جمعة العطواني ||
مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
10/4/ 2023م
هو حلم ممكن لكنه بعيد، ذلك اليوم الذي كنا نمني النفس في هزيمة الكيان الصهيوني واسترداد مقدسات المسلمين في ارض فلسطين العزيزة.
هو حلم، لانه وعد الهي واجب التحقق كما تنص عليه العديد من الايات القرانية، وان( الله لا يخلف الميعاد)، لكن اغلبنا يظن انه بعيد بحكم المعادلة الدولية التي تتحكم بالعالم، وهيمنة دول الاستكبار الداعمة للكيان الصهيوني على دول وشعوب العالم الاسلامي، فضلا عن تماهي اغلب الدول العربية مع دول الاستكبار.
كذلك فان التفاوت العسكري والسياسي والاقتصادي بين دول محور المقاومة ودول الاستكبار كان كبيرا .
نعم نسمع ما يبعث الامل بتحقيق الوعد الالهي من كبار علمائنا وقادتنا من مراجع وقادة عظماء، وفي مقدمتهم الامام الخميني( قدس) والامام الخامنئي( دام ظله)، وهم يتحدثون عن قرب زوال هذا الكيان من الوجود، فلازال تصريح الامام الخامنئي وهو يتحدث عن ان الكيان لن يستمر اكثر من 25 عاما حاضرا فينا، هذا التفاؤل لازال يبعث الامل في تحقيق الوعد الالهي.
لكن كيفية تحقيق هذا الامل، وفي اي ظروف، وفي ظل اي نظام عالمي ومحلي واقليمي؟.
هذه كلها تصورات تجعل المتفائلين يستبعدون تحقيق ذلك الوعد على صعيد توافر ظروفه، وليس على صعيد تحقق اصل الوعد الالهي.
كما ان الظروف السياسية والامنية التي تعيشها بلدان محور المقاومة هي الاخرى تجعل من تحقق هذا الوعد امرا بعيدا على المستوى المنظورعلى اقل التقادير، فظروف العراق لم تستقر منذ عقدين من الزمان، وارهاصات الصراع السياسي على اعلى المستويات، بل وان بعض صناع القرار وقادة الدولة هم جزء من مشروع الاستكبار العالمي.
اما ظروف دولة سوريا فهي في اصعب حالاتها، اذ لم تمر الدولة في تاريخها في ازمة كما مرت به خلال السنوات العجاف التي خلت، فما بين فتنة داخلية، ودعم اقليمي ودولي لهذه الفتنة، وما بين الارهاب الذي كاد ان يمزق سوريا الى( كانتونات )، فضلا عن محاولة انهيار الدولة بشكل كامل.
وعندما نتحدث عن الشعب اليمني فهو الاخر تعرض الى حرب ابادة لم تترك بشرا( شابا او شيخا او طفلا او امراة)، وكذلك البنى التحتية والمجمعات السكنية والمطارات المدنية الا واستهدفتها باكثر الاسلحة فتكا وتدميرا، بحرب شنتها دول الخليج ومعها بعض الدول العربية وحتى الاسلامية بغطاء استكباري كبير، في مقابل شعب بسيط اعزل وفقير ومحاصر( برا وبحرا وجوا)، في مواجهة غير متكافئة على جميع الصعد.
وفي الجمهورية الاسلامية في ايران والتي تعد بحق ( ام القرى) بالنسبة لمحور المقاومة، فقد تعرضت الى عدوان مركب ( سياسي، عسكري، امني، اقتصادي) شنته دول العدوان خلال عقود من الزمان.
لكن بعد ان فشلت كل المحاولات حاولت دول الاستكبار ان تدخل الشعب الايراني في فتنة
(طخماء) يراد منها ادخال الشعب الايراني في فتنة اهلية من جهة، ومواجهة مع النظام الاسلامي من جهة اخرى.
يجب ان لا نغفل استهداف العقول العلمية خلال السنوات الماضية مع علماء الطاقة والتكنولوجيا في حرب شبه مفتوحة ولكنها غير معلنة من اجل ايقاف قدراتها العسكرية في معادلة المواجهة مع الاستكبار.
وفي فلسطين، حيث الحصار على غزة ودق اسفين بين الضفة وغزة، وتمزيق ما تبقى من الارض الفلسطينية والسشعب الفلسطيني.
مشروع التطبيع او ما يسمى بالمشروع( الابراهيمي) الذي كان يستهدف الدين الاسلامي وفلسطين على وجه الخصوص، فالتطبيع قد دخل الى دول الخليج من اوسع ابوابه، اذ كان تطبيعا سياسيا وثقافيا ودينيا واعلاميا وحتى اجتماعيا وعسكريا، فالمعسكرات الاسرائيلية اصبحت متاخمة لحدود كل دول محورالمقاومة، ووضع حائط المبكى في بعض دول الخليج.
لكن في ليلة وضحاها، ويبدوا ان يد الغيب كانت حاضرة في تغير المعادلة، وكاننا نقرا لاول مرة قوله تعالى ( اليومَ يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشونِ ).
فاذا بالموازين تتغير، والمعادلة تتبدل، والنظام العالمي يتآكل، ليبزغ نور نظام عالمي جديد انبانا به الامام الخامنئي قبل سنوات .
تورطت امريكا والغرب في حرب اوكرانيا، فوجدتها روسيا تهديدا لاستقرارها واستقرار مصالحها، ثم تقلق منها الصين وتعتبرها بوابة للدخول الى تايوان وغيرها من مناطق النزاع، فيتورط الغرب في حرب قال عنها الرئيس الفرنسي ماكرون( اوروبا تقع في ازمات ليست ازماتها) في اشارة الى تورطها في النزاع بين امريكا وروسيا في اوكرانيا.
واذا بالنظام العالمي يتمحور (ويشي) الى تغير واضح في ملامحه الجديدة.
واذا بقادة الحروب في المنطقة يصلون الى الياس من تحقيق ولو جزء من اهدافهم .
سوريا تعود معافاة، و(تحج) صوبها كل قادة وزعماء الدول العربية، وبخاصة اولئك الذين كانوا يراهنون على انهيارها.
اليمن بصمودها وصبر شعبها حققت انتصارا وثباتا هو اقرب الى المعجزة الالهية، ورضخت كل الدول التي شنت حرابها عليها، لتقبل بالهزيمة وتريد انهاء هذه الحرب بارادة يمينة خالصة.
ايران عادت من جديد لتكون لاعبا اساسيا في صنع مستقبل المنطقة، ولاعبا مهما في النظام العالمي الجديد.
العراق يعيش افضل ظروفه السياسية والامنية والاقتصادية.
تنتقل شعلة الجهاد من غزة الى الضفة الغربية، لتتحول الضفة الى ( ارق) يؤرق مضاجع الصهاينة .
من جانب اخر فان دول المنطقة بدات تفكر بواقعية اكثر، وشعرت بان مقولة الرئيس المخلوع حسني مبارك ( المتغطي بامريكا عريان) مقولة حقيقية، لذا فكرت باعاد العلاقات مع محيطها، فعادت العلاقة بين الجمهورية الاسلامية في ايران والسعودية، وبين دول الخليج وسوريا.
في داخل الكيان الصهيوني حيث الصراع بين اقطاب زعامات الحرب هناك وداخل المكونات الاجتماعية الاسرائيلية تكاد ان تصل الى حرب اهلية غير مسبوقة .
هنا كاننا نقرا لاول مرة قوله تعالى ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم باموال وبنين وجعلناكم اكثر نفيرا) .
نعم ونحن نعيش يوم القدس العالمي فانما نعيشه في ظروف تختلف عن سابقاتها، يكاد الامل ان يكون حقيقة ونراه راي العين ( انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا).
ــــــــ
https://telegram.me/buratha