المقالات

وطني واللص ..!


محمد الكعبي ||

 

·        بلدي والطاغية:

  ظلام دامس يطوق بلدي، السقوف هاوية، الارض تتزلزل، الغراب ينعق، جوع، خوف، رعب، أيتام، سجون، أرامل و بيوت خالية، الانسان في بلدي غريب، في بيته أجير، هناك شرطي وهنا رفيق، رجل أمن فوق الدار، وجاسوس في الزقاق.

 نساء ورجال، كبار وصغار بين سجين وحزين بائس وفقير، مريض لا يجد دواء،   طاغي مخمور، سيفه مأجور، كأسه بالدماء مملوء، أشترى الذمم وكسر الهمم واذل القمم، وشاركته في قتل بلدي الامم. 

الهمس هو الصراخ والصراخ يعني الموت، كل شيء أسود، ليس للأبيض وجود، الغذاء فاسد، والدواء هو الداء، حرب ودمار، الذاهب لا يعود والعائد لايبقى، نحن في بلد الحرمان، كل شيء في وطني تعطل السماء، الارض، الماء، الناس والهواء، وضعنا الايادي على الخدود وجلسنا ننتظر الخلاص.

·        جاء الخلاص

جاءت الدبابة تحمل شعار الحرية، ويرفرف فوقها الدولار وتخفي تحتها  خنجر، أستبشر الناس وصفقت الجماهير وهتفت أهلا بأبناء الوطن، حلم الناس تحقق، ذهب الطاغية، وجاء المهندس والدكتور جاء السيد والحاج، جاء الفرح والسرور.

بدأ يوم جديد لا قتل لا اقصاء لا تهميش لا عائلة تحكم ولا تافه يتسلط، لا قمع لا إرهاب لا اقصاء لا حرمان، عمَّت السعادة بلدي، علم وتطور، رفاه وقانون، امان وإعمار، وداعاً للخوف والخراب انه العراق الجديد، سيبنون مدرسة ومستشفى ويحكم القانون، فكتبوا الدستور لاكن بقلم مكسور.

وطني أجمل الاوطان، عراق الاحلام تحقق، بلد الخير تجدد، أنهار الامل تدفقت، جاءت سحابة تحمل كآبة فأمطرت حقارة، سألتُ ما الخطب؟ أتاني الرد انهم أبناء الدبابة.

 لم تدم الفرحة طويلا، الفرح في بلدي ممنوع والسعادة محظورة والامان مرفوع، عُمر بلدي طويل بطول أنهاره وعالي بعلو جباله وشامخ بشموخ نخيله المقطعة ولكن حزنه عميق بعمق قصب البردي، الحزن وبلدي توأمان لا يفترقان.

جاءوا مع الدبابة لأنهم ابنائها البررة علمتهم كيف يسرقون، يخربون و يقتلون، ألبسونا ثوب الديمقراطية لكنه ممزق.

·        الوجه الحقيقي

أبناء الدبابة نجحوا بأدوارهم أكملوا مشروعهم، أسسوا الاحزاب، واغلقوا الابواب، رفعوا المصاحف، واظهروا الخراب، فشاع الظلم، وعاد الرُعب، فاُسكت المثقف، وقُتلت الكلمة، وأنتشر الجهل، ليكملوا مسيرة هتلر ليعبد الناس العجل، فظهر الفساد والإفساد من جديد، تحول وطني إلى صحراء وصحراء جاري تحولت إلى وطن.

صفقت الجموع للذئب تظنه حمل وديع فأكلها وهي له تهتف، كل الذئاب اجتمعت على وطني  لتقتله، لم يفرق وطني بين الحسين و أبن زياد، خرجت الناس تصفق لصاحب البدلة وربطت العنق الطويلة تظنه الامين، فسرق أموالهم وَرهَنَ نفطهم وباع ارضهم وهو ينادي نعم نعم للمدنية والتكنوقراط، فخذلهم وحول خيرهم لغيرهم، جمع الاموال في بلاد الضباب وترك بلاد التراب غارقة بالخراب.

·        اتفقوا على الخراب

 اتفقوا على قتل الناس، مزقوا الثوب، وأحرقوا الزرع، وجففوا الانهار، وعطلوا المعامل واغلقوا المدارس وهجروا المهندس وأقصوا العلماء، فشوهوا الفكر، ومن أجل مناقصة خطفوا، وعلى مزايدة تقاتلوا، لا يخجلون لأنهم أبناء الدبابة، إنها زانية ركبها الكثير، فأفسدوا كل شيء ليقسموا البلد بينهم، فأسسوا المولات وتقاتلوا على المالات، وبنفس الحجر الناس تعثر، فتترحم على الماضي وتلعن الحاضر، وتصفق للظالم وتستغفر للمجرم وتبرر للسارق.

·        ندائي الى شعبي

  كل شيء في بلدي حزين هل هناك ولادة جديدة؟

 أم انها عسيرة ومخاضها صعب؟

 أستلد مثل سابقتها؟

وطني بين قائد جائع ومسؤول بائع وبرلمان تابع، يأكل لا يشبع، يأكل يأكل لا يقنع

 شعاره هل من مزيد، يريد أن يعوض حرمان الماضي.

 شعبي اترك جالوت وانصر طالوت وكن مع داوود عندها يضرب الحجر رأس هُبل فيسقط من كعبته، كفى نوماً على بقايا الاخرين كفى بكاءاً وعويل، اصرخ بوجه الطغاة، بصوت عالِ إنهم اصنام وإن احاطهم الحرس فانهم من ورق، اهتف أرحلوا أرحلوا إلى اسيادكم، فان ارضيّ محرمة عليكم، إن رائحتكم كريهة وشكلكم قبيح وعملكم بشع أذهبوا بعيدا  وطني أكبر منكم.

  صرخة وطن

وطني يصرخ بصوت مرتفع يريد ان يكسر قيود الاسر ويخرج من زنزانة العبودية، ليقول أرضي مقدسة بدماء الشهداء، ليس فيها مكان للدخلاء، بلدي ضمني إلى صدرك، وخذ بيدي إلى الخلاص، أنا يتيم أريد أبي، أنا فقير أريد مالي، أنا جائع أريد رغيفي، أنا خائف أريد أمان، أريد أرضي المغتصبة، أريدها ان تتحرر من ابناء الدبابة كي نجتمع سوية تحت سماء الحرية، جفف دموعك ياعراق انت أكبر من أن تبكي فكل الغزاة أصغر وأحقر من ان يجعلوك تبكي، هم يذهبون وأنت باقٍ، سيسجل التأريخ إن الاجير اراد أن يغتصبك  لكنك سحقته بقدمك، ليس للدعيّ أن يحكم الحر ولا اللئيم يقود الكريم، ولا اللصيق يسود الاصيل، ويبقى القزم قزم وان لبس ثوب العملاق.

لا تتعب نفسك ايها اللص فلا تحاول أن تتجمل أو تتعطر فلا ذهابك للحج يجعلني احترمك ولا دموعك تغشني فانت حقير، آه يا وطني  كلها تكالبت عليك وانت كبير فكم أنت عظيم، ترابك غالي، ومائك عذب وسمائك صافية، كل شيء فيك جميل رغم الدموع والجروح، إني احبك لأنك وطني.

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك