د بلال الخليفة ||
اليوم تم توقيع اتفاقية لاستيراد الكهرباء من السعودية ضمن برنامج الربط الشبكي مع دول الجوار مثل الأردن ومصر، ففي هذه الأيام يعاني المواطن العراقي في شحة كبيرة جدا في ساعات التجهيز بالطاقة الكهربائية قد تصل لأربع ساعات يوميا، والسبب حسب ما صرحت به وزارة الكهرباء هو انخفاض في كمية الغاز المستورد من إيران، والذي اخرج ست الاف ميكاواط من الشبكة.
لنناقش الامر من اتجاهين
· الأول: كمية الإنتاج
تقول وزارة الكهرباء ان الإنتاج هو أكثر من 20 ألف ميكا واط وان الخط الغاز الإيراني تسبب بخروج 6 الاف ميكاواط ويعني ان المتبقي هو 14 ألف ميكاواط وان الاحتياج الفعلي لنفرض 30 ألف ميكاواط وبالتالي ان ساعات تجهيز المواطن يجب ان تكون في اقل التقديرات ساعتين تجهيز بساعتين إطفاء أي مجموع التجهيز هو 12 ساعة يوميا.
لكن نلاحظ ان التجهيز هو أربع ساعات، فاذا تم حسابها بالنسبة والتناسب فيكون الناتج ان ما يتم توصيلة للمواطن هو 5 الاف ميكاواط فقط ونتيجة لذلك نكون امام احتمالين لا ثالث لهم:
1 – ان الكهرباء من توليد او نقل تعاني من مشاكل كبيرة أدت الى نقص كبير بالتجهيز وان وزارة الكهرباء تحججت بالخط الإيراني.
2 – ان تقليل تجهيز الكهرباء، هو امر سياسي تكون من وراءه غايات أخرى او تمرير قرارات مصيرية.
· ثانيا: الخط الإيراني للغاز
في هذا الجانب عدة ملاحظات، واهمها: -
1 - الكثير لا يعلم ان الغاز العراقي حتى لو تم استغلاله بالكامل فانه لا يسد احتياج العراق في توليد كامل للطاقة الكهربائية،
2 - كما ان استيراد الغاز او الكهرباء لا يتم الا برخصة من أمريكا وبالتالي ان القرار هو بيد الامريكان وعادة ما تتأخر رخصة الاستيراد بعد نفادها عدة أيام تستغل إعلاميا ضد إيران.
3 – ليس من مصلحة إيران ان لا تصدر غاز للعراق لأنها تعاني من حصار شديد منذ أكثر من أربعين عاما فرضة الامريكان وبالتالي ان تصدير الطاقة للعراق هو منفذ مهم لها ومن غير الممكن ان تفرط فيه، وبالتالي هي مهتمة بالتصدير لا إيقاف التصدير.
4 – ان العراق لم يدفع ما بذمته من ديون نتيجة استيراده للغاز وبلغت عدة مليارات وبالتالي ان إيران من حقها ان تطالب بمستحقاتها المالية وان العراق ملزم بدفع ما علية من ديون خصوصا وإننا نسمع بزيادة حيازة العراق للسندات المالية والذي بلغ أكثر من 21 مليار دولار وكان الاجدر به ان يدفع ما عليه من ديون في مسالة مهمه تخص حياة المواطن الاعتيادية وهي الطاقة الكهربائية.
5 – ان دفع الأموال التي هي ديون لإيران لا يتم الا بإجازة وموافقة الولايات المتحدة الامريكية وبالتالي ان التأخير اما ان تتحمله الحكومة او يتحمله الامريكان.
كما أنى تكلمت في مقال سابق عن الربط الشبكي الكهربائي مع الجوار وبالخصوص مع مصر والخليج، لكن الان اردت ان اتناول الموضوع من عدة جوانب
· الجانب الاول. المواطن
المواطن غير معني من اين تأتي الكهرباء هذا على الاعم الاغلب، الا الذين يتبعون اجندات سياسية او تأثيرات حزبيه او طائفية، وبالتالي هو مهتم في زيادة ساعات التجهيز بالطاقة الكهربائية التي باتت كالحلم الذي لا يمكن ان يتحقق، لكن بالمقابل هو يعلم، اي المواطن ان الحل بالربط الشبكي هذا هو لا يسمن ولا يغني عن جوع.
· الجانب الثاني. الفني والاقتصادي
ان الربط الشبكي الكهربائي مع الخليج سيزود العراق ب 500 - 600 ميكاواط فقط وان الاحتياج الفعلي هو أكثر من 31 ألف ميكاواط وان التوليد أي الطاقة المنتجة حاليا في أحسن ظروفها وصلا 20 ألف ميكا واط أي ان الاحتياج الفعلي الان ان اشتغلت جميع المحطات، يكون النقص هو 10 الاف ميكاواط وبالتالي ان الربط الشبكي مع الخليج سيزود الشبكة بما نسبته 6 % من مقدار النقص و1.9 % من الكلي، وبالتالي هي نسبة بسيطة بما يحتاجه العراق.
ان مقدار تكلفة مد خطوط النقل كبيرة مقارنة بما يتم استيراده من الطاقة الكهربائية فمثلا ان مد خطوط النقل الى مصر، تكون كلفتها هو 2.7 مليار دولار واما تكلفة المد الشبكي مع الخليج، لم يعلن عنه، لكن المفارقة ان تلك المبالغ المصروفة على خطوط نقل الطاقة من دول الجوار تكون كافية لأنشاء محطات:
1 - محطة غازية تصل سعة توليدها لأكثر من 3.5 ألف ميكاواط بالسعر العالمي الحالي
2 – المحطات الغازية، بالاعتماد على كلفة انشاء محطة لتوليد طاقة شمسية مع شركة باورجاينا الصينية والتي كان العقد مليار دولار لمحطة توليد 2 الفين ميكا واط، وبالتالي ان المبلغ كافي لإنشاء محطة طاقة شمسية ذات سعة 4.8 ألف ميكاواط.
· محاذير الربط الشبكي:
1 – يتحمل العراق كلف كبيرة وهي كلف الخطوط الناقة والتي تم ايضاحها في أعلاه.
2 – يتحمل الخط كلف إضافية وهي الترانزيت بالدول التي يمر فيها والأردن بالذات.
3 – الخطوط الناقلة هي تمر بمساحات كبيرة من الأراضي الجرداء والغير مأهولة وكما نعلم تكون صيد ثمين للمخربين والدواعش، وبالتالي ان المخاطر كبيرة تهدد تلك الخطوط.
4 – طول الخطوط يؤدي الى فقدان كبير بالطاقة وانخفاض بالفولتية، وهذا يعني ان أموال تتبدد في الطريق قبل وصولها للعراق.
· حلول أخرى أكثر أهمية
1 – كان الأفضل الذهاب باتجاه الاستثمار الأجنبي لإنشاء محطات داخل الأراضي العراقية وبالتالي ان المحاذير الثلاث التي كتبت أعلاه ستكون غير موجودة ويضاف اليها الفوائد الاتية:
أ – سيتم تشغيل الكثير من الايدي العاملة، وكما تعلمون ان معدلات البطالة في تزايد مرعب وكبير.
ب – تقليل المفاقيد بالطاقة الكهربائية نتيجة بعد المسافة.
ج – تقليل الكلف وبالخصوص التي تكون على الخطوط.
د – ان الاستثمار يؤدي الى خلق بيئة إيجابية ومشجعة لا استثمارات أخرى.
هـ - ان وجود المحطات داخل العراق يؤدي الى تحريك الاقتصاد وبالخصوص المنطقة التي تقع المحطة فيها.
· الخلاصة
1 - سيكون تأثير الربط الشبكي بسيط وغير محسوس، رغم ان الربط الشبكي فيه بعض الإيجابيات منها زيادة الموثوقية في امداد المواطن بالطاقة الكهربائية، لكن المفروض ان تكون القدرة المجهزة أكبر.
2 - كان الاجدر الذهاب الى حلول أخرى مثل الاستثمار ونتمنى ان تكون من ضمن الخطوات القادمة. ان هذه الخطوة تبين لنا عدم جدية الوزارة في حل ازمة الكهرباء.
3 - من الأمور المهمه التي تتبين لنا ان الحكومات السابقة كانت غير جادة في وضع حل استراتيجي لقطاع الكهرباء.
ان الذهاب الى السعودية هو اختيار غير جيد، لانها في حرب مع اليمن وان الأيام الأخيرة شهدت قصف في المناطق النفطية والطاقة ومنها أرامكو من قبل اليمنيين ردا على قصف شديد قامت به السعودية، وبالتالي ان مصادر الطاقة لسعودية غير موثوقة.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha