الدكتور عبدالحسن الجبرة الله ||
ادارة الدولة العراقية الجديدة بما تحمله ملفاتها من تعقيدات شائكة على كل الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ؛ فأن تلك الملفات هي معيار النجاح او الفشل الحكومي ؛ ولايكاد ملف من هذه الملفات يخلو من تشابك المصالح المناطقية والفئوية والحزبية وحتى الفردية منها؛ فالصراعات السياسية بين المكونات العراقية وما أفرزته إرهاصاتها من تحديات ومعطيات أخذت تهدد وحدة كيان الدولة برمتها وسط اللامبالاة احيانا" والقصدية غالبا"؛ ومن هنا نجد ان الحكومة القادمة ستجابه تحديات خطيرة لم تجابه كل الحكومات التي سبقتها؛ ومن أهمها وأخطرها ثلاث ملفات وهي :
ملفات كوردستان؛ ويعد ملف تفرد إقليم كوردستان بتصدير نفط الاقليم ونفط كركوك بعيدا" عن المركز وشركة سومو العراقية؛ وامتناع الاقليم عن تسديد أموال النفط المصدر و واردات المنافذ الحدودية؛ و قرارات المحكمة الاتحادية المتعلقة بعدم شرعية تصدير الاقليم للنفط والغاز؛ وهذا الملف الشائك والمعقد يحمل بين طياته منعطفا" خطيرا"قد يؤدي إلى انهيار العملية السياسية برمتها أن لم تتعاطى الحكومة المقبلة مع هذا الملف بحزم وارادة صلبة مستندة إلى قرارات القضاء العراقي غير القابلة للطعن والتمييز ونجاحها في حسم هذا الملف وتنفيذ القرارات القضائية سيكون مدعاة لردع سياسات حكومة الاقليم المتهورة ؛ مما يعني ذلك أن الارتياح الشعبي الواسع لهذه الخطوة سيسهم إلى حد كبير بارتفاع شعبية الرئيس السوداني بين الأوساط الشعبية الكبيرة الناقمة على سياسات حكومة الإقليم؛ وبعكس ذلك فان اي تردد من جانب الحكومة المقبلة او نهج سياسة المجاملة وترحيل الازمات سيؤدي لامحالة إلى سرعة اسقاطها؛ فالوعي السياسي الجماهيري قطع شوطا" كبيرا" باتجاه تبني خيارات كثيرة نحو تقييم عمل الحكومة وسبل مواجهتها؛ سيما وأن الجماهير تمتلك رصيدا" كبيرا" من المعارضين السلبيين لها.
والملف الثاني الذي لا يقل خطورة وذو أهمية كبيرة أيضا" ملف الاتفاقية العراقية _ الصينية ولحق العراق بركب حزام وطريق الحرير؛ فهذا الملف أصبح مطلبا" شعبيا"لأبناء الوسط والجنوب (قاعدة الإطار الشعبية)؛ ولابد من حسم هذا الملف بأسرع وقت ممكن من خلال طمأنة الجماهير وتعزيز ثقتهم بخطوات الحكومة الجدية بحسم هذا الملف؛ وبخلاف ذلك فأننا نحذر من لجوء الحكومة المقبلة إلى سياسة المماطلة والتسويف تجاه هذا الملف سيطيح بما تبقى من التأييد الشعبي لقوى الإطار قاطبة؛ او على الاقل ضمور وانحلال قواه الكبيرة واستبدالها بقوى سياسية جديدة وناشئة على حساب حرس الجيل القديم الذي أصابه داء الترهل السياسي
والملف الآخر ملف شركة سيمنز الألمانية وأهمية إكمال مستلزمات التعاقد معها لبناء محطات الطاقة في العراق؛ وهذا ما يستدعي حتما" المواجهة مع أمريكا وأذنابها في المنطقة؛ فهل ستنجح الحكومة المقبلة في حسم هذه الملفات لصالح الشعب ام ستمارس نهج الحكومات السابقة لحكومة السيد عادل عبدالمهدي في التغطية والتستر على الفشل الحكومي بذرائع وحجج واهية؛ فالظروف المحيطة بهذه الحكومة ذو مسارات خطيرة مملؤة بالاشواك والالغام وتحديات التدخل الأمريكي والإقليمي المناؤى لأية خطوة إيجابية في سبيل تكوين الدولة العراقية القوية؛ ونظن ان لا سبيل أمام الحكومة المقبلة إلا النجاح وبالضد من ذلك فزوالها أسرع من لمح البصر ؛ وما يلحق بهذا الزوال من محو دولة كانت تسمى ب العراق من الخريطة.
الناصرية ٢٥ تموز ٢٠٢٢