جمعة العطواني *||
*مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
كما هو معتاد في كلمات الامام الخامنئي ( دام ظله) في ذكرى عروج روح (روح الله ) الامام الخميني( قدس) الشريف نراه يتحدث بتفاعل وعنفوان استثنائيين ، كما ان روح الامل والثقة بمشروع الامام هي ثقة نابعة ليس من بعد عاطفي او معنوي فحسب، بل هذه الثقة نابعة من الحقيقة الغيبية التي ترجمها الامام رضوان الله تعالى عليه الى واقع سياسي واجتماعي وعقائدي، ترجم فيه قيم الاسلام وثوابته ومبادئه الى سلوك عملي، بعنوان دولة ونظام تجاوز بعده الجغرافي على مساحة الجمهورية الاسلامية في ايران، وانما امتد الى محور بحجم محور المقاومة الذي تعالى على كل الحدود القومية والجغرافية والطائفية التي خنقت الاسلام منذ قرون .
ولان الثورة الاسلامية في ايران هي ثورة اسلامية خالصة ( لا شرقية ولا غربية) اضاء زيتها تخوم البلاد الاسلامية، ولامست هموم المستضعفين، وتبنت مفاهيم الاسلام في مواجهة الطغاة والمتسكبرين، نرى الامام الخامنئي يؤكد في كلمته على بعض النقاط المهمة منها.
اولا: ان الامام الخميني العظيم هو روح الثورة الاسلامية والجمهورية الاسلامية، واذا ما نزعت هذه الروح منها ستبقى نقشا على الجدران.
في هذه الجملة يريد القائد الخامنئي الاشارة الى حقيقة ان الامام الخميني ليس قائدا او مرجعا او ثائرا ضد الاستبداد والظلم الذي ترزح تحت وطأته شعوب العالم الاسلامي فحسب ، بل ان الاسلام تجسد بروح الامام، فاصبح الامام روح الثورة الاسلامية ، فكان الامام رضوان الله تعالى عليه في حركاته وسكناته انما يحمل الاسلام مشروعا في وجدانه وسلوكه ومواقفه قبل ان ان يتحول الى ثورة ، والثورة الى دولة ، والدولة الى امة، والامة الى محور لمواجهة المستكبرين.
ثانيا: ان الامام الخميني مراقب للقيام لله ، والهدف من القيام لله هو اقامة الحق والعدل والقسط ونشر المعنوية .
وهنا يشير القائد الخامنئي الى حقيقة الاهداف السامية التي يحملها الامام رضوان الله تعالى عليه في مشروعه الالهي، فحركة الامام وقيامه كان لله تعالى وبالله وفي سبيل الله .
حركة الامام كانت باتجاهين مادي ومعنوي. ونقصد بالمادي نشر العدل ورفع الظلم ومقارعة طواغيت عصرنا الراهن، من اعداء الاسلام والمستضعفين في الارض.
والمعنوي تطبيق الجانب العبادي والروحي بين المسلمين من اقامة الشعائر الاسلامية التي تبني روح الانسان وتربطه بخالقه وبدينه الذي يتحرك باتجاهين مادي ومعنوي.
ثالثا: ان الامام الخميني شخصية استثنائية، ولم يكن امام الامس فقط، وانما هو امام اليوم والمستقبل ايضا.
وفي هذه الفقرة يشير القائد الخامنئي الى ما ذكرناه سابقا، ان الامام الخمنيي هو امام المستقبل لان مشروعه ليس مشروعا شخصيا او آنيا، او استجابة لتداعيات او تحديات ظرفية حتى يمكن ان ينتهي بانتهاء مقتضيات ذلك الظرف والتحديات، بل هو مشروع اسلامي، وان الاسلام ليس وليد لحظته بقدر ما هو وليد كل زمان ومكان، ولان ارتباط الامام الخميني بالاسلام ارتباط وجودي فسيبقى خالدا ما دامت روح الاسلام تنبض في قلوب الشعوب الاسلامية، وما دامت حالة العنفوان والثورية حاضرة في محور المقاومة، حتى يمن الله تعالى بتلك الطلعة البهية لصاحب العصر عج الله تعالى فرجه الشريف.
رابعا: تسال الصحفية البريطانية الامام الخميني عن احتمال ان يخفت بريق الثورة الاسلامية بعد رحيله من الدنيا.
اجاب الامام تلك الصحفية (والثورة الاسلامية في ايامها الاولى) قائلا: ان الثورة الاسلامية هدية الله ، والله تعالى لا يمن بهديته.
ان الامام متيقن من ديمومة الثورة وخلودها، كونها مرتبطة بقيم اسلامية خالدة، وهي وعد الهي وهدية من الله، والله لا يمن بهديته ، وما نراه اليوم من ديمومة الجمهورية الاسلامية وانتشار نورها من جغرافية ايران الى كل اصقاع المستضعفين في الارض، ومن البعد القومي الذي حاول البعض تقزيمها فيه الى افاقها الرحبة، لتشمل كل الانتماءات الدينية والمذهبية وتتجاوز الابعاد الجغرافية المعروفة .
وفي هذا المضمون اشار القائد الخامنئي الى ان الثورة الاسلامية والدين اليوم اقوى بكثير من اليوم الاول للثورة الاسلامية .
وفي هذه الالتفاتة اشارة الى ما ذكره الامام الخميني للصحفية البريطانية بان الثورة هدية الله، والله لا يمن بهديته.
خامسا: يحاول اعداء الدين والثورة الاسلامية ان يحبطوا عزمية الشعب الايراني، ويزرعوا حالة الياس في قلوبهم، من خلال استغلال وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي في نشر معلومات كاذبة، ( كما وصفها الامام الخامنئي) مفادها ان الشعب الايراني ابتعد عن الثورة الاسلامية وعن الاسلام ورجال الدين.
المجسات العملية التي قرا من خلالها القائد الخامنئي قوة انتماء الشعب الايراني وارتباطه بالثورة الاسلامية وبالاسلام ، هي مجسات عملية ميدانية وليس تصورات او اماني عاطفية، فقد اكد الامام الخامنئي على مجموعة مجسات عبرت عن طبيعة ارتباط الشعب الايراني بمؤسس الجمهورية الاسلامية وبرموزها اكثر من الاوقات السابقة، ومن تلك المجسات :
الف- التشييع المليوني المهيب الذي شيع( الجسد المقطع ) للقائد الشهيد سليماني.
باء- التشيع الكبير للمرجعين اية الله الشيخ الصافي الكلبايكاني واية الله الشيخ البهجت( قدس).
جيم- ( هجوم) الشباب على مراكز الاعتكاف في شر رمضان المبارك.
دال- المشاركة والتفاعل مع النشيد الذي انتشر هذه الايام وهو يحمل السلام والاحترام لبقية الله الاعظم ( عج).
هذه المجسات هي تعبير صادق وحقيقي عن ارتباط الشعب الايراني بالاسلام المحمدي الاصيل، وبقيادة الثورة ومراجع الدين ، فضلا عن ديمومة ارتباطهم بالامام المؤسس الخميني العظيم، وبقائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي، بل ان الحضور المليوني بالذكرى الثالثة والثلاثين لرحيل روح الله هي استفتاء عملي لحقيقة ارتباط الشعب الايراني واعتزازه بهدية الله التي لا يمن بهديته كما قال الامام رضوان الله تعالى عليه.
https://telegram.me/buratha