سلمى الزيدي ||
في مَكانٍ ما وَبُقعَةٍ من الأَرض كانَ هُناكَ وَطن !
صُرنا نُسْتَدَلُّ عَلَيهِ مَن ضوءِ شَرارات الفِتَن!
تَتَساقَطُ عَليهِ كالمَطر حينَاً وَالآخَر يَسقط بَعدَ حين، يُطفئ العقلاء البَعضَ منها فَيجعَلُ من منابر خِطاباتهِ كلماتً كالظُلَل، وَيُشعل فَتيلها الآخَر كالجاهِل بلا عِلمٍ أو يَقين، وَبين مَن يُطفئ وَيُشعل وَيوقِظ وَيُهَدأ فَرقَ الأَيام من عمرنا والسنين .
حتى صُرنا في عُنقِ زجاجَةٍ، لا استَقرينا بِقاعِ أَرضٍ ثابتةٍ لَها قَدَم صدقٍ وَأَمانْ، وَلا انتشَلنا أَنفُسَنا لِنفزَع يداً بيد أَصحابٌ وَأَعوانْ، وَنخرج منها أَقوياءً أَشِّداءً فَنُدَمر خُطَط الشَيطان .
يُقال عندما لا تحب المكان غادرهُ وحين يغدر بكَ الأَصحاب ابتَعد عَنهم! كان سَفرُنا بالأَحلام كَم َتمنينا أَن يُسعِفنا فضاء النسيان، عَلَّنا نولَدُ من جَديد وَنستَيقظُ في وَقتٍ لَيسَ كهذا الزَمان! فَإذا بنَيازك الذكرَيات من حولَنا تَرتَطم بنا لِتَعيدنا لِذكرى رائِحَة البارود، وَذكرى صَرخات الأَيتام، ذكرى آخر نَضرَة من عيون الشهداء، آَخر ضحكة لَهُم على ساتر الحب وَالحَرب، بِذكرى من أَجل وَطنٍ وَمَكان .
كُلما استَبشَرنا خَيراً ووَقَفنا على باب الفَرج مجتَمعين فَرحين باِنفراجٍ من أَزمَةٍ طالَ أَمدُها، وَباتَتْ كالعَظم في البَلعُومِ لِنخرج بحلولٍ وَقراراتٍ قَويَةٍ تُلجم أَفواهُ المُطبعين! تَسُرُّ الصَديق وَتُغيضَ المنافقين، كَي يَستَقر النَفَس بَعدها ونَستَنشُق الصُعَداء، قَراراتٌ تَعيها أُذنُ صاغيَة وَعيونٌ شاخِصَة لانتظار الحلول المَلموسةِ بالخَير وَالعَطاء .
ليُمسِك بَعدَها الرَسام المَجنون سلاح الفرشاة! هوَ لا يَملك الموهبة الفنية بقدر ما يَملك عُقدَةً نَفسية، يلون بشَغف الوان الثأر الأَسود للشَر والأَحمر للدم! خُطَطاً بنَفسٍ عُدوانية، رسوماتٍ لحرب الفتنة البَغيضَة، بتوجيهاتِ مُندَفِعَة مَسمومَة لاعقلانية، فيصَفق لهُ الجمهور بحرارةٍ الغير معجبين بِشَخصهِ أَو موهبَته المَفقودَة! بَل لِكونه أَداة تَميلُ كما يَرغَبون، ليَذهَب بَعد اكتمال الطَبخَة وَانتهاء الرسمَ الى فراشهِ بعدَ أن أَخَذَ حماماً ساخناَ كَتَصفيق جمهورَه! ليَستيقظ على رائِحَة الحرائِق وَالفتَن فيَنضر لَها متفَرِجاً مُتَرنحاً بإعجابٍ وَفَخر.
يا حَسرَةً علينا من غَدر الزَمانِ وَشماتَة الشامتين، وَتَربص الأَعداء وَالمنافقين، كَيفَ يَرمي الأُخوَة في الدين وَالمَذهَب وَالبيت الواحد بَعضَهم البَعض في البئر؟ وَيُلَطخوا قَميصَ المُكَون بِدَمٍ كَذِب! كَيفَ يُنبزُ بالأَلقاب مَن لَهم اِنتماء لآل بيت محمد (ص) الطاهرين، لكن يَعقوب يَعلَمُ من الله مالا تَعلَمون، كلَّ هذا من أَجل مَصالح خَفية وثاراتٍ شَخصية، وتَوجيهاتٍ لِتَنفيذ أَجنداتٍ خارجية، لا تُريد بنا الخَير ( فيا لَيتَ قومي يَفقَهون) .
https://telegram.me/buratha