مثنى الطائي ||
“عالم ما بعد الامام الخميني رض وثورته ليس كما قبله”
في كل مناسبةٍ تتعلق بإمام الامة الراحل الامام روح الله الموسوي الخميني رض لاسيما ذكرى وفاته وانتقاله الى الملكوت الاعلى والذي نعيش ذكراه اليوم تذكرنا دوما بثورته المُعطاء وتأخذنا الى حيث بحر عطاءها لننهل من فيض مبادئها التي لا تنضب لتكون لنا خير ملهمٍ في امور ديننا ودنيانا ، إن ما قامت به الثورة الاسلامية في إيران وما تسببته من إسقاط النظام الشاهنشاهي الطاغوتي المستحكم على مجمل منطقتنا وعمالته لقوى الاستكبار بقيادة الامام الراحل حيث إنها تُمثل إنعطافه جديدة قد غيرت مجرى التاريخ ورسمت مسيرة جديدة للبشرية وبدأت بتدوين حُقبة جديدة وعصرٍ جديدة قد تغيرت فيه الموازين واستبدلت فيه المفاهيم السائدة بأخرى مثلت قيم الاسلام واحكامه في العدالة ومجابهة الظالمين بما يتلائم مع الصورة الحقيقية والرؤية الحقه للاسلام وتعالميه وآدابه وسُننه وأحكامه بعد إن استحكمت أنظمة الكفر وتربع حكام الظُلم والظلال وما مارسوه من طمس الهوية الحقيقية للاسلام ونشر الظُلم والفُحش وكل أنواع الإجرام ومحاربتهم لائمة الهدى ع الذي استخلفهم الله على ارضه وعباده وإقصاء قادته وابعادهم عن مواقع قيادة الامة وإدارة شؤونها .
وبعد إن استحكمت قبضتهم وقويت شكيمتهم وتفردهم بالتسلط على دين العباد وامور دينهم بسبب ما افرزته الامة من خُذلان ابناءها المتخاذلين وغفلتهم عن قضيتهم ومشروعهم ، حتى جاء اليوم الذي أشرقت به نور شمس الاسلام الساطع من جديد لتُنير بضياء هُداها قلوب المؤمنين وتوقد فيها شُعلة الانتصار والثأر للمبادئ والقيم ومعارف الدين القويم بعد إن خيمت سُحب ظُلام اليأس أفئدتهم حتى جاء ذلك الرجل العظيم لينهض من وسط تراكمات الزمن ويحدث ثورة القلوب قبل ثورة الاوطان ضد الكفر والطغيان ليُحيي القلوب بعد موتها ويُنعش الآمال بعد يأسها ويُعز النفوس بعد ذُلها ، ويجدد روح الايمان وتعاليم الاسلام بعد طمسها ويحرك روح الثورة في النفوس والانتصار للقيم ومجابهة الظالمين وممانعة المتغطرسين والمستبدين ليعلنها جمهورية اسلامية لا شرقية ولاغربية .
إنها الثورة التي رسمت واوجدت البداية الجديدة لحركة المستضعفين في مجابهة المستكبرين ، وكان منطلقها ومبعثها ومنشأها من روح وجوهر وتعاليم الاسلام الحنيف وجعلت اهم اسلحتها وقاعدة وسر انتصارها هي عقيدة الايمان بالله والتوكل عليه في مواجهة اعتى اسلحة الظالمين والمتغطرسين والانتصار عليهم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
تلك الثورة التي اصبحت مصداقا عمليا بأنتصار قوة الايمان على وهم الكُفر والضلال وإنتصار عقيدة التوكل ع الله على خُدعة الثقة بالسلاطين والجبارين ، تلك الثورة التي أيقضت فيها العقول ونُبهت فيها الاذهان وحُركت فيها الضمائر والنفوس وصُححت فيها المفاهيم وايقض فيها الغافلون واُرشد فيها الحائرون وهُدت فيها عروش المتجبرون والقابعون على مصير الامم والمتحكمون في شؤونها
إنها الثورة التي اوقدت روح الاسلام من جديد بعد إن أراد أن يطفأ ذلك النور أعداء تلك المسيرة منذُ البدايات والايام الاولى لعصر صدر الاسلام من أعراب الجاهلية الاولى وحلفاءهم من اليهود ومشركوا قريش مرورا بكل خلفاء الكفر وأمراء الضلال وحكومات وأنظمة الظلم ومحاربتهم لنبي ص هذه المسيرة وخلفاءه من الائمة المعصومين الهداة ع وما قاموا به من تسفيه العقول وتضليلها بالقاء الاكاذيب والشبهات لاجل ابعاد الامة عن قيادتها الحقيقة ،
حتى توارثها سلفٍ عن سلف ، فما كان قد نعتوا به أئمتنا بالامس من اكاذيب قد نعت به اسلافهم قادتنا ومراجعنا اليوم لاسيما امام الامة الراحل لتبقى الامة ويبقى المسلمون يرتعون تحت نيران الوهم والجهل والتخلف والعصبية والعبودية والقبلية والضعف والضياع ليضمنوا تسلطهم عليهم ويحكموا قبضة تجبرهم على عرش قيادة هذه الامة ومحو صورة الاسلام الاصيل .
فما تحلت به تلك الشخصية من شمائل وما تميزت به من فضائل وما تمتعت به ملكاتٍ وخصال وعلوم شملت الفقاهة والاصول والاخلاق والعرفان والعلوم الشرعية والمعنوية ، والرياضيات والفلسفة والسياسة والثورية ومختلف العلوم التطبيقية ، وامتازت شخصيته بالقيادة والكياسة ، وعُرفت بالحكمة والتبصر والشجاعة والصبر والتفاني وتحلت بالورع والتقوى وعفة النفس وبُعهدها عن التفاخر والظهور والتباهي ، كل ذلك يجعلنا امام شخصية نادره في وجودها استثنائية في تجربتها كبيرة في عطاءها فريدة في فيوضها الالهي ، تلك الشخصية التي حفرت عنوانا لها في ذاكرة التاريخ والزمن وضمائر كل الاحرار لم يستطع احد محو وجودها وطمس حقيقتها وعطائها ، فما كانت تلك الثورة أن تكون ويُكتب لها كل هذا النجاح ويُرسم لها كُل هذا النصر ويستديم عطاءها وتتنامى بركاتها ويتعاظم اقتدارها رغم كل المعاناة والتحديات ورغم كل الصعوبات والعراقيل والتضحيات والمنغصات وخطط الاعداء في رسم المؤامرات وفرض الحصار والعقوبات بأخماد وهج ثورتها وهي في مهدها من حروب داخلية وخارجية وتحدياتٍ أمنية وتصفياتٍ جسدية لقادتها، ومضايقات اقتصادية وفتنٍ ومؤامرات داخلية وغيرها لولا الدافع الالهي والهدف الرباني والاخلاص الذي انبثق من قلب ذلك العبد العارف بالله في إقامة حكم الله في الارض واحقاق الحق وإبطال الباطل ومجابهة الظالمين وممانعة المستكبرين والقيام بوظيفة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
حتى قال في حقه المرجع والفيلسوف الكبير سيد شهداء العراق السيد محمد باقر الصدر رض (إن الامام الخميني حقق حلم الانبياء) وقال ايضا: ( كُنّا نَسمع في التاريخ كيف ينتصر الإيمان علىٰ السيف وكُنّا نؤمن بذلك غيبًا أمّا اليوم فَقد جسّد ذلك الإمام الخُمينيّ عمليًّا ، حيث قال ايضا: " ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الإسلام ، كيف تطلبوا مني أن لا أؤيد الإمام الخميني وقد حقق ما كنت أرجوه وأسعى اليه ، إنكم تطلبون المستحيل ولن أبخل بحياتي إذا توقف عليها تحقيق هدفي )
تعلقوا ايها الاحبة بهذه الثورة روحًا وفكرا ونهجا وسلوكا ، فإنها على نهج الحق وهُدى المعصومين ص وتيقنوا إن تلك الثورة المِعطاء ومفجرها وصاحب رايتها وقائد مسيرتها فيما بعد وما اوجدتها من عِزةٍ للامة وما احدثتهُ من اقتدارٍ وإنتصارٍ لها بعد استضعافها واستعبادها من قبل قوى الظلم وأنظمة الاستكبار هي تمثل الشرارة والإنطلاقه الاولى لعصر الظهور الشريف وفاتحة بوابة العلامات والتمهيد الحقيقي لإمام زماننا ارواحنا فداه ، ليبدأ عصرٍ جديد وإشراقةٍ جديدة يمهد فيها المؤمنون والمنتظرون لامام زمانهم إستعدادٍ وإقتدارٍ يُجسد العزة الالهية ويُحقق النصرة المهدوية ويُمهد الارض لاشراق ذلك النور الالهي الذي انتظرته الاجيال كل هذه العصور إن شاء الله تعالى
٢٠٢٢/٦/٣م
https://telegram.me/buratha