المقالات

كيف كانت صبيحة رحيلك

1326 2022-09-08

لمى يعرب محمد ||

 

الساعة٨:٤٠ دقيقة صباحاً، التاريخ ٩/٨

 

وأنا في غفوتي طُرِقتْ باب الدنيا فجأةً، وإذا بزائرٍ ضخم القامةِ عبوس الوجهِ شديد النظراتِ، يخبرني بأنه أُمِرَ بأخذِ عنوان كتابي، هيا قومي واستعدي لمراسم العزاء، ولا تطولي الوداعَ كثيراً لا قيمة لمشاعر قد دهسها الزمن..

 لا الضجيج ولا الصراخ فهذا سرٌ مجهول، يطلُ علينا غفلةً في أي وقتٍ، بعض الأحداثِ خُلِقَتْ لتكونَ مرةً واحدةً ثم لا يكون لها معنى بعدَ ذلك..

 صباحٌ جميلٌ للجميع إلا أنا، فلأول مرة أعيشُ لحظاتَ الرحيل الصباحي، لم يكنْ ككل الصباحات أُبيحتْ به جميع أدوات الاستثناء في اللغة، صخب وعويل وصمت وهدوء، مشاعر مضطربة، لبرهةٍ من الزمن جبتُ الأقطارَ مشياً لا ركوبا، أنزلُ من أعلى درجات السلم الهامد أسفل بوابات البؤس، أتى الزائرُ بخطى واثقة لا اضطراب فيها، غير مبالٍ من خلو المكان أو ازدحامه..

 وقفَ دون أن يلتفتَ إلى الوراء، اقتربَ أكثر فأكثر، سرقَ انتباهي وتجاوزني بسرعةٍ، أشارَ له مرةً واحدةً، فارتقى المخلوق إلى بارئه، بسرعةٍ قصوى وبلمح البصر كأنه بسباق مع الريح.

 يرتفع بشكل غريب بخفةٍ غير معقولة، وبجبهةٍ صفراء كأنها فُرِّغَتْ من دماء الأرضِ جميعها، نَظَرَ إليِّ نظرةً لا قرار لعمقها، توجه إلى الأفقِ البعيد، وأنا طفلة أراقبُ لون شعره الممزوج بسواد يوم رحيله وبياض الشيب الذي علا رأسه، وأعدُ دقات ساعته الفضية، أحاولُ أن اكتشفَ سر هذا الصوت.

 لم أكنْ اعلمُ إنها حركة الأميال التي تأكلُ بأعمارنا، نأتي إلى الحياةِ برحلةٍ قصيرةٍ ونندفعُ إلى النهايةِ على الفور، كل شيءٍ زائف والحقيقة الوحيدة الكبرى هي الموت.

 حكاية عسيرة وغامضة يصعبُ تصديقها، أقسى كلمة عرفها الزمن، " ربَّنا اغفر لنا ولوالدينا، ربَّنا اغفر لنا ولإخواننا"، ها هي وحشة الموتِ قد أقبلتْ، وأوجبتْ عليَّ أن أكتبَ درسها ووقع ألمها، وأوصفُ ذكرى صبيحة رحيلك، كلمات انتقت نفسها بنفسها لم تكنْ باختيار أحد والسببِ..!

"لأنه الموت يا أبي".

ـــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك