا الغربان والذئاب والكلاب والضباع ...

إذا كان الغراب دليل قوم .... فلا فلحوا ولا فلح الغرابُ

وكلما حاول البعض تلميع صور الشخصيات الطائفية والعنصرية البغيضة ؛ باؤوا بالخسران وضعف الدليل و البرهان ؛ فقصة حقيقية واحدة كفيلة بإبطال مئات القصص السلطوية والطائفية المزيفة , وعندما شكل الشيخ عبد الرحمن النقيب وزاراته الاولى , كانت طائفيته بادية للعيان , حيث لم تضم حكومته ولا وزيرا شيعيا فعليا باستثناء الوزير بحر العلوم الذي رشح فيما بعد ؛ بدلا من الوزير عزت باشا كركوكلي – الوزارات الفعلية - بينما ضمت وزيرا مسيحيا واخر يهوديا ! ، وحينما سُئِل (النقيب) عن ذلك ، قال ان الشيعة ليسوا مسلمين !!

العثماني المجهول الخرف يصف العراقيين بانهم ليسوا مسلمين ... الا يعلم هذا العثماني العميل ان اهل العراق من اول الشعوب اسلاما ؟ ولولا العراقيون لما فتح بلد من بلدان المعمورة حينها , الا يعلم ان مدارس النحو العربي والفقه الاسلامي كلها انبثقت من العراق عندما كان نطفة قذرة هو وامثاله في اصلاب الكفار من الترك والمغول والتتار والروم وقتذاك ... ؟؟!!

هؤلاء هم الحية السامة الرقطاء التي حذر منها الشاعر العراقي الوطني بحر العلوم في قصيدته ( اين حقي ) وهو يحذر شباب العراق منها عام 1934 :

 

واترك شعورَ الطَّائفيةِ جانبًا ** فالطَّائفيةُ حيَّةٌ رقطاءُ

 

يأتي بها ذَنبٌ ويصبح باسمها ** رأسٌ تقبل ذنبه السُّفهاء

خلاص الشعب وتطور العراق واحياء الامجاد العراقية رهن تجفيف منابع هذا الفكر الطائفي المشوه والقومي المشوش والعنصري البغيض ؛ وايداع تلك المسوخ البشرية في السجون ومراكز التأهيل النفسية والاجتماعية لان هؤلاء المؤمنين بهذه الافكار الهدامة من اخطر المرضى الذين يهددون سلامة وامن المجتمع العراقي , ويجب على العراقيين الاحرار العمل الدؤوب لسن قوانين وطنية تجرم هذه الافكار الطائفية والعنصرية والشوفونية , وهذا بدوره لن يتحقق الا من خلال سياسة تنشأ لمثل تلك المهام الخطيرة .

من السهل القضاء على البعثيين المجرمين واعضاء القاعدة و داعش الارهابيين والمليشيات الاجرامية الان ؛ لكن المشكلة تكمن في ان تلك المفاهيم نفسها ستظهر دائما بمسميات مختلفة مع نفس المنهج الفكري المنكوس ؛ فلكي يصبح العراق امنا لابد من تجفيف منابع هذه الافكار الهدامة والرؤى الظلامية .

 

وهذه العوائل التي ظهرت فجأة على سطح الاحداث وبالتزامن مع سيطرة العثمانيين الكاملة على الاراضي العراقية كعائلة النقيب وغيرها في الجنوب العراقي ؛ جنت ثمار خدمتها للأتراك وتعاونها معهم ؛ اما بخصوص بعض الاختلافات السطحية فيما بينهم فهي خلافات هامشية مفتعلة لإقناع الجماهير بأدوارهم المرسومة , او لأجل تحصيل بعض المكاسب الاضافية ؛ حتى تمرداتهم وقتية ناشئة من الطمع وحب السيطرة ؛ اذ ان كلا الطرفين عدوهما واحد الا وهو الشعب العراقي , وهدفهما مشترك – نهب ثروات العراق - .

و قد دعم الاحتلال التركي هذه العوائل العميلة الدخيلة وسهل لها الاستحواذ على المنافع والمكاسب ؛ اذ اسفرت هذه الاجراءات العثمانية الجائرة عن انشاء نظام الاقطاعيات الجديد – بصيغته العثمانية - الذي استفادت منه هذه العوائل الغريبة والعميلة ؛ واضحت طبقة مالكة بعدما كانت معدمة وخادمة للأتراك ومرتزقة تتحول من مكان الى اخر , فقد ملكوا الأراضيّ التي تُشكّل الوسائل الإنتاجيّة آنذاك ، ومن ثمّ حرصت هذه العوائل على استغلال الفلاحين للعمل فيها ؛ حيث كانت الأراضيّ في تلك الحقبة الزمنيّة هي الوسيلة الأساسيّة للإنتاج ، وشملت الأملاك الإقطاعيّة كُلّاً من أراضيّ القُرى والمُدن بما فيها بغداد .

 

بينما كان المجتمع العراقي الجنوبي مجتمعا قبليا يحوز الاراضي الزراعية بشكل جماعي عاما مشاعا بين افراد القبيلة ؛ وكان يطلق على تلك المشاعيات آنذاك ب (( السلف )) مثلا هذا سلف البو محمد وذاك سلف السواعد وتلك اراضي البو دراج وهذه ديرة بني لام وهكذا ؛ حيث الاهوار والنهر والجداول والاراضي الخصبة والمروج الخضراء وانواع الطيور والاسماك والبقر والجاموس والغنم والدواجن والنعم الوفيرة والعيشة الهنيئة الرغيدة وقد اطلق الرحالة الاجانب على بطائح الجنوب اسم ( جنة عدن ) او (فينيسيا العراق ) ... ؛ الا ان الحال قد تغير والوضع تبدل مع مجيء المحتل الانكليز الخبيث الذي كلما دخل بلادا جعل اعزة اهلها اذلة ... , ومن هذه العوائل المستفيدة من كلا العهدين الجائرين العثماني والبريطاني عائلة السيد طالب النقيب ؛ وللنقيب هذا سجل حافل بالمظالم فيما يخص اراضي البصرة وغيرها و التي استولوا عليها بطرق ملتوية , الا ان ابناء العراق الاصلاء الاحرار كانوا بالمرصاد له ولأمثاله من الطارئين الظالمين , ولعل هذه الاهزوجة الشعبية التي رددها العراقيون الاصلاء بحق طالب النقيب تكشف لنا مدى جشع وطمع هذا الطارئ الطائفي :

((ثلث الله وثلثين الطالب وثلث الله يطالب بي طالب ! ))

وبهذه الطرق الباطلة والنهج السياسي الاعوج المرتبط بالمحتل امتلك الإقطاعيون الغرباء والعملاء إمارات نفوذ سميت بأسمائهم وقصور وأصبحوا بمرور الزمن أسياد لبعض الناس مع العلم أن هؤلاء الإقطاعيين الجدد ليسوا عراقيي الأصل بل ان أكثرهم ينتمي إلى أصول تركية واجنبية مجهولة او انهم من الاعراب الغرباء ؛ وهذا الامر لا ينطبق على المالكين من الشيوخ الاصلاء و العشائر العراقية الاصيلة المعروفة ب تقاليدها واماكن نفوذها وعدد افخاذها وابنائها ... فهؤلاء الشيوخ تربطهم بأبناء عشائرهم اواصر القربى والمصاهرة والجرش ... والممتدة لمئات السنين لاسيما في ميسان و واسط وغيرهما من المناطق الجنوبية ؛ نعم قد يحدث ظلم هنا او هناك كما هو الحال في كل انحاء العالم وقتذاك الا ان هذا الامر لا ينفي اصالتهم وعراقتهم ولا يصيرهم كالعوائل الاجنبية الطارئة على الجنوب العراقي باية حال .

نعم فند الدكتور علي الوردي هذا الادعاء , ودحض هذه النسبة – نسبة الاهزوجة الى طالب النقيب - ؛ مشيرا الى انها تخص أحد شيوخ الإقطاع في الكوت وليس السيد طالب النقيب .

النقاش في هذه الجزئيات وهذه القصص والتفاصيل لا يخفي الحقيقة الناصعة ؛ فمهما فندنا وابطلنا او دحضنا هذه الحادثة او تلك ؛ تبقى سيرة هؤلاء الظالمين اشهر من نار على علم ؛ وخذ هذه القصة لتعرف مدى ظلم وخسة هذه الشخصية : (( بالرغم من كل هذه الاموال السحت التي حصل عليها طالب النقيب والتي كان يصرفها على ملذاته الشخصية وشهواته الرخيصة ؛ كان يقترض من الصرافين اليهود ومما لاشك فيه انه قرض ربوي كالعادة , وكان النقيب في كثير من الاحيان يعجز او يتهرب من تسديد الديون التي بذمته لليهود , مما دعا احدهم ان يقيده بكمبيالة تثبت حق اليهودي وليحاسبه عليها في موسم جني التمر , ويقاضيه في المحاكم اذا امتنع عن التسديد .... و كان المبلغ كبيرا فلم يستطع طالب النقيب ان يسدده له , فراح يماطل و يؤجل , و يعده ولا يفي بوعده ؛ عندها هدده الصراف اليهودي بتسليم الكمبيالة الى محام ليرفع دعوى ضده في المحكمة ؛ اجابه قائلا : لا تخف تعال و معك الكمبيالة لأسدد المبلغ لك ؛ فجاءه الصراف بالكمبيالة و زاره في مكتبه ينتظر تسديدها ؛ فقال له : اين هي هذه الكمبيالة ؟ فأخرجها له ؛ فقال له السيد نقيب البصرة : ضع الكمبيالة في فمك وابلعها وامضغها جيدا ؛ وبعد التهديد والوعيد بلعها اليهودي بصعوبة بالغة وكاد يختنق ورجع من طالب النقيب بخفي حنين ...!!

و لكن نقيب البصرة السيد طالب المجرم عاد و غرق بالديون مرة اخرى ؛ و احتاج الى فلوس الصراف اليهودي ايضا ؛ فنادى عليه ليسعفه بمبلغ جديد ؛ استدعاه الى مكتبه مرة ثانية , و وعده بأن يكتب له كمبيالة جديدة و يوقع له عليها ليسددها له حالما تستحق ؛ مد الصراف اليهودي يده في جيبه و اخرج قطعة ملفوفة من قمر الدين و قال له : طالب جلبي الله يحفظك هذه المرة اكتب الكمبيالة على صفحة من قمر الدين ؛ حتى استطيع هضمها وبلعها بسهولة ... ؛ فضحك الحاضرون واستأنسوا بمقال اليهودي ...!!! )) .

والعجيب ان احدهم يعلق على هذه الحادثة بقوله : (وكانت ايام خير، بخيرها وبمساوئها.....) فهذا المنكوس الطائفي واللئيم العنصري وامثاله ؛ كالأعور الذي يرى بعين واحدة ؛ فهذه الشرذمة الاجرامية واتباعها المرضى كانوا يرون امثال هذه المظالم طرفة للضحك ليس الا , وكما قيل اذا عرف السبب بطل العجب ؛ فهؤلاء السراق النصابون والعملاء الفاسدون والقتلة المجرمون كانوا يستمتعون بقتل الناس الابرياء وسحل المواطنين العزل في الشوارع ويضحكون عند سماع صياح المراهقين وصراخ النساء اللاتي يتعرضن للتعذيب ؛ بالطبع سيعدون امثال هذه الجرائم نكتا وطرفا جميلة ... اضحكوا ايها السادة اضحكوا ؛ فشر البلية ما يضحك ..!!

ومن المعروف عنه ايضا انه كان يفرض الاتاوات على اصحاب الدكاكين وخاصة اليهود والا قتلوا ليلا مع عائلاتهم ...!!!

وكالعادة انبرى وعاظ السلاطين وكتبة الخط المنكوس ومداحي الفرقة المارقة والعصابة الظالمة الى تسويغ هذا السلوك الفاسد الاجرامي والجائر بحق العراقيين بقولهم : (( والسبب انه مضياف وكريم وحين ينفذ عنده المال ؛ ينتزع المال بالقوة من الاغنياء الخاملين ... !!!!! )) .

ولنرجع الان الى صلب الموضوع لنتعرف الى طائفية طالب النقيب بصورة جلية ؛ اذ يروى أن قاضيا أسود البشرة من عبيد السيد طالب النقيب في البصرة جاء نقلا الى السماوة أيام الحكم الملكي في العراق , وكان هذا القاضي سنياً ، إلا أنه ليس كباقي سنة العراق النبلاء، بل كان طائفيا يحمل الحقد والضغينة لأخوته الشيعة ؛ فهذا الجرو من ذاك الكلب , ولعله من اعراب نجد او من زنوج الحجاز الذين نشأوا نشأة طائفية حقيرة في ربوع عائلة النقيب التي دنست ارض الجنوب العراقي بقذاراتها الطائفية , ليت شعري حتى العبيد سادوا في العراق وفقا للمنهج المنكوس الذي صير الاحرار عبيدا والاصلاء دخلاء والاغنياء فقراء ... !!

حدث وأن حصل خلاف بين مجموعة من بيت الامامي حول ملك لهم ؛ وبيت الإمامي عائلة سنية سكنت السماوة ، والذين عاشوا بضعة عقود من الزمن بوئام ومحبة مع أهلها الشيعة , بعد الخلاف الذي ذكرناه في بيت الإمامي ، وجد هذا البيت نفسه في ساحة القضاء أمام ذلك القاضي الاسود الطائفي , قبل البدء بالمرافعة ، تصرف هذا القاضي تصرفا غريبا ، إذ طرد جميع من في المحكمة ـ حتى كاتب الضبط ـ خارج غرفة المحكمة ، وأغلق بابها بالمفتاح ، وانفرد بالمتقاضين من آل الإمامي وحسب ؛ وراح يكيل السباب والشتيمة للشيعة، ناصحا آل الإمامي بأن لا يتشاجروا مرة ثانية أمام الشيعة، وأن لا يتقاضوا بعلمهم وسمعهم ، لكي لا يشمتوا بهم بهم , وأن يكونوا أقوياء أمامهم ، وما شجارهم هذا إلا إضعاف لهم أمام الشيعة , وراح يكيل الشتائم من الوزن الثقيل للشيعة ....!!

ولهذه القصة تكملة طويلة وهي تعرف بقصة ( فليح ال محل ) ؛ و تم طرد هذا القاضي الطائفي بالتهديد من السماوة و ولى هاربا آنذاك من غير رجعة .

واما سيد هذا القاضي الاسود ؛ فمثله اسود القلب , اذ لم يكتف طالب النقيب بممارسة الطائفية في العراق بل اتسعت حركته المعادية للشيعة واخذت بعداً إقليمياً أكبر مما يتصوره الكثيرون ؛ و الشواهد التاريخية التالية تتحدث عن دور طالب النقيب في ضرب التشيع في الاحساء ؛ اذ ذكر محمد المسلم في كتابه : (ساحل الذهب الأسود ) ، ص 203/ 204 ؛ ان سبب اقالة طالب النقيب هو خلافه مع ابن جمعة . .. و قال : (( ويصفون السيد طالب بأنه كان طاغيا مستبدا، حدثني المرحوم والدي ، ان الصدفة جمعته ـ أي طالب ـ بمنصور باشا بن جمعة في الباخرة وهو قادم في طريقه لهذه المنطقة ، فتحدث معه في مختلف الشؤون ، وكان طالب في اثناء حديثه يظهر اعتداده بنفسه ، ويقصّ عليه حكايات مزهوّا بفتكه وطغيانه ، فسخر منه منصور باشا ، وعلق على حديثه : بأنك لم تلتق برجل ، فوجد عليه وأضمرها في نفسه ، فلما قدم إلى القطيف وجد الفرصة مهيّأة للانتقام منه ، فانتهز فرصة غيابه ، فقبض على أخيه ـ عبد الحسين ـ واعتقله ، ثم عمد إلى قصوره فهدمها ، وساعدته الظروف إذ كانت البلاد في ذلك الوقت متفرقة إلى شيع وأحزاب ؛ وحين وصل خبر النكبة لمنصور باشا ، اتصل بالباب العالي ، ورفع قضيته للدوائر العليا ، واستصدر أمرا بعزل السيد طالب باشا النقيب ، وكان ابن جمعة في وقته ابرز شخصية مقربة للدولة العثمانية في القطيف)) .

أما حمزة الحسن في كتابه : ( الشيعة في السعودية ) ؛ فيذكر عن توجه طالب النقيب لمحاربة التمرد البدوي في الإحساء :

(( لم يبق طالب في منصبه سوى عامين، من شهر ربيع الاول 1320هـ حتى ربيع الاول 1322هـ الموافق لشهر يونيو/ حزيران 1904.. ففي هذا الشهر قدم استقالته ، بسبب ((دواعي صحيّة)) ، أو كما تشير بعض المصادر إلى انه أُجبر على الاستقالة لخلافه مع المرحوم منصور بن جمعة الذي استصدر امرا بإقالته من السلطان عبد الحميد، وقد سافر طالب إلى عاصمة الخلافة ليقدم تقريرا عن مهمته (( وصلت للإنجليز نسخة من التقرير عبر طالب نفسه! )) ويحوي التقرير اقتراحات لمحاربة حركة التشيّع وانتشاره بين القبائل العراقية ". الوثيقة رقم (( FO. 416 / 20 )) من : السير ن . اوكنور، السفير البريطاني في القسطنطينية بتاريخ 26 / 8 / 1904 ((رقم 684 ـ سري جدا)) . إلى : الماركيز لانزدون، وزير الخارجية .

 

ويحوي تقرير طالب التالي: (( ان الجزء الاكبر والأهم من شعب العراق تخلّى عن عقيدته السنيّة وتحوّل إلى الهرطقة الشيعية ! بسبب جهود المجتهدين وعلماء الفقه .

ولذا ـ كما يقول ـ يتوجب على الحكومة الامبراطورية العثمانية ان تطرد هؤلاء من المراكز الدينية ـ مشهد / النجف، وكربلاء.. ثم يقترح مشروعا توطينيا للبدو ، ومعاملتهم بشكل حسن ، حتى لا يتحوّلوا إلى المذهب الشيعي بسبب الظلم.. الخ )) .

كل العالم الان يعرف , القاصي والداني ان هذه الشرذمة تمتهن الكذب والدجل والتدليس ابا عن جد , بل ان احفادهم أسوأ منهم , فأغلب تقاريرهم كاذبة واساليبهم الماكرة اضحت لا تنطلي على خبير , فأنظر الى التناقض في هذا التقرير فهو يربط بين الاكثرية والاغلبية وبين البدو ... ما علاقة الاغلبية العراقية المعروفة منذ القدم ؛ بالتعرب والاعراب والبدو؟؟!! , فهؤلاء الذين يخاف عليهم طالب النقيب من التشيع ليسوا اصلا عراقيين , بل هم من البدو كما يقول وهؤلاء هجراتهم الى اطراف العراق معروفة , وبما انهم يهاجرون الى المدن والقرى والفيافي الشيعية فالنتيجة المنطقية ان هؤلاء بمرور الزمن يتحولون الى مذهب الاغلبية اهل الارض واصحاب البلد فمن عاشر القوم اربعين عاما صار منهم ؛ وان كنت استبعد تشيع الاعراب لان التشيع العراقي يعارض ويضاد التعرب النجدي والحجازي جملة وتفصيلا , لذلك ترى الد اعداء الشيعة هم اعراب نجد الوهابية ومن المعروف عنهم بغضهم الشديد للإمام علي وترك تمجيده ومدحه ؛ نعم قد يتشيع الاعرابي والبدوي في حال هجره للبادية وتركه للحل والترحال المستمر والاستقرار في القرى والمدن الشيعية العراقية او ان يرعى في المناطق العشبية القريبة منهما , واغلب الذين بقوا على مذهبهم السلطوي ولم ينخرطوا في صفوف الاغلبية العراقية في الجنوب هم مرتبطون بالحكومات الطائفية بل والاقليمية كموظفين وعيون وجواسيس للسلطة على الاغلبية هناك .

وما اشبه اليوم بالبارحة ؛ اجدادهم بالأمس وهم اليوم ؛ وكما قال شاعرنا ابو الطيب العراقي : مات في البرية كلبٌ ... فاسترحنا من عواه

خلف الملعون جروا ... فاق بالنبح اباه

 

بالامس القريب تبرع الغريب طالب النقيب للقضاء على شيعة الحجاز ؛ واليوم هب فدائيو صدام وازلامه المجرمون وشمروا عن ساعد الجد - بعد سقوط النظام الطائفي العنصري - ؛ لنقل خبراتهم الاجرامية ووسائلهم الارهابية لدعم السلطات الغاشمة في البحرين وغيرها , والتي تحتاج اليهم في تعذيب شيعة الامام علي من المسلمين والاحرار الوطنيين ؛ اذ جرت عمليات تجنيس واسعة للبعثيين من بقايا فدائيي صدام والاجهزة القمعية - و هم مجموعة من الوحوش الذين تشربوا الأحقاد و الضغائن ضد البشرية،- و جعلهم ماكنة تعذيب لاستئصال سكان البحرين الاصلاء ... , حيث قدر الذين منحوا الجنسية البحرينية من فدائيي صدام المقبور بنحو 25 ألفا ؛ وهذا رقم كبير قياسا بنسبة السكان هناك !!

و مهمة هؤلاء البعثيين قمع الشيعة وضربهم بيد من حديد بل وتعذيبهم بشتى طرق التعذيب الصدامية البعثية , ومعاملتهم مثلما كانوا يعاملون شيعة العراق !!

والسبب الذي دعا النظام البحريني للاستعانة بهؤلاء الضباع معرفتهم بسمعتهم سيئة الصيت , اذ ان قلوبهم خالية من الرحمة تماما , فهم فاقدوا الانسانية ومعدومو الضمير والوجدان , ولا يعترفون بحقوق الانسان , ويعرفون كيف يسحقون الانسان ويدمرون حياته ويجعلونه جسدا هامدا بلا روح او احاسيس او مشاعر ؛ كما علمهم المجرم الجلاد صدام ؛ فطالما ردد صدام في اجتماعاته الحزبية مع اصدقائه ورفاقه المقربين انه اذ حكم العراق سيقوم بتحويله الى جمهورية ستالينية ؛ الا انه عاد وغير رأيه في قاعة الخلد قائلا : (( لا نحتاج اسلوب ستالين في مواجهة الخونة انما نحتاج الاسلوب البعثي في مواجهة الخونة )) ؛ اذ لم يكتف المجرم صدام بالإرث الستاليني الرهيب في كيفية الاجرام والتعذيب وممارسة القمع والقتل ؛ بل راح يخترع اسلوبا جديدا في التعذيب والارهاب والاجرام والقتل والبطش يفوق اسلوب ستالين رعبا و ألما وعذابا وخسة ونذالة وغدرا ؛ واسماه الاسلوب البعثي وهو اسم على مسمى .

.....................................................................

المصادر :

1- ذاكرة البصرة - زيارة الى قصر طالب باشا النقيب / كتابة وعدسة : محمد سهيل احمد .

2- كمبيالات النقيب / اذاعة العراق الحر / خالد القشطيني .

3- تاريخ الوزارات العراقية / عبد الرزاق الحسني .

4- القبيلة والسياسة في العراق الملكي والجمهوري / صادق الطائي .

5- كتاب حكم الشيخ خزعل في عربستان / تاليف مصطفى النجار .

6- قليلا من غيرة ( فليح آل محل ) يا بعض قوى الائتلاف الوطني العراقي / زهير الزبيدي .

7- حينما يتفوّقُ الانسان على الحرباء / جواد غلوم .

8- أول رئيس للوزراء في حياته الخاصة نقيب بغداد وهوس النظافة / رفعة عبد الرزاق محمد .

9- كتاب طالب باشا النقيب البصري / حسين هادي الشلاه .

10- طالب النقيب وطموحاته لاعتلاء عرش العراق / صباح كريم الفتلاوي و عبد العظيم عباس نصار .

11- كتاب قلائد الجواهر / التادفي الحنبلي .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك