محمد الكعبي ||
الحسين (عليه السلام) طاقة ايجابية للانفس الضائعة ومعطاءة للأنفس التائهة، و زهرة في بستان الحياة المظلمة القاسية بكل ما فيها من ارهاصات ونكبات ومطبات، تشم منها عطر الوفاء والامل والمستقبل، كل شيء في دنيا الحسين جميل شفاف رقيق برقّة روح قائدها وبانيها.
عطاء الحسين مشعل نور نقتبس منه شعاع الانتماء إلى الرسالة الخالدة، غايتها أن تبني الانسان وتجرده من كل انواع العبودية، وتخلع منه جميع الوان الذل والهوان، انها كربلاء بكل ما فيها من دماء، فهي حياة، وكل ما فيها من رقاب مقطوعة، لكنها قطعت رقاب جميع ظلّام التاريخ وكل اعناق الجبابرة ووضعتهم تحت سنابك خيل الحسين (عليه السلام)، كربلاء قزمت كل فراعنة التاريخ وكشفت زيفهم، وأزاحت قناع الخداع، والدين المتلون بلون الاموال المسروقة، وانتصرت للأنفس المعذبة والاجساد العارية على صحرائها، رُفِعَ رأس الحسين برمح البغي، لكنه رفع الدنيا بكلمة الحق التي صدح بها، وصار شهيدها، إنّها (كلا الرفض الصريح لقيم الباطل والذلة)، كلا، لكل هوان واحتقار وخداع وانحراف وتحايل وتبديل، كلا لكل الاحزاب وكياناتها وتزويرها وفسادها.
كربلاء الاانتهاء، كربلاء الامتداد في الزمان والمكان، فلا تقاس بها مدينة، لأنها الوجود بكل معانيه ومعطياته، كربلاء بحر زاخر بالفداء، متلاطم الامواج، تغرق كل سفن الظلال في بحره، ويسحق جميع الشياطين المتخفية بلباس الدين.
لقد قدّم الامام الحسين(عليه السلام) روحه لمذبح الحرية، لنسلم من الهوان، ونكون أحرارا في دنيا عبودية التوحيد، أراد بمنحره الشريف ان نعيش الطاقة والحيوية والانتماء، ان نطلب العلم ونبني بنهظته وطنا يجمعنا، لا يفرقنا، وطنا يحبنا ونخبه، يحترمنا ويعطينا من خيره، ذلك الوطن الذي قتله الغرباء وهجّرَ اهله الاقزام.
ثورة الحسين(عليه السلام) بناء مشفى يداوي الفقراء، وبيت يأوي المساكين والضعفاء، الحسين مسجد يعبد فيه الله، لا احزابا دينارية، وتيارات درهمية، وقادة متلونين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، كربلاء أرض لكل بذور الخير، تكبر وتنمو وتعطي ثمارها للجياع والعطاشا، الذين اضمأهم الحر والقهر في زنازين الطغاة، محرم ليس دموعا للفاسدين يذرفونها قبل الانتخابات ويمسحونها في الجلسات، كربلاء تعني عطاء وفناء بين العاشق والمعشوق، فلا يمكن ان يحتال العاشق على معشوقه، ولا يغشه في بيعه، ولا يبيعه في سوق النخاسة، الحسين حب، والحب هو الانتماء والامتزاج بين روحين في جسد واحد لهدف واحد، فهو الخلود في سجل كربلاء. فلا مكان للمحتال والمزور في الطف، ليس هناك خيارات ولا وقت، فإنها ساعة وتنقضي معركة الوجود، أما حسين، أما يزيد، لابد من الاختيار، لا يمكن الوقوف على الحياد، فلا ثالث بين الحق والباطل، فالجبهة محددة، والساحة مرسومة ومخطوطة، والدخول فيها حتمي، ولكن الخيار لك في أي جبهة تكون، لا وقوف على التل، ولا منشغلا، أو !! لا أعلم...
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha