المقالات

الراحة النفسية بين الواقعية و الخيال


الشيخ محمد الربيعي ||

 

◼️الراحة النفسية يواجه الفرد في حياته الكثير من الضغوط والمشكلات التي يتوجب عليه حلها والتعامل معها، فالاستجابة الإيجابية لهذه المؤثرات تُمكّن الفرد من القدرة على التغلب عليها، ومنع سيطرة القلق والخوف والأحاسيس السلبية غير المريحة التي تقود في مرحلة متقدّمة إلى الاضطرابات النفسية ومنها إلى تذبذب الاستقرار النفسي والتعاسة وغيرها، إذاً فالقدرة على التحكم السليم بالعوامل الخارجية التي تواجه الفرد في أثناء تحقيقه لأهدافه تمدّه بالبناء السليم والأساسي من الصحة والراحة النفسية، وبالتالي سلامة التوافُق النفسي والاجتماعي .

◼️مفهوم الراحة النفسية الراحة النفسية من أبرز علامات ودلالات الصحة النفسية للفرد؛ فمن أبرز علامات الراحة النفسية: الشعور بالسعادة الداخلية، والتوافق والتسامح تجاه الذات، وإعطائها حق قدرها، والقدرة على استغلال الخبرات الإيجابية اليومية بشكل فاعل؛ فالراحة النفسية هي الشعور بالسكينة الداخلية والطمأنينة، كما أنها تفتح للفرد آفاقاً جديدة، وتتيح له الفرص الكثير لاكتساب الخبرات والمعارف المختلفة، بالإضافة إلى زيادة مستوى الوعي والاستقرار تِبعاً لهذه الخبرات والمعارف، فالراحة النفسية تُعبّر عن النفس المطمئنة المتكاملة بسلوكها الفطري، فتظهر في الاستجابات السليمة والسّويّة للفرد مع ذاته ومجتمعه، بالإضافة إلى التفاعل المهم مع المؤثرات المادية والمعنوية وانسجامها مع المشاعر والأحاسيس بطريقة سَلِسَة ومتناغمة.

◼️كيفية الحصول على الراحة النفسية الراحة النفسية هي مطلب مهم للتعايش السليم للفرد مع نفسه ومع مجتمعه، وهناك بعض الأمور التي تُساعد الفرد في الحصول على راحته النفسية واستقراره النفسي وهي كالتالي:

▪️الإقرار بالقدرات الممتلكة وحدود هذه القدرات، والرضى بها والسير في الحياة على أساسها؛ أي أنّه من المهم ابتعاد الفرد عن تقليد من حوله بما لا يمكنه امتلاكه من قدرات مهاريّة، أو إمكانات أو كفاءات عالية لا تتناسب مع قدراته المتاحة؛ لأن ذلك سيقوده إلى الفشل والإحباط، أو مراقبة من يمتلكون ظروفاً اقتصادية أفضل منه ونظرته الحزينه تجاه حياته، فيعيش هذا الفرد في حالة من البؤس والتعاسة لعدم امتلاكه ما يملكه الآخرين.

▪️التعبير عن المشاعر الإيجابية تجاه الآخرين، وإبداء الحب والتعبير عنه في أي وقت ومكان وزمان، وعدم الاكتراث لإعجاب أو رفض الناس لذلك، وهذا التعبير يُضيف لدى الفرد مخزوناً من الحب عند الآخرين قد يحتاج له في حال تعرّضه لأي عارض، أو أزمة نفسية تجعله بحاجة هذا المخزون.

▪️ترسيخ الإيمان بالله وبالقضاء والقدر، وأداء جميع الفروض والابتعاد عن جميع النواهي، والتقرُّب إلى الله بالأعمال الصالحة، والسعي إلى كسب رضا الله، والمداومة على الأذكار، والاستغفار والأعمال الصالحة، واستشعار مراقبة الله في السر والعلن؛ فكل ذلك يزرع في النفس البشرية الهدوء والطمأنينة والسعادة، والتصديق الكامل بأن كل ما يمر به الإنسان هو خير من عند الله.

▪️الاعتذار عند الوقوع في الخطأ والاعتراف به؛ فإن ذلك يُعطي الفرد راحة وطمأنينة، ويُخرجه من دائرة تأنيب الضمير وجلد الذات، ويترك أثراً إيجابيّاً في نفوس الآخرين تجاهه، بالإضافة لنظرة الفرد تجاه نفسه.

▪️التسامح والعفو وعدم تخزين البغضاء والكره في النفوس، فهي أحاسيس تسلب الطاقة الإيجابية المتمثلة بالحب ليحلّ محلّها الكره والانتقام بكامل طاقتهما السلبية المؤذية والإنشغال بها، فالنسيان والعفو عمّن أخطأ في حق الفرد وتجاهله لزلات من حوله؛ تُريح الفرد من أعباء الكره والبغضاء وكل ما يتبع ذلك.

▪️الابتعاد عن العادات السلبية، ومحاولة اكتساب عادات جديدة وإيجابية تُضفي السعادة النفسية على الذات، والتصرّف والتفكير في حدود هذه العادة، ومحاولة التخلق بها، ومحاولة التفكير في إطارها العملي، وممارسة الحياة، وإقناع الذات بأنها تتصرف على النحو السليم والصحيح، كما أنّ النظرة الإيجابية تجاه الذات، وتوظيفها في عملية التعلم يفيد في ترسيخ الخصال السليمة.

▪️عدم ترقّب الأخبار السيئة، والعيش في حالة من الخوف من المجهول، والقلق الدائم من وقوع المصيبة، وبالتالي فإن أفكار الفرد تُسيّره تجاه هذه المصيبة، بالإضافة إلى المزيد من التشاؤم المستمر، وفُقدان الراحة النفسية والسعادة .

▪️بناء أساس نفسي متين تجاه الأفكار السلبية التي من شأنها أن تُزعزع الاستقرار النفسي والراحة النفسية للفرد، ويكون هذا البناء بتدريب الفرد لنفسه على إنكار شعور التعاسة والبؤس والقلق، وتوكيد مشاعر الأمل والسعادة والنجاح، والاستمتاع بكل ما هو جميل، وتجاهُل كل ما هو سيء.

▪️تحديد الفرد لهدفه في الحياة، والغاية التي يسعى إلى تحقيقها والوصول إليها؛ فإنّ وجود هذا الهدف يحدد سير حياة الفرد، ويرفع مستوى دافعيته للإنجاز، وتجاوز العقبات التي تواجهه، فالعيش بلا هدف يجعل من الفرد إنساناً ضائعاً بلا غاية واضحة، وبالتالي يكون أكثر عُرضة للقلق والخوف، وتخلخل الاستقرار النفسي.

◼️ثمرات الراحة النفسية للراحة

النفسية آثار إيجابيّة كثيرة تعود على صاحبها بكل ما هو جيّد، فتتجلى في شخصية الفرد وتفاعلاته مع نفسه ومجتمعه، فهي تُضيف له السّمات الشخصية السويّة، والاستجابات المتوازنة، وتظهر ثمرات الراحة النفسية على سبيل الذكر لا الحصر على الشكل التالي:

▪️الأخلاق الحسنة: فالراحة النفسية أو الصحة النفسية تظهر على صاحبها بأخلاقه الحسنة، والوجه البشوش، والبحث عن الحلال، والابتعاد عن الحرام، والتحلّي بالصفات السامية؛ كالحياء والكرم واللين وحسن المعشر.

▪️السلوك العادي: أي أن تكون صفات وتصرّفات الفرد هي السلوكيات العامة العاديّة السائدة على أغلبية أفراد المجتمع.

▪️مواجهة الظروف الحياتية: القدرة على النظرة الايجابية السوِيّة قدر الإمكان للحياة، وإمكانية التصدي للمشكلات والاحباطات اليومية، بالإضافة إلى القدرة على تحمل المسؤولية، وتحمُّل نتائج استجابات الفرد الشخصية للمثيرات المختلفة، والتكيُّف مع الظروف البيئية الخارجية، والترحيب والانفتاح على تعلُّم الخبرات الجديدة.

▪️القدرة على الإحساس بالسعادة: استشعار السعادة مع الذات؛ حيثُ يظهر ذلك من خلال محبة الفرد لنفسه وقدراته، وإعطاء نفسه حق قدرها، ومحبة الفرد لذاته واحترامها وتقديرها، والشعور بالسعادة مع الآخرين ويتّضح ذلك جَليّاً من خلال التفاعل والتوافق الاجتماعي، والثقة المتبادلة للفرد مع الآخرين، وإمكانية تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية السليمة.

 

اللهم احفظ العراق واهله

اللهم احفظ الاسلام واهله

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك