إيمان عبد الرحمن الدشتي ||
سبحان الذي قهر عباده بالموت والفناء، إذ يشمخ ابن آدم بانفه وينظر بعطفه جذلان مسرورا، فيرى ان الدنيا له مستوسقة، والامور له متسقة، فينسى أنه في رحلة "مؤقتة" وسيأتي اليوم الذي يضع فيها رحله ويفارق كل ما هو متمسك به "رغما عنه".
كل يوم نسمع همسات ملك الموت في آذاننا وبصوت رخيم:
يابن آدم فلان رحل!، من التقيت به البارحة وتواعدتما على لقاء آخر لم يستيقظ من نومه إذ باغتُه بالموت!، عريس الأمس مسجى اليوم!، صخرة المغتسل التي عليها رفيقك ستكون عليها انت يوما ما!، القبر بظلامه المخيف هذا والذي أنزلت فيه خليلك، مثله سيضمك!، والداك اللذان عشت في كنفهما سنينا من عمرك فارقاك وسيفارقك أولادك أيضا!، في ذلك الحادث أخذتُ روح طفل صغير وشيخ كبير وكهل وشاب في مقتبل العمر ومن كلا الجنسين، ولم امهلهم هنيأة، ولم اطالبهم بهوية إثبات منصب كانوا فيه او قرابتهم من مسؤول او زعامتهم لقوم ليتم استثناؤهم او استبدالهم، فليس في قاموسي مفهوم لهذه المفردات، وكلهم عندي سواسية.
قمت بكل ذلك وبلا تردد او وجل من عتاب أحد، فما يهمني هو اخلاصي في عملي الذي اوكلني الله تعالى إياه، ولكي لا تتطاول ألسنتكم!! (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون 99 - 100].
ثم يردف هامسا:
يابني آدم، هل تدبرتم في القرون الماضية؟، أو في رحيل جد أو جدة أو عم أو عمة أو خال أو خالة أو اخ أو ولد أو جار أو صديق ممن عاصرتموهم؟!، بل هل تذكرون أن جميع الأنبياء والمرسلين والائمة والصالحين الذين قبضت أرواحهم هم أولياء لله ومقربون منه؟، ورغم ذلك لم استثنهم، بل جعلت ذلك حجة عليكم ورُسُلي إليكم، فما قيمتكم انتم؟!، انسيتم انكم أفسدتم وفتكتم، سرقتم واغتبتم، تحايلتم واستضعفتم، ظلمتم وكنزتم، و...، و...؟!، أم تظنون أني سأترككم او لا اقسو عليكم؟!.
وكأننا به يهمس أيضا:
اعلموا يا بني آدم، ان دنياكم أياما معدودة واخرتكم دائمة بلا زوال، ومن الحمق بيعكم سعادة حياة تدوم بأخرى دوامها من المُحال.
بعد كل هذه الرسائل والايضاحات من ملك الموت، هل سنخاطبه بأننا جاهزون ومرحبون به في اي ساعة شاء أن يحضر، أم بإمكاننا الفرار؟!!.
27003
https://telegram.me/buratha