المقالات

الأعمال ثـمار النيَّات..


كوثر العزاوي ||   كثيرًا ما يَنظر الناس إلى العمل على أساس حجمهِ ونتيجتهِ، فمتى كان كبيرًا وتطلّب جهدًا كبيرًا أو كلّف مالاً كثيرًا فذلك هو "الإنجاز الأفضل" ومحطّ أنظار واهتمام الآخرين، أما العمل الذي يتطلّب جهدًا أقلّ أو مالًا أقلّ أو وقتًا اقل أو لايجد مساحة ، فذلك الأدنى الذي لايُبهر العقول! فهل ياترى أنّ هذا المعيار صحيحٌ عند أهل المعرفة والحقّ؟!! يقول العارف الكبير العلامة الطهراني رضوان الله عليه: "مهما كان العمل كبيرًا، فإذا لم يَقم به الإنسان لوجهِ الله تعالى، فمثلهُ كمثل الجثّة الضخمة، ولكن مهما كان العمل صغيرًا، إذا فعله الإنسان لوجه الله فهو حيّ"  إذن: نفهم من ذلك أنّ كل عمل له حياة فهو حيٌّ والعكس صحيح، إضافة الى ذلك، أنّ العمل الذي يعتمد معيار الكثرة أو الضخامة أو الجهد وغير ذلك، لا بركة فيه ولايرقى مالم يُعزَّز بالنية والقربة إلى الله تعالى! فالنيّة هي، المنظور الأوّل في أي عمل صادرٍ من المكلّف بما في ذلك  الاعمال الإنسانية والأخلاقية، وهي القيمة الفعلية له. عن النبيّ صلى الله عليه وآله: {إنّما الأعمال بالنيّات، ولكلّ امرئ ما نوى} وإنّ {النيّة أساس العمل} وإنّ (الأعمال ثـمار النيّات} وثمّة خصوصية في الحديث عندما يرِدُ ذكر المؤمن على لسان المصطفى"صلى الله عليه وآله" بهذا الشأن قائلًا{إنّ نيّة المؤمن خيرٌ من عمله ونيّة الفاجر شرٌّ من عمله} فما السرّ في تفضيل نيّة المؤمن على عمله؟! نجده واضحًا في جواب الإمام الصادق "عليه السلام"  {لأنّ العمل ربّما كان رياءً للمخلوقين، والنيّة خالصة لربّ العالمين، فيُعطي تعالى على النيّة ما لا يُعطي على العمل}.بحارالانوار.. وفي مثلِ هذا التصويب محض عِظة وتربية للذين يريدون وجهَ الله ليؤسّسوا اعمالهم على التقوى والإخلاص من منطلق ذات النهج المحمدي الأصيل للعترة الطاهرة الموسوم بآية. {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} الإنسان ٩  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر} البقرة ٢٦٤ فالغاية إذن من ايّ عمل مقرون بالإخلاص، هو رضا الله"عزوجل" ومقابل هذا، إنّ على الإنسان أن يعيش هاجس الخوف من عدم رضا الله عنه مع ترسيخ حسن الظن به سبحانه، لأن الأنسان لايملك شهادة اعتماد أنَّ اللهَ راضٍ عنه، ولعل هذه تعَدّ وسوسة عقلائية منطقية من النوع الراقي! فلكلّ عملٍ قيمة كامنة فيه والنية الخالصة هي القيمة المؤكدة حيث أنها إنّما تُمثّل المحتوى الداخلي للفرد ، وهذا المحتوى أهمّ من العمل بطبيعة الحال، ومنه  يتّضح لنا السرّ في التفاوت الحاصل في الفعل الواقع خيرًا كان أو شرًّا، ألا وإنّ سرَّ الراحة في الاخلاص. عَنْ أبي عَبْدِاللهِ عليه السلام في قَوْلِ الله تَعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلً﴾قَالَ: "لَيْسَ يَعْنِي أَكْثَرَ عَمَلاً، ولَكِنْ أَصْوَبَكُمْ عَمَلاً وإِنَّمَا الإِصَابَةُ خَشْيَةُ الله والنِّيَّةُ الصَّادِقَةُ والْحَسَنَةُ،  ثُمَّ قَالَ: الإِبْقَاءُ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى يَخْلُصَ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ، والْعَمَلُ الْخَالِصُ هو الَّذِي لَا تُرِيدُ أَنْ يَحْمَدَكَ عَلَيْه أَحَدٌ إِلَّا الله عَزَّ وجَلَّ، والنِّيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعَمَلِ، أَلَا وإِنَّ النِّيَّةَ هِيَ الْعَمَلُ ثُمَّ تَلَا قَوْلَه عَزَّ وجَلَّ: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ يَعْنِي عَلَى نِيَّتِه" كما ورد في روايات اهل البيت "عليهم السلام"   ٢٣-ذوالقعدة١٤٤٣هج  ٢٣-٦-٢٠٢٢م
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك