المقالات

مواقع الإنتحار الإجتماعي !

1397 2022-11-06

عبدالملك سام ||

 

وجدت نفسي أمام قبر والدي! متى، وكيف، ولماذا؟! لا أعرف.. كنت أشعر بالضيق الشديد، ولم أجد من أتكلم معه، وربما لأنني أعتدت أن اتحدث مع أبي دائما عما يشغل بالي، فقد قادتني قدماي إلى قبره من دون أن أشعر. ربما هو الفقد، أو لقلة من يمكن أن تبوح لهم، أو ربما أنها صارت ظاهرة كبيرة في عصرنا الحالي، أي أن يكون الناس بعيدين عن بعضهم مهما كانت المسافة فيما بينهم قريبة!

مما كان يميز أبي - رحمه الله - أنه كان ينصت جيدا لنا عندما كنا نتكلم، ولم يكن يسمح لشيء ما أن يشغله عمن يتحدث إليه، فإذا كان يشاهد التلفاز فهو يطفئه، وإذا كان يقرأ كتابا كان يغلقه ويضعه جانبا. هذا الأمر أتذكره اليوم عندما أشاهد كيف نتعامل مع بعضنا؛ فالكل مشغول بنفسه، أو بمشاكله، أو حتى بهاتفه.. لا أحد منا يظهر تعاطفا مع الآخرين، وكأننا تحولنا بفعل هذه الفوضى الإعلامية إلى كائنات أدنى منا كالحيوانات البرية، رغم أنها تظهر أحيانا تعاطفا أكبر مما نجده لدى البشر، فالتعاطف الإنساني هو الذي يميزنا كبشر، فنحن بطبيعتنا كائنات إجتماعية، ومن المؤسف أننا نتجه نحو التخلي عن هذه الصفات!

ماهو دورك كأخ أو أب أو صديق لولا نعمة التعاطف والفهم لمن حولك؟! كيف ستساعد من حولك إن كنت غير قادر على التواصل معهم والتفهم لحاجتهم، وعوضا عن ذلك تقوم بإستبدال هذه العلاقات الحقيقية بعلاقات وهمية على مواقع التواصل الإجتماعي المليئة بالزيف والخداع، فالجميع يخدع الجميع، ولو دققت النظر في الأمر لوجدت أن الضرر من هذه العلاقات يفوق الفائدة التي يمكن أن تحصل عليها منها إن وجدت طبعا! بل أنك تسايرها لتقع في مستنقع الزيف من أجل الحصول على الإعجاب أو الإهتمام الزائف.

المشكلة أن معظمنا لا ينتبه للتغيرات التي تطرأ عليه كلما قضى وقتا أطول على هذه المواقع، فهناك ستجد أشخاص في مناصب رسمية صاروا يكتبون كالمراهقين! وستجد ايضا فتيات (بحسب الظاهر) ينشرن منشورات تافهة، ولكنك بالعودة للمنشورات القديمة تدرك أنهن لم يكن هكذا! وستجد من يبذلون جهودا جبارة ليشاركوا في هذا المستنقع ولو كان ما ينشرونه ضد قناعاتهم! وستجد من هو على إستعداد ليكتب أي شيء طمعا في تعليق أو إعجاب!

المشكلة أننا لا نلاحظ (او لا نريد أن نلاحظ) أن من قاموا بإنشاء هذه المواقع يواصلون تنفيذ أهدافهم، ونرى اليوم آثار هذا في الإنحطاط الذي وصل إليه البعض، وعملية تكميم الأفواه، والتجهيل الممنهج. في حين أننا نحاول جاهدين، وبحماس غريب، أن نعزل أنفسنا عمن حولنا، ونحرم أسرنا من التواصل الحقيقي الصادق الذي كان يمكن من خلاله أن نعرف مشاكل بعضنا، ونتفاعل بإيجابية مع ذوينا، وما كانت لتحدث مثل هذه الجرائم التي نسمع عنها اليوم من إبتزاز وإنتحار وأمراض نفسية ....الخ، لولا وجود هذه المواقع!

 نصائح للتخلص من إدمان مواقع التواصل الإجتماعي:

1- خذ العبرة من ضحايا إدمان هذه المواقع، فأنت لا تريد أن تتحول إلى (علي البخيتي) آخر!

2- يجب أن تدرك أن "زهرة الأقحوان" غالبا ما تتكلم بعد أن شذبت لحيتها، فأي عالم سخيف ومزيف هذا؟!

3- لو أنك حسبت الوقت الذي تقضيه في هذه المواقع، وأستبدلته بأي نشاط آخر حتى لو كان جمع العلب الفارغة، فإنك خلال عام ستكون كونت ثروة من جمع هذه العلب!

4- تأكد أن هذه المواقع مرتع خصب للأكاذيب، ولو أدمنت عليها فستجد نفسك بعد فترة وقد بدأت تصدق معلومات على شاكلة أن الأرض مسطحة، وأن القط بسبعة أرواح!

5- فكر في المجهود الذي ستبذله وأنت تحاول إقناع الآخرين بأن يتفاعلوا مع حدث مثل تعليق حسابك كل ثلاثة أيام!

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك