د بلال الخليفة ||
شاهدت الليلة الماضية برنامج حول المصنوعات اليدوية المحلية وان أحد الحرفيين قال كلمة (ان سعر الحاجة المستوردة المشابهة لعملنا تكون أرخص وبالتالي توقف عملنا) ووهي التي دعتني الى كتابة هذه المقال.
العراق بلد ريعي بالكامل ومنذ بداية الستينيات من القرن الماضي وارتفاع الصادرات النفطية وهو بدا بإهمال قطاعات مهمه كانت ترفد الموازنة العامة بإيرادات مالية، فالحكومات المتعاقبة لم تختلف في ذلك وحتى التي أتت بعد عام 2003 وتغيير النظام، وخير شاهد انها تخصص سنويا لوزارة النفط 11.5 تريليون دينار (في موازنة عام 2021) بينما كانت تخصيصات وزارة الصناعة والمعادن لنفس العام هي 1.288 تريليون دينار، وهذا يعكس بوصلة اهتمام الحكومة في قطاع النفط واهمالها لبقية القطاعات، للعلم ان المبلغ هو في معظمة تشغيلي.
لذلك الميزان التجاري العراق، صح انه موجب، لكن يعاني من خلل كبير وهو اعتماد الصادرات النفطية فقط.
ان الصادرات الاخرى غير النفطية بالعراق لم تحتل مكانه جيدة ولم تهتم الدولة وحتى بعد 2003 بهذا الامر بل كان مصيره الاهمال حتى أصبح العراق دولة ريعية بامتياز وكان له تأثير كبير في الموازنات الاتحادية حيث تتأثر وبشكل مباشر بسعر البرميل وهذا ما حصل بعد عام 2014 نتيجة الازمة العالمية وحدوث عجز بالموازنات الاتحادية وكذلك في عام 2017 واما عام 2019 فكانت الازمة اشد خلال جائه كورونا.
وفي الجدول ادناه سنوضح نسبة حجم الصادرات الأخرى غير النفطية الى الصادرات النفطية والتي تكاد تقترب من الصفر.
السنة نسبة الصادرات الغير نفطية الى الصادرات النفطية (%)
2004 0.023
2005 0.032
2006 0.022
2007 0.018
2008 0.0141
2009 0.017
2010 0.004
2011 0.002
2012 0.008
2013 0.004
2014 0.004
2015 0.005
2016 0.004
2017 0.005
2018 0.005
ان قيمة الصادرات غير النفطية هي قليلة جدا ولذلك يعد العراق من الدول الريعية للأسف حتى ان الاستثمار الذي شهدة العراق بعد تغيير النظام وصيحات الخصخصة لم يشمل القطاعات الاخرى غير النفطية وهذه أحد الاخطاء الكبيرة للساسة الجدد.
وبالتالي ان العراق مستورد بنسبة أكثر من 99% من السلع المستهلكة محليا ووصل الامر حتى الخضروات يقوم باستيرادها من الخارج.
السياسة الاقتصادية الخاطئة، أعطت تسهيلات للتجار تفوق التسهيلات لقطاع الصناعة بشقية الخاص والعام وتكان لا تذكر أي تسهيلات في الصناعة.
نعود لطريق الحرير، ان مر طريق الحرير في العراق، فان قيمة السلع الصينية ستكون اقل مما هي عليه الان، مع ملاحظة ان الأسعار للسلع الصينية هي رخيصة وان أي صناعة محلية او غير محلية لا تستطيع منافسة السلع الصينية من حيث السعر لا الجودة، وبالتالي ان كانت الصناعة الان لا تستطيع مجاراة السلع الصينية، فكيف الحال ان انخفض السعر أكثر.
ربما يرد علي أحد الاخوة ويقول ان الصين ستبني مصانع في العراق، فاقو لان مصلحة الصين والغرب هي بان تجعل العالم سوق لمنتجاتها ومصدر للموارد الأولية التي تدخل في صناعتها، وان بناء أي مصنع سيكون له الأثر الاقتصادي السيء على الصين والغرب وهذا لا يعود عليهم بالنفع.
وبالتي ان الدول التي تقع في مسار طريق الحرير اما ان تكون هي مصنعه وبالتالي تستفيد من الطريق في تصدير بضاعتها غير النفطية واما يجب عليها بفرض ضرائب وكمرك عالي تحت قانون حماية المنتج الوطني بحيث توازن السلعة المستوردة بالسلعة المنتجة محليا ونكون قد حافظنا على الصناعة وكذلك زيدنا الإيرادات الغير نفطية.
لكن هذه الخطوة لا يمكن ان تكون في العراق، لان الإقليم لا يأتمر بقرارات الحكومة المركزية ولديهم تعريفة كمركية خاصة بهم وشاهدنا ذلك قبل أشهر حينما قررت الحكومة بغلق المنافذ بوجه بعض السلع، لكن الإقليم استمر باستيراد تلك السلع.
النتيجة
ان الموضوع الاقتصادي شائك وعلاجه يحتاج لعدة قرارات حازمة ومنها فيما يتعلق بالإقليم والتعامل مع الشرق او الغرب