المقالات

القوم والمختار والبستوكة

1461 2023-02-05

منهل عبد الأمير المرشدي |

 

اصبع على الجرح ..

 

شعب العراق شعب مبتلى وقوم حيارى مغلوبين على امرهم . هم الأغنى في الثروات والأفقر في الأحوال . هم الأذكى عقولا وكفاءات وإبداع لكنهم الأكثر بطالة وفوضوى وخوفا من المجهول . شعب يستحق العطف والشفقة .

لا نعرف ما نريد ولا ندري كيف نعّبر عن ما نريد . شعب قضى عمره جيلا بعد جيل من حرب الى حرب وفق نظرية القائد الفلته ( الحياة بلا طعم من غير مكاون وياحوم اتبع لو جرينه). وحاربنا ثم حاربنا و( تكاونّا ) حتى تعب الحوم وغدونا مضربا للأمثال .

 تفرعن العملاء وعاث في حرثنا ونسلنا الأدعياء وتسلط علينا السفهاء حتى وكأن الأرحام قد عقمت وأشباه الرجال تسلطنت وكل ما نرجوا خيرا بالخلف يغدو ادهى واتعس من ذاك السلف ! يقال والعهدة على ذمة القائل إن بقرة في بيت أحد المشايخ أدخلت رأسَها في (بستوكة) من الفخار ولم تستطع إخراج رأسها منها ،

حاولت العائلة إخراج رأس البقرة من البستوكة فلم يستطيعوا لأنهم لا يريدوا إيذاءها ولا يريدوا كسر البستوكة لإنها من الفخار المصقول وغالية الثمن فاحتاروا بأمرهم وتعددت الخيارات وكثرت الآراء وذاع صيت المشكلة في كل أرجاء القرية فاتجهوا إلى مختار القرية لحل المشكلة وكان رجلا حكيما كلامه مسموع وصوته يعلوا فوق كل صوت .

طلب منهم المختار أن يشرحوا له الأمر بالتفصيل فشرحوا له واقعة الحدث الجلل في كيفية ادخال البقرة لرأسها في البستوكة .

صمت المختار دقائق معدودة وتحسّر ودمعت عيناه عطفا وحكمة وقال لهم إقطعوا رأس البقرة . لم يرّد عليه أحد منهم والتزم الجميع بتنفيذ ما أمر به فأمره مطاع في كل الأحوال فقطعوا رأس البقرة .

عادوا الى المختار أكثر حزنا وحيرة وهم مصدومين لبقاء كل شيءعلى حاله رغم انهم خسروا البقرة وذبحوها وقطعوا رأسها فقالوا له : يا مختار ، الرأس ما زال في البستوكة ولم يخرج . صمت المختار وفكر طويلا وأعتكف داعيا مناجيا مغمض العينين ثم قال لهم إكسروا اليستوكة.

 استجاب القوم لرأي المختار فكسروها واستطاعوا إخراج رأس البقرة وعمّت الأفراح واحتفل البعض برمي الإطلاقات النارية والألعاب النارية والتصريحات النارية لكن المختار جلس حزينا صامتا متأملا وأشعل سيجارته ورفع رأسه إلى السماء وهو يتمتم بكلمات لا يفهمها الا الله والراسخون في العلم .

 التف حوله أهل القرية مندهشين متعجبين وقالوا له : لا تحزن يا مختار فالبقرة فداء لك والبستوكة فداء لك ونحن فداء لك فلماذا انت حزين ؟ فرد عليهم والدمع ينهال من عينيه  ليس هذا هو ما يحزنني أو يشغلني ، ولكني قلق عليكم ولا أعرف كيف كنتم ستحلون مشاكلكم من دوني !

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك