زيد نجم الدين ||
عندما تبنى السيد مقتدى الصدر و حلفاءهِ مشروع حكومة الاغلبية السياسية؛ في حينها كانت مواصفات الكتلة التي تحقق الاغلبية السياسية تختلف بشكل جذري عما آلت اليه الاحداث لاحقاً.
كان التحالف الثلاثي يعتقد إن إحراز الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس النيابي كفيل بتحقق الاغلبية البرلمانية القادرة على انتاج حكومة الأغلبية، إلا ان هذا الإعتقاد لم يعد صائباً بعد أن تغيرت مواصفات كتلة الأغلبية النيابية. فبعد تفسير المحكمة الاتحادية للمادة ٦٧ من الدستور، تغيرت مواصفة النصاب من الأغلبية المطلقة الى أغلبية الثلثين، الشئ الذي كان أشبه بالمفاجأة لقوى تحالف إنقاذ وطن. المواصفة الثانية التي تم تغييرها هي الظرف الزمني الذي يتم فيه تثبيت الكتلة الاكبر بشكل رسمي، فلم تعد الجلسة الاولى للبرلمان هي موعد الاعلان الرسمي في ضوء تفاسير لاحقة قدمتها المحكمة الاتحادية.
مع كل هذه التغيرات المهمه بقيَ السيد الصدر مصراً على المضي قدماً في محاولاته المتكررة لتحقيق نصاب جلسة انتخاب الرئيس، لكن الإخفاق كان مصير تلك المساعي وفي اكثر من مناسبة. والذي كرس المشهد تأزماً هو اكتساح تحالف انقاذ وطن لمعظم المواقع الرقابية في البرلمان و التي تعتبر من ادوات عمل اي فريق يتجه للمعارضة ، ما دفع الاخرين الى التمسك بموقفهم المقاطع لجلسات انتخاب الرئيس.
لو كان السيد الصدر و حلفاءه على علم مسبق بتفسير المحكمة الإتحادية للمادة ٦٧ من الدستور (و التي تتحدث عن نصاب جلسة إنتخاب الرئيس) ، لكانت خارطة الاتفاقات و التحالفات مرسومة وفق رؤيا مختلفة، رؤيا تضمن لهم (تحالف انقاذ وطن) تحقيق أغلبية الثلثين. من وجهة نظري ؛ للوصول الى حكومة أغلبية بمفهومها الحقيقي، نحتاج لتأسيس مسبق لهذه المرحلة، بعبارة اخرى ؛نحتاج لإجراء تحضيرات على مستوى التشريعات لتأمين إنتقالة مرنة من المنهجية التوافقية المعهودة نحو المهنجية الجديد، منهجية المعارضة و المولاة في ادارة الدولة. بلا تحضير مسبق ؛ لا يمكن ان تتبلور لدينا معارضة حقيقية في مجلس النواب دون العمل على تشجيعها و تمكينها من خلال تشريعات و آليات تضمن لها دوراً مهما في تقويم الأداء الحكومي.
ما يقوم به السيد الصدر من اصرار على تثبيت فكرة الأغلبية و الموالاة كمنهجية في إدارة الدولة العراقية، في الحقيقة يستحق الثناء و التقدير ، لكن الانسداد السياسي الذي يمر به البلد اليوم يتطلب التراجع خطوة للوراء لكسب خطوتين للأمام. في لغة الأرقام لن يتمكن تحالف إنقاذ وطن من كسب ٢٢٠ نائباً بوجود ثلث مقاطع متماسك، و هذا ما ثبُت في محاولتين سابقتين. وحتى لا يُهدر الوقت و قبل أن ندخل في خرق أخر للتوقيتات الدستورية، أقول : لابد للقوى السياسية و على رأسها الكتلة الصدرية أن تبحث وسائل و حلول جديدة ممكنة تفضي الى تشكيل حكومة قادرة على التأسيس لمرحلة جديدة من إدارة الدولة فق منهجية المولاة و المعارضة.
https://telegram.me/buratha