محمد الكعبي ||
عودة العلاقات بين طهران والرياض وبرعاية بكينية كان له الأثر الكبير، وانجاز يستحق الوقوف عليه، وتناوله بالبحث والتمحيص، حيث يعتبر غاية في الأهمية، لما يحمل في طياته من مكاسب كبيرة لكثير من الاطراف السياسية، والتي ستنعكس على منطقة الشرق الأوسط خاصة والعالم عامة، بحيث صار واجبا أن يستبدل العداء والتباعد، بالتعاون والتقارب، لما فيهما من مصلحة كبيرة على أكثر أطراف الاختلاف والخلاف، وعلى كافة الصعد، ما يؤسس لتقليل أو انتهاء عصر الخلافات والتقاطعات بين دول الخليج وايران، والتي كانت مانعأ قويأ في التنمية الأقتصادية والسياسية والامنية لجميع الأطراف المعنية. لقد تعرضت المنطقة للتدخلات الخارجية السلبية، وهذا ما عقد المشهد الاقتصادي والسياسي والامني بين هذه البلدان.
ان استئناف العلاقات بين الدولتين، اعاد الامل لشعوب المنطقة، لتنعم بالرفاه والسلام والتنمية المستدامة، لتقطع شوطا طويلا في حل الازمات والمشاكل التي أخرجت الامة من مصاف الدول المتقدمة، وجعلتها فقيرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ان زيارة القيادة الايرانية المتوقعة والمحتملة كثيرا إلى السعودية واعادة التمثيل الدبلوماسي بينهما، دليل واضح على قدرت البلدين الشقيقين المسلمين على تخطي العقبات، وتجاوز المشاكل من خلال الحوار الجاد والنية الصادقة. ما تمخض من حوارات ونقاشات يعد نتائج إيجابية ومنطلقأ لبدء فصل جديد من العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية، ليس فقط بين طهران والرياض، بل بين إيران ودول المنطقة بالكامل ويفتح الباب امام عصر جديد من العلاقات الناجعة والمكاسب الكبيرة لدول المنطقة، وعلى جميع الاصعدة.
ومما لا شك فيه فإن الخاسر الأكبر من عودة العلاقات الدبلوماسية بين (طهران والرياض) هو اسرائيل التي كانت تسعى بكل قوتها وقدرتها لحشد دول العالم، وبالتحديد دول المنطقة نحو العداء مع إيران، حيث منيت اهدافها بالفشل بعزل إيران وعدم السماح لها باخذ دورها ومكانتها التي تستحقها.
ان اذابة الجليد بين الدولتين وبوساطة صينية ومقدمات عراقية، فشل كامل للسياسة الخارجية لحكومة نتنياهو، والتي تعاني من مشاكل وازمات داخلية كثيرة وكبيرة، وكان ديدن إسرائيل دق اسفين بين الدول وايران لعزله عن محيطه، وكانت تسعى للحصول على تأييد لضرب طهران، لكنها لم تتمكن من ذلك لاسباب كثيره، منها متعلق بالداخل الإسرائيلي، ومنها خارجي، وخصوصا بعد تراجع الدور الاميركي، وفشلها في كثير من الملفات، وبالذات في العراق وافغانستان، فضلا عن مشاكلها الداخلية التي جعلت الصين تلعب دورا محوريا في احياء الاتفاق الايراني السعودي، والذي أنهى مشروع إسرائيل
لبناء جدار الدفاع الإقليمي الذي بدأت به ضد إيران منذ سنوات.
لقد فتح الاتفاق الأبواب أمام نفوذ التنين الصيني على مصراعيه، لكي يجد له موطأ قدم في منطقة الشرق الاوسط وملأ الفراغات لما تملك المنطقة من مقومات. خصوصا الممرات المائية ومصادر الطاقة، وقد رحبت واشنطن بهذا الاتفاق على مضض وتلقت الصفعة بشكل مفاجئ وسريع، مما جعلها لا تجد بد من الإشارة إلى انها على اطلاع على حيثيات الاتفاق الايراني السعودي مسبقا لتحفظ ماء وجهها امام العالم.
يتحتم على الجميع العمل على تطوير الاتفاق وتفعيله وتوسيعه واستثماره لمصلحة المنطقة وتعزيز التعاون الايراني الخليجي، وعدم السماح بزعزعة المنطقة مرة أخرى، مع تعزيز العلاقات والمصالح المشتركة، عسى ان تكون انطلاقا لمرحلة جديدة وفق خارطة طريق واضحة واقعية، تحفظ كرامة وسلامة ومصالح الجميع، وتنعم الشعوب العربية والاسلامية بالأمن والأمان والاستقرار بعيدا عن التدخلات والاملاءات والضغوط الخارجية.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha