المقالات

اجتثاث المشاكل البنيوية.. مدخل استقرار العراق

1877 2022-10-29

د. علي المؤمن ||

 

   إن ما يحصل في العراق الجديد، بعد 2003، من عدم استقرار اجتماعي سياسي، وتنافس وخلافات وصراعات بين الطوائف (سنة/شيعة) والقوميات (عرب/ كرد)، هو تدافع طبيعي، سببه المشاكل البنيوية للاجتماع السياسي العراقي الموروث، وفوضى حراك هذه الطوائف والقوميات، وعدم توازنها في الحضور السياسي والسلطوي والديني والثقافي، والذي يقف على رأسه حكم الأقلية السنية العربية، منذ مئات السنين، والتي كان يتشبث زعماؤها بكل وسائل البطش والقمع للأكثرية الشيعية والأقلية الكردية السنية، من أجل المحافظة على السلطة، وهذا هو ديدن حكم الأقليات في كل التاريخ.

  ثم أضيف الى الموروث الأموي العباسي الأيوبي العثماني الردئ السابق؛ خللاً عميقاً جديداً بعد العام 1921، يتمثل في تركيبة الدولة والوطن وجغرافياه السكانية، بوصفها إحدى مخرجات معاهدة سايكس بيكو ( الفرنسية البريطانية)، بالتزامن مع تكريس العقيدة الطائفية العنصرية للدولة العراقية الجديدة، وهي العقيدة التي عبّرت عنها بوضوح حكوماتها المتعاقبة، منذ العهد الملكي وحتى العام 2003. وهناك من الشيعة من يتوهم بأن هذه العقيدة انهارت بعد العام 2003، وأن الصراع حولها قد انتهى، بنهاية حكم البعث، لكن الحقيقة على النقيض من هذا الوهم؛ إذ لاتزال هذه العقيدة إحدى محاور التدافع والصراع بين السنة من جهة، والشيعة والكرد من جهة أخرى، وهي السبب الأساس في هواجس ومخاوف الطوائف والقوميات من بعضها، وأغلب الوان الفشل والعوق القانوني والنظمي والسياسي والإداري، وكثير من مسارب الفساد. 

   هذه الهواجس والمخاوف والنزاعات، ليست مبنية على وهم، بل مبنية على أسس واقعية وحقائق على الأرض، وبالتالي؛ هي تجسيد لمخاضات الولادة العراقية الجديدة، التي أفرزها سقوط العراق الطائفي العنصري القديم، وهي مخاضات ربما تستمر عشرين أو ثلاثين سنة أخرى، لحين تتبلور هوية العراق الجديد نهائياً، ويذعن الجميع لحقائق الجغرافية السكانية المذهبية والقومية، وأنهم شركاء في الوطن متساوون في الحقوق والواجبات، ولايوجد مواطن أصلي ومواطن (نزيل)، ولايوجد تمييز على أساس الطائفة والقومية. وحينها لن يكون هناك تدافع بين المكونات، بل سيكون التدافع من أجل الوطن حصراً.

   وقد ذكرت في كثير من الحلقات البحثية والمحاضرات والدراسات في العامين 2003 و2004، بأن العراق بحاجة الى (50) عاماً حدا أدنى ليستقر، فيما انصبت جهود جميع الطوائف والقوميات على التخلص من الإرث العنصري والطائفي، وإعادة بناء الدولة وقواعد الوطن على أسس جديدة. في حين أن ما يحدث منذ العام 2003 هو مجرد محاولات ترقيعية سطحية لسد الثغرات والذرائع، شبيهة بالمسكنات المؤقتة، وليست أعمالاً ستراتيجية عميقة، تجتث المشاكل والأزمات من جذورها، تمثل علاجات شافية.

   ولذلك؛ واهمٌ من يعتقد ان مشاكل العراق سببها السرقات والفشل في الأداء، والمحاصصة الطائفية والقومية، بل ان هذه الظواهر السلبية هي مجرد افرازات للمشاكل البنوية في الدولة العراقية. فمن التغيير الجذري والاستقرار الحقيقي المستدام، عليه اجتثاث هذه المشاكل أولاً.

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك