المقالات

فيرجيل جيورجيو «الساعة الخامسة والعشرون» / رجال الشرق 

1289 2023-01-27

كندي الزهيري ||

 

عندما صدرت رواية «الساعة الخامسة والعشرون» لمؤلفها الروماني کنستنتين فيرجيو جيورجيو للمرة الأولى في باريس عام 1949، أثارت ضجه، وأصبح الكتاب من الكتب الأكثر مبيعا ،  وشكل مادة وموضوعا تناقشه

الكثير من الصحف والمؤتمرات. ويبين جيورجيـو كـل انطباعاتـه ومعطياتـه عـن الإنسان المعاصر و موضوع روايته على لسان بطل القصة أي ترائيان بهذا الشكل: إن الساعة الخامسة والعشرين، هـي تلك الساعة التـي لـن تـرى الإنسانية فيهـا وجـه الفلاح، وحتى أن الزمن أصبح متاخرا لمجـى المسيح. وهذه ليست آخر ساعة، بل ساعة واحدة تعقب ساعة النهاية. وهذه الساعة الآن! وأن الحضارة الغربية هي في هذه اللحظة. ويتطرق جيورجيو بذكاء إلى موقع التاريخ الغربي ويصوره على هيئة دوامة يتفتت على إثرها الإنسان بجلده وعظمه ولحمه،  ويشعر بقرب وقوع حادث ما، لكنه لأ يرى أن ثمـة طريقا لنجـاة الغرب. ويرى جيورجيو أن التحرر الكبير يكمـن فـي الشـرق أي اسيا. أي التحرر والثورة الكبرى التي يقودها رجال الشرق وتؤدي إلى العودة إلى القيم الروحية والانسانية. والعبارات التالية، هي مقتطفات مـن «الساعة الخامسة والعشرون» تتوضح فيها كل جغرافية  رؤية

وانطباع رجل الدين،   هذا في النصف الأول من القرن العشرين. و قال ترانیان: آنها ليست مزحة، اظن ان شيئا مهما يحدث في حولنا  -

لا أدري متى بدأ وأين تشكل وكم يستمر، لكني على علم بوجوده،  إننا  نواجه دوامة، وهذه الدوامة ستقتلع لحم جسدنا وتحطم كل عظامنا، مثل الفئران  التي تحس بقرب غرق السفينة فتهرب منها. وأنا اشعر بوقوع هذا الحادث، لكننا  لا نستيطع السباحة للوصول إلى الشاطئ. ولا وجود لشاطئ لنا. وسأل المحامي:

ما هو هذا الشئ الذي اشرت اليه؟

قال ترانيان: يمكن لك أن تصفه ثورة. ثورة في إبعاد لا يمكن تصورها ، وسيكون الناس كلهم ضحاياها ...

وسال المحامي: وما هذا الخطر الكبير الذي يتهددنا؟

ورد ترانیان کوروغو قائلا: خادم آلي. وأنت تعرفه أيضا، جورج، خادم آلي، الخادم الذي يسدي لنـا يـوميـا خـدمات بكل الأشكال، يقود

سيارتنا، يشغل ماكنتنا، يسكب الماء علـى يـدينا، يوجـه لنـا رسـائل، وعندما نشـغل الراديو، يسـرد علينـا قصصا مثيرة للضحك. يشق الطرق ويفتت الجبال ... إن المجتمع الذي يملك ملايين الخدام الآليين ويضم مليوني  إنسان فحسب، حتى أن وقع الحكـم فيـه بيـد الإنسان، فإنه سيبرز خصائص الأغلبية البرولتارية ، إننا نتعلم لغة وقوانين رقيقنا لكي يتسنى لنا اصدار الأوامر لهم، لذلك فإننا نغادر شيئا فشيئا جوهرت الانساني وقوانيننا الإنسانية بطريقة غير محسوسة. النا ومع قبول

أسلوب حياة رقيقنا، نجرد أنفسنا من الانسانية. أن أول أعراض تجرد الإنسان من إنسانيته هو " إذلال الإنسان" . أن الإنسان الحـديث، يقيس

قيمته وقيمة سائر أبناء البشر بالمعايير الآلية. وتحول الناس إلى قطع غيار. أن المجتمع المعاصر الذي يملك عشرين او ثلاثين رقيقا مقابل كل إنسان، يجب أن ينظم بطريقة تمكنه من التصرف وفقا للقوانين التكنيكية. أن المجتمع يوجد اليوم حسب المتطلبات التكنيكية لأ لتلبية الإحتياجات الإنسانية، ومن هنا تبدا الكارثة... وتتوضح عملية تجريد الإنسـان مـن انسـانيته بطرق مختلفة، وتـر غم

الإنسان للتخلي عن عواطفه ومشاعره وتحويل العلاقات الإجتماعية إلى شئ جزمي وآلي ودقيق، مثل العلاقة القائمة بين المكونات المختلفة من ماكنة ما. وتتجلى اصوات ولغة الرقيق الآلي أو «الدمي» في العلاقات الإجتماعية ، وادارة المجتمع وفي الرسم والادبيات والرقص. فأصبح الإنسان يقلد الدمى. أن بوسع الحضـارة الصناعة أن تجلـب الإستقرار، لكنهـا عـاجزة عـن النهوض بالروح،  ولن تكون هناك عبقرية من دون روح. أن المجتمع الذي يفتقد إلى العباقرة، مآله الفناء. أن الحضارة الحديثة التي تحل الآن محل

الحضارة الغربية وستستحوذ في النهاية على العالم بأسره، ستباد بدورها... و بعد الإطاحة بالتكنولوجيا ستحيا القيم الروحية والإنسانية من جديد. أن هذا النور العظيم ، سيطلع على الأرجح من الشرق أي من آسيا، لكن ليس من

روسية !، أن الروس رضخوا للمصباح الكهربائي واخذوا يعبدونه وسيصابون بذلك المصير الذي أصيب به الغرب، لكن الشرق سيتغلب في خاتمة المطاف على التكنولوجيا الحاضرة وسيحتفظ بالكهرباء من أجل اضاءة الشوارع

والبيوت،   لا أن يستحدث معبدا تعبد فيه الكهرباء على طريقة المجتمع الغربي المعاصر الذي يعيش في بربرية وهمجية وخضع لها، أن رجال الشرق لا يريدون إستخدام مصابيح النيـون لتسليط الضوء على خفايا الروح الهم

سيروضون مكائن الحضارة الصناعية بقدرتهم ونبوغهم بالضبط مثل لند الأوركسترا الذي يقود ويوجـه الاوركسترا بناء على إحساسه الغريزي في الإيقاع الموسيقي، لكننا لن نكون على قيد الحيـاة حتى الإنسان في عصرنا أصبح كالبربر يعبد الشمس الكهربائية. وقال المحامي: اذن هل سنموت ونحن رقيق؟

قال ترانیان: اننا سنموت بـلا شـك كسجناء لـدى البرابرة من أصحاب التكنولوجيا. أن روايتـي هـي مقدمة لهذه المرحلـة مـن وجـود الإنسان وهذا الفصل من تاريخ الإنسان. وسأل المحامي: بماذا تسميه؟ قال ترائيان: الساعة الخامسة والعشرون. الساعة التـي لـن تـرى فيها

الإنسانية وجه الفلاح وحتى أن الزمان أصبح متاخرا لعودة المسيح، لكن هذه ليست الساعة الأخيرة، بل ساعة واحدة تعقب ساعة النهاية. وهذه الساعة هي الآن! وان الحضارة الغربية هي في هذه اللحظة. وأن أراد أحد الاتيان علـى ذكـر نـاقـدي تـاريخ الغرب الحديث من أصحاب الادب والثقافة الغربيين أنفسهم وتقديم فهـرس عن أقوالهم واعمالهم، فإنه سيعد مجموعة كبيرة قد ترقى إلى موسوعة. ولا يجب تجاهل أن هؤلاء كانوا ومازالوا يواجهون القضايا التالية في النقد والدراسة وإبداء وجهات نظرهم:

١ . أنهم نظروا إلى التاريخ الغربي من الداخل؛

٢. أنهم قدموا تقييما ورؤية بنفس الأسلوب وعلم المنهج المعمول به في الغرب (والقابل للنقد طبعا)؛

٣. أنهم أخذوا بنظر الإعتبار جزءا من الكل واعتمدوه كمعيار ومقياس لإبداء وجهات نظرهم بشأنه؛

٤ . وماعدا عدد ضئيل، فالبقية منهم غرباء على حقيقة الشرق وأسسه النظرية ومبادئه. وماعدا عدد محدود ممن اشرفوا على أوجه من الثقافة الشرقية عن طريق التتبع ورصد المصادر وأحيانا مجالسة العلماء والمفكرين الشرقيين، فإن البقية الباقية منهم اتخذوا الشرق المعلمـن أساسا للنظـر إلى الشرق، وفي هذا الخضـم فـإن

المستشرقين سـبقوا الاخـرين وتحولـوا إلـى أداة للتمهيـد للهيمنـة بعض السياسية والعسكرية الغربية على الشرق؛

٥. أن عددا محـدودا مـنهم فحسـب تطرقـوا إلـى الماهيـة النهلسـتية والعدمية للتاريخ الغربي.

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك