المقالات

العروج الى الله . .!

1173 2023-02-18

قاسم سلمان العبودي ||

 

قيل في الأثر ، أن الدنيا جنة الكافر ، وسجن المؤمن . لذالك نرى إن الانطلاقة الحقيقية للأنسان المؤمن تكمن بمغادرة تلك الظلمة الموحشة التي رُسمت لدُنيا لم ينل منها الكثير من الناس سوى ما أُستعمل مجازاً لإبقائهم أحياء .

أن تقاطع الثوابت العقائدية بين الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، وبين ساسة بني العباس المستكبرين ، أضفت لمسة قاتمة على حياة الإمام الكاظم ، وعلى الأمة المتمسكة بنهج الإمام . فكان السجن الطريقة المثلى لحكام الجور ، بمنع التواصل بين الإمام والأمة الاسلامية .

أن معالجة الأنحراف السلطوي ، كانت من أولويات النضال الأسلامي للإمام الكاظم عليه السلام ، بإعادة الأمور الى نصابها الشرعي الذي تأثر كثيرًا بمتبنيات الدولة العباسية التي حرفت بوصلة الأمة بأتجاه غير أتجاهها الصحيح . لذا نرى نهضة الأئمة عليهم السلام جميعهم كانت تَصب في  تلك الامور الشرعية التي  أُنيطت لآل البيت عليهم السلام من قبل الله تعالى .

مقارعة الأستكبار العباسي تجسد جلياً واضحاً في سير وسلوك الإمام الكاظم ضد حكام بني العباس الذين أُسقطوا الحكومة الأموية بشعار المطالبة بحق بني هاشم في أدارة الأمة الاسلامية . لكن ذلك الشعار الزائف لم ينطلي على أهل البيت ، لعلمهم بان النوايا غير صادقة ، وأن الشعارات التي أُطلقت مجرد كذب وأفتراء .

أن قيادة الإمام موسى بن جعفر عليه السلام لخواص الأمة الاسلامية ، رغم محدودية المكان وضيق الزمان وقُصرهْ ، أغاضت حكام الجور ، وأستشعرت الخطر الداهم عليهم  . لقد كان جُل مبتغى الإمام هو الأستقامة للأمة الاسلامية ، بعد أن أُذهب المستكبرون تلك الاستقامة وأستبدلوها بأنحراف عظيم . أي أن السلطة العباسية بمغرياتها ، وبأبواقها الأعلامية وبكل ما تملك من أموال وأدوات ، وقفت عاجزة أمام البناء الذي أرسى قواعده موسى بن جعفر عليه السلام في الأمة التي كانت تعاني الضعف والهوان .

فضلاً عن ذلك ، كان الأمام يرسم خارطة طريق للأمة حتى تلتف حول المعصوم الذي يليه ، ليكمل المسيرة الإلهية التي خُطت من قِبل الله تعالى وعلى لسانِ ووصايا نبيهِ الأكرم . أذاً الأمر ليس خروج مظلوم على ظالمه فحسب ، وليس كما يروج الأعلام المضلل للناس بخروج الإمام ضد الحاكم لطلب الدنيا وزخرفها أطلاقاً . بكل كانت مسيرة تكاملية تُعهد من إمام لآخر في سبيل تحقيق هدف واحد ، هو العودة بالأمة الى الدائرة الألهية .

من يتصور أن الأستكبار الاموي والعباسي وما تلاه قد ذهب وولى فهو واهم جداً . ومن يتصور أن الأئمة عليهم السلام أنتهى أمرهم بأستشهادهم جميعاً ، وأن الأمر لصاحب الأمر  ، واهم أيضاً . فخط المستكبرين لا زال قائماً ، والأمة تُحرَّف يومياً عن مسارها الصحيح بأتجاه بوصلة الأستكبار . ولازال نهج الأئمة قائماً عليهم السلام أجمعين بهَدي الناس صوب الحق ومحورية القداسة الإلهية وذلك عبر المتبنيات العقائدية التي يتشرف فيها مراجع الأمة الاسلامية بقيادة محورها المقاوم ضد الأستكبار العالمي وأدواته البغيضة .

ونحن على أعتاب هذه الذكرى الأليمة ، يجب على الأمة أن تقرأ التأريخ الاسلامي وحياة الأئمة قراءة أخرى . يجب علينا أن نغادر الظلامة ، الى المنجز الأمامي الذي غاب عن الكثير منا ، وأهمه بل أقواه أن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام لم يكن يشعر بالأنكسار النفسي ، كما يقال في مقالات المغرضون ، بل كان يتحرك في دائرة العصمة الأمامية التي شرعها الله له كبقية الأئمة سلام الله عليهم أجمعين ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها بأذنه تعالى .

 

25 رجب 1444 هجري

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك