المقالات

الحشد، كيانٌ مستقِرّ لا مستَودَع..!


 

كوثر العزاوي ||

 

لم يُولَد الحشد المقدس من رَحِم الصدفة ولاصدفةَ في البين، إنما جاء بعد مخاض عسير وشدائد وفتن شتى، فتوهّجت شمس"عام ٢٠١٤" لترسل مع أول خيطِ شعاعٍ لها، نبأ ولادة الفتوى المقدسة التي أنجبت أبطالًا بواسل جادوا بأغلى ماعندهم لرفع راية النصر التي ثبَتَت جذورها 

{كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا..} ابراهيم ٢٤

نعم مَثَلُ الحشد الشعبيّ المقدس كتلكَ الشجرة التي ضربها الله مثلًا لكل طيبٍ وخير وعطاء ولم يكن قابلٌ للنفاد ولا الانقطاع! {وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}!! أجل..يتذكّرون ولايتنكّرون

لذلك الطيف العقائدي الذي أجابَ داعيَ الله مستبسِلًا يوم النداء، حتى أصبح الضرورة التي لامناص منها، ولااستغناء للأمة عنها، ولابديل لها في الحاضر والمستقبل والى ماشاء الله!! والحق يقال، فأنّ حضور الحشد المقدس في كل زاوية ومنعطف، إنما هي ضرورة أثبتتها المرحلة على نحو التطبيق العملي الحيّ لا على نحو المزاعم والإدّعاء الذي لايتجاوز التراقي والشعار والاسترخاء تحت مكيفات التبريد! فأيّة جبهة ياترى، أشدّ بأسًا وأكثر حضورًا وأعلى ثباتًا في مواقع التصدّي والدفاع عن البلد منذ عام ٢٠١٤ والى يومنا هذا؟!! أليس هو مَن طفق يذود عن الأرض والعِرض والحرمات وأيْتمَ العيال ومايزال؟! كما ذادَ النوم عن عينيهِ ليبقى متيقّظًا حذِرًا غير راغبٍ ولاسئِم ولامُرغَما!! وهذا ماأثبتتهُ فاعليتهُ في الواقع ، كونهُ السند الظهير للجيش العراقي وقوات الأمن، إذ نذَروا الأنفس وبذلوا النفيس، تحمّلوا الإشاعات المغرضة وواجهوا القول من الزّور، أبطال في ساحات القتال لا يعرفون معنى الخوف أو التردّد، تحمّلوا حرارة الشمس في الصيف وبرودة الشتاء، عانقوا عواصف التراب لترسم لهم لوحة بيضاء غطّت ملامح وجوههم حتى كأنهم نُصُبٌ من حجر، كما رسموا بدمائهم الزكية لوحة فنية اخرى ترفع عنوانًا تضحويًا تجلّت فيه أسمى آيات الإخلاص والصدق فكانوا حقّا وما زالوا ، مصداقًا لقوله تعالى:{..رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ  وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} ٢٣

اولئك الذين جعلَوا العدوَّ حائرًا يخطّط!! أي وسيلة تكسر شوكة الحشد الشعبي، وكيف يُلجمهُ أو يلوي أذرعهُ متبرّمًا لإقصائه عن الساحة، بل وكيف يقضي عليه!! ولمّا وهنَ الاستكبار وأخفقت أدواته ولم يجد ذريعة، عَمدَ الى تشوّيه المُشرق من طلعتهِ، وتزوير الحقيق من بطولاته، حتى بلغ بالكثير المجحِف من أبناء الجلدة الجاحِدِ فضلهم ، غمْط حقّهِ ومصادرة تضحياته لينسبَ كل ذلك لقومٍ شرَوا عِرضَهم ومكّنوا العدوّ من أرضهم وهم صاغرون!!

ورغم ذلك، وحشد الله يقاوم ويقاتل ويرابط من أجل أبناء وطنه في محافظات ديالى وتكريت و الانبار والموصل، وهم ليسوا منهم إنما من محافظات الجنوب و الفرات الاوسط! لكنهم لم يعترفوا بمسمّيات عرقية ولاطائفية، بل كان هدفهم الأساس نصرة الدين وإنقاذ اخوانهم وأهلهم في المحافظات المحتلة، والانتصار على جرذان عصابات داعش بذات الروح العقائدية التي نهلت من معين مدرسة الطف الحسينية التي أماطت اللثام عن حقيقة المدّعين فاقدي البصيرة والفهم لأصل التكليف الذي يؤسس لمشروعٍ إلهيّ عقائديّ يمهّد لدولة العدل المقدسة بعيدًا عن كل الماديات ونهَم المناصب وحب الدنيا  التي هي سبب كل بلاء، وإن كان ثمة من رضيَ أن يكون حاضنة لمن حارب الله ورسوله مقابل حفنة من وسخ الدنيا، أو ممن ضيّعوا هذه الهبة الربانية -الحشد الشعبي- ولأسباب حزبية أو طائفية أو فئوية، أو لأجل مُلك الريّ الذي تكون ضريبته غالبًا خذلان أصحاب التضحيات من أبناء جلدتهم ومخالفة المبادئ فضلًا عن خسارة الدنيا والآخرة!! وحسب رجال الله من الحشد المقدس، ومهما واجه من صعاب وتحديات، يبقى متسنّمًا  سلّم السمو الإنساني بمشروعه العقائدي الحضاري المتمخض عن نبع فتوى الجهاد في غمر العطاء والغيرة الهاشمية، قِبال كل مشروع داعشيّ الهوى يمنح الأعداء وأذناب السفارة اليد الطولى لمحاربة الحق والتآمر على أهله بهدف الهيمنة وتمرير مخططات العدو المستكبر والقضاء على هذه المنحة الإلهية! ولكن هيهات هيهات 

من الذين اكتسبوا مناعة البصيرة في التصدي أن يُذَلّوا أو يُساوَموا من أجل دنيا فانية.

{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا  وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} آل عمران ١٤٦

 

٢٦-ذوالحجة١٤٤٣هج

٢٦-٧-٢٠٢٢م

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك