كوثر العزاوي ||
ماأروع ماتفرّد به القرآن الكريم
وهو يمازج كلام الله تعالى وفي موارد متعددة مع ذلك الشعور النفسي الذي تمارسه الانسانية على مرِّ الزمن وهو "الشعور بالأمل"عبر آيات الله البينات التي تؤكد أنَّ الأرضَ في نهايةِ المطاف ستمتلئ قسطًا وعدلًا بعد أنْ ملئت ظلمًا وجورًا، وكم عظيم ذلك الشعور عندما يجد الدين وسماحته ينسجم معه ليمنحه قيمته الموضوعية المقدسة، ويحوّله إلى إيمانٍ راسخ بمستقبلِ المسيرة الإنسانية التي تقتضي تثبيت الاعتقاد ليصبح على مر الزمان، مصدر عطاءٍ وقوةٍ، لأنَّ الإيمان بوجود إمام معصوم مفترض الطاعة اسمه( المهدي) وهو غائب والكون ومن فيه ينتظر طلعته البهية لخلاصه من البلايا وأنواع الظلم، فهذا الإيمان هو في الواقع عقيدة الإمامية التي تُلزم المعتقِد برفضِ الظلمِ والجورِ كما لايرضى بغير ولاية الله تعالى أو من نصبه الله وليًا كما النبيّ والوصيّ ومن بعدهم "عليهم السلام" مستنكرا ولاية الطاغوت وأعوانه، فمما يغذي الشعور النفسي ويقويه قوله تعالى:
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}الأنبياء ١٠٥
وقوله تعالى:
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} الصف ٨
وغيرها كثير مما يعمّق الشعور بالاستقرار ويرفع منسوب الأمل ويدفع إلى العطاء ومضاعفة العمل.
-يقول المفكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر "قدس سره" في ذلك: ليس المهدي تجسيدًا لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب، بل هو عنوانٌ لطموح اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها، وصياغة لإلهامٍ فطريٍّ أدرك الناس من خلاله - على الرغم من تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب - أنَّ للإنسانية يومًا موعودًا على الأرض تحقق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير، وهدفها النهائي، وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مرِّ التاريخ استقرارها وطمأنينتها بعد عناء طويل. بل لم يقتصر الشعور بهذا اليوم الغيبي والمستقبل المنتظَر على المؤمنين دينيًا بالغيب وحسب، إنما امتدَّ إلى غيرهم أيضًا من أصحاب الإيديولوجيات والاتجاهات العقائدية الرافضة للغيب والغيبيات، وآمنت بيوم موعود تصفى فيه كل تلك التناقضات ويسود فيه العالم الوئام والسلام.
٢٣ شوال١٤٤٣هج
٢٥-٥-٢٠٢٢م