كوثر العزاوي ||
كثيرة هي النعم التي حَبَا الله تعالى بها بني البشر، ولمّا كانت من السنن الإلهية أن تكون البشرية عبارة عن مجتمعات ومِلل وأقوام ولكلٍ منها شؤون وخصائص وظروف وعادات وقيم وو..الخ مما هو معروف في عالم الانسان وتفاصيلَهُ.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا. إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} الحجرات١٣
ومن المنطق أن يكون لهذه الشعوب مصادر قوة تحافظ على ديمومتها وتصونها من الانهيار والضعف، وباختصار: سنتعرف على أبرز مصادر قوتنا نحن المكوّن الشيعي الأغلب في العراق، في مرحلة أصبح الخصم مستهدِفًا وحدتنا، عازمٌ على كسر شوكتنا، ونحن من نمتلك من مقومات وعناصر القوة المعنوية والمادية مايفتقر لها غيرنا من الشعوب الإسلامية، ولكن ماينقصنا هو كيفية الحفاظ على مصادر قوتنا الحقيقية فضلًا عن التمسك بها.
أولًا/الطقوس الدينية والشعائر الحسينية:-
وهي من شأنها خلق الإرادة والعزيمة والثقة بالنفس، وتوفير كل العوامل النفسية اللازمة لصناعة جيل متوثّب نحو التغيير والتطور، وقد تجلّى هذا العنصر المهم وأثبت وجوده ببركة وجود المراقد المقدسة للأئمة المعصومين "عليهم السلام" من خلال المناسبات الدينية والشعائرية، في ذكرى المواليد والوفيات للأئمة المعصومين "عليهم السلام" ولعل المناسبة الاكبر والأخطر التي تحتلّ الصدارة هي ذكرى إحياء عاشوراء الحسين ولشهرين متتابعين وذروتها "الزيارة الاربعينية" وماادراك مالزيارة الاربعينية!!
ثانيًا/ المرجعية الدينية:-
وهي مصدر مهم جدا من مصادر القوة المعنوية الفاعلة على الأرض، والتي عُرفت بعلاقتها الوطيدة مع المجتمع طيلة العقود الماضية، وما أثمر ذلك من واقع اجتماعي وسياسيّ نرى ملامحهُ شاخصة في الساحة ماضيًا وحاضرًا ، وحسبنا قوة، حينما أكد العدو بنفسه خطورة المرجعية بأكثر من مناسبة وتأثيرها على تحشيد الأمة في عملية إفشال مخططاتهم التي تسعى للهيمنة على خيرات العراق واستعباد الأحرار والشرفاء من اهله.
ثالثًا/تجاور البلدين المسلمين العراق وايران:
وتعدّ هذه النعمة عنصر قوة اخرى لو ابتعد الراشد البصير عن فكرة كون دولة إيران مجرد جارة من حيث حدودها الجغرافية فقط، لتأكد من قصور النظرة التي تدل على عدم وضوح الرؤية الأهم والتي تبعد صاحبها عن حقيقة ما لتلك المشتركات العقائدية والانسانية والتاريخية من أهمية قصوى، فإيران تعدّ القوةً الإقليمية من حيث انها تحتل مركزا هامّا في أمن الطاقة الدولية والاقتصاد العالمي بسبب احتياطاتها الكبيرة من النفط والغاز الطبيعي وهذا بلا شك مما يُرعب العدو ويقض مضجعه، كما يدفع هذا بكل ذي بصيرة أن يتخذ من هذه الدولة سندًا يغيظ به الاستكبار وأدواتهم لما لديها من الحرص والغيرة على مصالح شركائها من الشعوب المستضعفة كما هو ثابت في منهج دولة ولاية الفقيه المباركة، إضافة الى مايؤرق العدو حينما يرصد شراكة البلدين في المسيرة المليونية التي وحدها تحتاج إلى دراسة بحثية عميقة لما لها من ابعاد عقائدية سياسية اجتماعية إنسانية وحسبنا انها عنصر قوة يضاف إلى رصيد قوتنا وقد ثبت ذلك بالتجربة العملية لتصبح واقعًا لامناص منه.
رابعًا/ الحشد الشعبي المقدس:-
وهذا مالا يخفى على منصف حينما يغوص في بحر هذه القوة العقائدية التي أصبحت ضرورة لااستغناء عنها ، لما أثبت الحشد المقدس من حرص واخلاص وتضحية من أجل استقرار البلد وأمانه وهو يضع النقاط على الحروف بإثبات
قدراته التي أغاضت اعداء الإنسانية وأبطلت خطط المراهنين على ضعفه وهوانه وإقصائه بعد أن رسموا سيناريو -غربي داعشي خليجي بعثي- لتقطيع أوصال العراق وتمزيق وحدته والوصول به إلى مستنقع الرذائل والانخطاط، ولكنّ اللهَ سلّم!!
فكل هذه العناصر الإيجابية المقدسة ونقاط القوة، وغيرها كثير،
ينبغي لنا الحفاظ عليها وإظهار حقيقة هيبتها سيما وأنها تتعرض اليوم لعملية تحجيم وتضعيف غريبة وملفتة للنظر بدعوى أن الشيعة سجلوا فشلًا ذريعًا في إدارة الحكم، وقد ساعد على ذلك البعض المأجور ممن يدمنون الأرتزاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليتجاوزوا كل الحدود لعرض السلبيات والاخطاء والهفوات في هذا المكوّن الشيعي المتراصّ الذي ينتهج خط آل محمد "عليهم السلام" كما لو أن العالم يخلو من كل هفوة وكبوة، وأن الشعوب الأخرى تعيش بلا أخطاء وانحراف، أما الانسان الشيعي في العالم عامة وفي العراق خاصة فانه مصدر الصفات الذميمة، والممارسات الخاطئة!! فحريّ بكل شيعيّ غيور أن يسخّر مالديه من إمكانيات ليلفت أنظار العالم إلى حقيقة مايملك الشيعي من مصادر قوة يشترك فيها مع دول محاور التمهيد وهي في شغلٍ عما يفعل الظالمون، إذ أنها تعدّ العدّة لإقامة حكم الله في الأرض أساسه العدل والأمان والمساواة بقيادة القائد الأقدس بقية الله في الأرض الحجّة بن الحسن"أرواحنا فداه"
٢٣-ذوالحجة١٤٤٣هج
٢٥-٧-٢٠٢٢م