المقالات

اجتثاث المشاكل البنيوية.. مدخل استقرار العراق

1688 2022-10-29

د. علي المؤمن ||

 

   إن ما يحصل في العراق الجديد، بعد 2003، من عدم استقرار اجتماعي سياسي، وتنافس وخلافات وصراعات بين الطوائف (سنة/شيعة) والقوميات (عرب/ كرد)، هو تدافع طبيعي، سببه المشاكل البنيوية للاجتماع السياسي العراقي الموروث، وفوضى حراك هذه الطوائف والقوميات، وعدم توازنها في الحضور السياسي والسلطوي والديني والثقافي، والذي يقف على رأسه حكم الأقلية السنية العربية، منذ مئات السنين، والتي كان يتشبث زعماؤها بكل وسائل البطش والقمع للأكثرية الشيعية والأقلية الكردية السنية، من أجل المحافظة على السلطة، وهذا هو ديدن حكم الأقليات في كل التاريخ.

  ثم أضيف الى الموروث الأموي العباسي الأيوبي العثماني الردئ السابق؛ خللاً عميقاً جديداً بعد العام 1921، يتمثل في تركيبة الدولة والوطن وجغرافياه السكانية، بوصفها إحدى مخرجات معاهدة سايكس بيكو ( الفرنسية البريطانية)، بالتزامن مع تكريس العقيدة الطائفية العنصرية للدولة العراقية الجديدة، وهي العقيدة التي عبّرت عنها بوضوح حكوماتها المتعاقبة، منذ العهد الملكي وحتى العام 2003. وهناك من الشيعة من يتوهم بأن هذه العقيدة انهارت بعد العام 2003، وأن الصراع حولها قد انتهى، بنهاية حكم البعث، لكن الحقيقة على النقيض من هذا الوهم؛ إذ لاتزال هذه العقيدة إحدى محاور التدافع والصراع بين السنة من جهة، والشيعة والكرد من جهة أخرى، وهي السبب الأساس في هواجس ومخاوف الطوائف والقوميات من بعضها، وأغلب الوان الفشل والعوق القانوني والنظمي والسياسي والإداري، وكثير من مسارب الفساد. 

   هذه الهواجس والمخاوف والنزاعات، ليست مبنية على وهم، بل مبنية على أسس واقعية وحقائق على الأرض، وبالتالي؛ هي تجسيد لمخاضات الولادة العراقية الجديدة، التي أفرزها سقوط العراق الطائفي العنصري القديم، وهي مخاضات ربما تستمر عشرين أو ثلاثين سنة أخرى، لحين تتبلور هوية العراق الجديد نهائياً، ويذعن الجميع لحقائق الجغرافية السكانية المذهبية والقومية، وأنهم شركاء في الوطن متساوون في الحقوق والواجبات، ولايوجد مواطن أصلي ومواطن (نزيل)، ولايوجد تمييز على أساس الطائفة والقومية. وحينها لن يكون هناك تدافع بين المكونات، بل سيكون التدافع من أجل الوطن حصراً.

   وقد ذكرت في كثير من الحلقات البحثية والمحاضرات والدراسات في العامين 2003 و2004، بأن العراق بحاجة الى (50) عاماً حدا أدنى ليستقر، فيما انصبت جهود جميع الطوائف والقوميات على التخلص من الإرث العنصري والطائفي، وإعادة بناء الدولة وقواعد الوطن على أسس جديدة. في حين أن ما يحدث منذ العام 2003 هو مجرد محاولات ترقيعية سطحية لسد الثغرات والذرائع، شبيهة بالمسكنات المؤقتة، وليست أعمالاً ستراتيجية عميقة، تجتث المشاكل والأزمات من جذورها، تمثل علاجات شافية.

   ولذلك؛ واهمٌ من يعتقد ان مشاكل العراق سببها السرقات والفشل في الأداء، والمحاصصة الطائفية والقومية، بل ان هذه الظواهر السلبية هي مجرد افرازات للمشاكل البنوية في الدولة العراقية. فمن التغيير الجذري والاستقرار الحقيقي المستدام، عليه اجتثاث هذه المشاكل أولاً.

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك