المقالات

الكُلف الاجتماعية لظاهرة الفساد في العراق...


 البروفيسور الدكتور رياض المسعودي |

 

لا يشك أحدا على الإطلاق قوة تتماسك المجتمع العراقي،  منذ زمن طويل لأسباب عده في مقدمتها انه مجتمع بدوي الأصل،  ولا احب أيضا، وحتى الحضرين، منهم من نفس الأصل، مع ضرورة الإشارة إلى أن المجتمع العراقي تأثر كثيرا بالارث الحضاري والديني والثقافي والذي اكسبه المزيد من التماسك.. وحال بقية المجتمعات الأخرى،  فقد تعرض المجتمع العراقي إلى اهتزازات داخلية وخارجية قاسية جدا خصوصا في العصر الحديث والمعاصر، خصوصا الأمراض والجوع والفقر والحروب والانقلابات والحكومات العسكرية وغيرها، وقد ألقت بظلالها على طبيعة هذا المجتمع،  لكن التعرض والضربة الاقسى كانت الحرب العراقية الإيرانية (١٩٨٠ _ ١٩٨٨)م، ومدة الحصار الاقتصادي (١٩٩٠_ ٢٠٠٣)م، والتي أثرت بشكل كبير في تماسك المجتمع، إذ تأثرت الأسرة والمجتمع العراقي إلى تفككات واضحة بسبب غياب ولي الأمر والتدخل الحزبي المقيت والتسلط وغيرها،  فضلا عن أثر الحصار في دفع الموظفين إلى أخذ الرشوة والتوجه نحو التزوير والتلاعب وعدم حسن الإداء الوظيفي، أي الفساد الذي كان معيبا اجتماعيا، أصبح ضرورة وشطارة .. وبعد عام ٢٠٠٣م أي بعد الاحتلال الأمريكي وإسقاط حكومة البعث وقياداته في العراق، تأثر المجتمع بشكل أكبر وأوضح،  من خلال حل الجيش والمنظومة الأمنية وغيرها من القرارات التي عمقت الانقسام المجتمعي، وعملت أمريكا بخطة ذكية إلى إذكاء الفتن وتقريب البعيد وإبعاد القريب، لضرب المجتمع بشكل عميق وقوي، وتحقق لهم ما أرادوا وبأقل الكلف المادية والاعتبارية، فقد وفرت أمريكا الأرضية المناسبة من تشتيد المجتمع بين الأحزاب، أو عبر المكونات أو الطبقات لتسهيل عملية الإختراق، فبرزت النعرات والحروب بينها وكلفت المجتمع غاليا من العداوة والبغضاء بين العشائر والأحزاب والحوزات والإعلام وغيرها، وبرز نوع آخر من الفساد الحكومي والشعبي، الناجم من غياب أو تغييب قدرة الدولة أو المجتمع عن المواجهة، ولعبت هذه الخطة دورا قبيحا في تمزيق المجتمع، وجعله ضعيفا غير قادر على مواجهة التحديات الجسام، التي كان من المفترض،  أن يواجهها بكل جد وحزم.. اليوم، يمكن القول إن المجتمع العراقي خسر الكثير من خصائصه الإيجابية التي استغرقت قرون في بناءه، وأصبح من السهل فعلا تمرير المزيد من السلبيات داخله، مما كلفه المزيد من التراجع، في مواجهة الآفات الخطرة والمتمثلة، بالمخدرات والطلاق والتسول والسرقة والبطالة والتجهيل والعادات والتقاليد الدخيلة، في المأكل والملبس وغيرها، وأصبح مجتمعنا اليوم مجتر، للثقافات الدخيلة، وعدم قدرته على التعاطي مع تحديات العصر الكبيرة والمعقدة..
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك